سعد تركي منذ أن اضطررتُ ـ بحكم الحاجة ـ إلى اقتطاع حديقة البيت وبيعها في سنوات الحصار، أصبح أبو محمد، كهربائي السيارات، جاري وصديقي.. جاري بحكم السكن طبعاً، أما الصداقة فقد فرضها عليّ بتعسف مستغلاً حياءً متأصلاً في طبعي يمنعني من عدم التجاوب مع أحد مهما كان مزعجاً ولحوحاً. حين اشترى أبو محمد الحديقة بنى بيتاً شاهقاً "دبل فاليوم" وبالغ في فخامته بما جعل بيتي قزماً مشوهاً ينخره القِدم. كلمات اغنيه من مثلك عبدالمجيد. قال لي: بيتك "خنيث" لأنه من طابق واحد، انظر إلى بيتي كأنه أسد. في الحقيقة ابتلعت الإهانة دون أن أردّ أو أبرر. أبو محمد الذي يدير عدداً من ورش تصليح السيارات وبضع محطات غسل وتشحيم، وبالكاد يقرأ ويكتب، حريص جداً على أن يكون ابنه الوحيد بين ست بنات متعلماً حاصلاً على أرقى الشهادات الجامعية، ويتعين ـ مثلي ـ في وظيفة حكومية يلبس القاط والرباط وتُخصص له سيارة حكومية تأخذه إلى الدائرة وتعيده للبيت. حاولتُ أن أثنيه كثيراً عن رغبته، فالولد لم تكن به أيّ رغبة في الدراسة، ومثل أبيه يعشق عالم السيارات ويفهم فيها، رفض أبو محمد الفكرة بشدة. وحين ذكّرته بأن ابني ترك الدراسة ويعمل لديك، قال: أريده أن يكون مثقفاً يتكلم مثلك ويعرف أشياء من الحياة غير أسماء السيارات وكيفية تصليحها.
لا، لا تسألني. فأنا لا أجيد الأجابه مطلقا. ولكني أجيد وضع الأسئلة بشغف كبير لا يضاهيه إلا شغفي بالسباحه. دعني أسألك شيئا أخر: تقول إنك إنسان، حسنا، ولكن كي أصدق هذا الكلام، أخبرني ما هي قيمتك؟ صعودك إلى القمر لا يمنحك أي قيمة على الإطلاق، لأنك ما زلت أجبن من أن تقف أمام شعاع من أشعة الشمس، وستبقى جبانا أمام هذا الشعاع ما حييت. ولأنك، وهذا الأهم – حين تموت لن تدفن في نسيج من ضوء القمر الذي صعدت إليه. بل في حفرة صغيره، وسيهال عليك التراب الذي طالما داسته الأقدام. ثم تترك وحيدا، وحيدا، أتدري ما معنى وحيدا؟ لا أظن ذلك، لأنه معنى لا يدرك. إن معناه أن تدرك عالما قائما بذاته، فهل تستطيع أن تدرك عالما قائما بذاته؟ لا، لن تستطيع، صدقني لن تستطيع. ثم، هل صعودك إلى القمر، يساوي رغيف خبز لطفل يتضور جوعا؟ الجوع يقتات روحه، أعصابه، روحه؟ كل ما صنعت، ما ستصنع، لا قيمة له على الإطلاق، لأنه خال من الحياة، من الروح. رغيف الخبز يا سيدي، أغلي وأثمن ملايين ملايين المرات من غرورك العفن، الضاج بالعفانه والزيف والكذب. ضجيج الصمت ـ نص : مأمون احمد مصطفى - أنفاس نت. رغيف الخبز هذا، حياه، حياة كامله. فهل تدرك حقا ما معنى – حياه-. هل ترى يا سيدي؟ أن قيمتك مرهونة بموتك، فإذا إستطعت أن تبقى حيا، لا بأس، تعال إلي عندئذ.
طالما الثورة مستمرة إذن الأمل قائم والحلم مشروع مئات السنين نعاني، وتعاني معنا هذه البلاد، من انظتهما، سياساتها، وفاقه حالها، واسفي عليك أن طال امر ام قصر حتما نسترد هذا الوطن المسلوب والمنهوب ونغني، اغاني، الحرية وترفرف راية الا ستقلال بعد أكثر من ٦٠ عاما استعمار. سننال استقلالنا قريبا، ونغني الحرية فوق روؤس الطاغيه، ونشيع شهداگنا من جديد.
وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لم يودع الله هذا الكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات. أما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية, لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم.