6829 - حدثني المثنى قال: حدثنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان ، [ ص: 315] عن ابن جريج ، عمن حدثه ، عن ابن عباس: " إلا أن تتقوا منهم تقاة " قال: التقاة التكلم باللسان ، وقلبه مطمئن بالإيمان. 6830 - حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة في قوله: " إلا أن تتقوا منهم تقاة ، قال: ما لم يهرق دم مسلم ، وما لم يستحل ماله. 6831 - حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، إلا مصانعة في الدنيا ومخالقة. 6832 - حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله. 6833 - حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين " إلى " إلا أن تتقوا منهم تقاة " قال: قال أبو العالية: التقية باللسان وليس بالعمل. التقيَّة - مِن أقوال المُفسِّرين .. في مُوالاةِ المُشركين - أبو فهر المسلم - طريق الإسلام. 6834 - حدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ قال: أخبرنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: " إلا أن تتقوا منهم تقاة " قال: التقية باللسان. من حمل على أمر يتكلم به وهو لله معصية ، فتكلم مخافة على نفسه ، وقلبه مطمئن بالإيمان ، فلا إثم عليه ، إنما التقية باللسان.
الرابعة: أجمع أهل العلم على أن مَن أكرِه على الكفر حتى خَشِيَ على نفسه القتل، أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان، ولا تَبِين منه زوجته ولا يحكم عليه بحكم الكفر. وهكذا يتضح لنا أن القرآن الكريم قد تحدث عن التقية وأوضح أنها للمكرَه، ولمن تلجئه الضرورة للدفاع عن النفس والمال والعرض، بعد أن نهى عن موالاة الكفار وأعداء الاسلام وأخبر بقطع العلاقة بين الله سبحانه وبين مَن يوالي أعداءه. قال تعالى (إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) في الآية ما يحقق قاعدة فقهية - جيل الغد. وعندما عُرّض عمار بن ياسر وبعض الصحابة إلى التعذيب والأذى اضطر إلى الاستجابة إلى أعداء الله والنطق بما أرادوا من الثناء على آلهتهم وذكر الرسول بسوء، فجاء وذكر ما حدث له للرسول (ص) فأقره الرسول (ص) على فعله، وقال له: فإن عادوا فعد. وقد قرأنا ما ذكره المفسرون في سبب نزول الآية الكريمة: (إلا مَن أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان) وعرفنا إقرار الرسول للتقية جرياً على إجازة القرآن الكريم لهذا الموقف الاضطراري. وكما تحدث الرسول (ص) عن التقية، وأقرّها للمكرَه والمضطر بشكل واضح وصريح، نجد عذراً ضمنياً باستعمال التقية للمكرَه والمضطر في حديث الرفع المشهور بين المسلمين جميعاً، فقد روي عن الرسول (ص) قوله: (رفع عن أمتي تسعة: الخطأ، والنسيان، وما أُكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطروا إليه، والحسد، والطيرة، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة).
تاريخ الإضافة: 23/2/2017 ميلادي - 27/5/1438 هجري الزيارات: 51508 تفسير: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين... ) ♦ الآية: ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: سورة آل عمران (28).
وكما يثبت هذا الحديث الشريف قاعدة عامة برفع المسؤولية عن المضطر والمكرَه نجد كذلك في قول الرسول (ص): (لا ضرر ولا ضرار)، حكماً في رفع الضرر عن النفس والمال والعرض، إذا كان الواقع يمكن رفعه بإظهار التوافق مع الوضع السياسي أو الفكري وأمثالهما، الذي يشكل خطراً حقيقياً على النفس والمال والعرض ما زال القلب مطمئناً بالحق، وثابتاً على الإيمان والإخلاص لإرادة الله سبحانه. وعلى أساس كتاب الله وسنة نبيه الكريم (ص) التزم أئمة أهل البيت (ع) وفقهاؤهم بمبدأ التقية في المجال السياسي والفكري عندما أصابهم الظلم والاضطهاد والتقتيل والتعذيب والتشريد الذي أخبرهم به رسول الله (ص) بقوله: (إنا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا. وإن أهل بيتي سيلقونَ بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً... ) دفاعاً عن النفس، وحماية لذلك الكيان الفكري والسياسي الأصيل، الذي كان يقوده أئمة أهل البيت (ع) كقوة معارضة للحكمين الأموي والعباسي، اللذين عُرفا بالعداء والتنكيل بأئمة أهل البيت وأتباعهم وفكرهم المعبر عن الوعي الأصيل، والفهم العميق، والموقف الرافض لتسلط الحاكم الظالم، وقد أوضح علماء أهل البيت مجال انطباق التقية وتوظيفها. روي عن الإمام الباقر (ع): (التقية في كل ضرورة، وصاحبها أعلم بها حين تنزل به).
6835 - حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس في قوله: " إلا أن تتقوا منهم تقاة " فالتقية باللسان. من حمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله ، فيتكلم به مخافة [ ص: 316] الناس وقلبه مطمئن بالإيمان ، فإن ذلك لا يضره. إنما التقية باللسان. وقال آخرون: معنى: " إلا أن تتقوا منهم تقاة ، إلا أن يكون بينك وبينه قرابة. ذكر من قال ذلك: 6836 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين إلا أن تتقوا منهم تقية " نهى الله المؤمنين أن يوادوا الكفار أو يتولوهم دون المؤمنين. وقال الله: " إلا أن تتقوا منهم تقية " الرحم من المشركين ، من غير أن يتولوهم في دينهم ، إلا أن يصل رحما له في المشركين. 6837 - حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء " قال: لا يحل لمؤمن أن يتخذ كافرا وليا في دينه ، وقوله: " إلا أن تتقوا منهم تقاة " قال: أن يكون بينك وبينه قرابة ، فتصله لذلك. 6838 - حدثني محمد بن سنان قال: حدثنا أبو بكر الحنفي قال: حدثنا عباد بن منصور ، عن الحسن في قوله: " إلا أن تتقوا منهم تقاة " قال: صاحبهم في الدنيا معروفا ، الرحم وغيره.
فأما في الدين فلا. قال أبو جعفر: وهذا الذي قاله قتادة تأويل له وجه ، وليس بالوجه الذي يدل عليه ظاهر الآية: إلا أن تتقوا من الكافرين تقاة فالأغلب من معاني هذا الكلام: إلا أن تخافوا منهم مخافة. فالتقية التي ذكرها الله في هذه الآية. إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم. ووجهه قتادة إلى أن تأويله: إلا أن تتقوا الله من أجل القرابة التي بينكم وبينهم تقاة ، فتصلون رحمها. وليس ذلك الغالب على [ ص: 317] معنى الكلام. والتأويل في القرآن على الأغلب الظاهر من معروف كلام العرب المستعمل فيهم. وقد اختلفت القرأة في قراءة قوله: " إلا أن تتقوا منهم تقاة " فقرأ ذلك عامة قرأة الأمصار: ( إلا أن تتقوا منهم تقاة) ، على تقدير " فعلة " مثل: " تخمة ، وتؤدة وتكأة " من " اتقيت ". وقرأ ذلك آخرون: " إلا أن تتقوا منهم تقية " ، على مثال " فعيلة ". قال أبو جعفر: والقراءة التي هي القراءة عندنا ، قراءة من قرأها: " إلا أن تتقوا منهم تقاة " لثبوت حجة ذلك بأنه القراءة الصحيحة ، بالنقل المستفيض الذي يمتنع منه الخطأ.