مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 10/7/2017 ميلادي - 16/10/1438 هجري الزيارات: 11502 لا تخف إن الله معنا بعد انتشار الأخبارِ المفجِعة في كثير من الدول العربية والإسلامية من تفجيرٍ وقتل وتشريدِ مئات المسلمين الأبرياء. ونرى أن هذه الأزماتِ مستمرة، كل شيء يبدو مرعبًا، الجميع يتحدَّثُ وينقُلُ وينشر الأخبار من قنوات تلفزيونية، أو من موجات الراديو، أو من الجرائد والإنترنت. لوهلة أصبح العالَم مرعبًا.. نشعر بالخوف، ثم نبدأ نتساءل: مَن فعل ذلك؟ لماذا يفعلون؟ ما هي مصلحتُهم من هذا الأمر؟ كيف حدث ذلك؟ الكثير من الأسئلة التي تجعل المرءَ يَعجِز عن الإجابة بشكل قطعيٍّ؛ لتدرك أنك لا تستطيع أن تغيِّر كلَّ شيء تريد تغييرَه. تلك هي الحياة. أتذكَّرُ أنني قرأت في صورة وصلتني عبر تطبيق "الواتساب" عبارة جِدَّ جميلة مكلَّلة بالتفاؤل والأمل: "إذا جلست مع أهل السياسة، ستظن أن الحرب ستقوم غدًا. مع القضاة والشرطة، ستجد أن بلدك كلُّه فساد وجرائم. مع أهل الدين، ستظن أن بلدَك كلُّه إيمان وتقوى. لا تحزن إن الله معنا - العهد المكي - السيرة النبوية| قصة الإسلام. لذا اعلم أن العَالَم كبير، وحاوِل أن تعيش وَفْق اهتمامك، وأبدِع في مجالك، ولا يضق صدرك بأشياء لن تستطيع تعديلَها أو المشاركة في حلِّها".
ويُؤَكِّد ذلك ما قاله الله تعالى في وصفه لهذا الموقف في القرآن الكريم ؛ حيث قال: { إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40]. فالله تعالى المطَّلِعُ على قلب الصديق رضي الله عنه وصف حالته النفسية بالحُزْن، وليس بالخوف ، فقال: { لاَ تَحْزَنْ}. ولم يقل: لا تخف. معنى آية لا تخف ولا تحزن إنا منجوك. وهذا هو الذي يتلاءم مع ما نعرفه عن الصديق رضي الله عنه وشدَّة بأسه، وقد يدعم ذلك ما نقله السهيلي رحمه الله -ولكن بلا سند- من أن الصديق رضي الله عنه قال -وهو في الغار- مبرِّرًا قلقه: إنْ قُتِلْتُ فَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ قُتِلْتَ أَنْتَ هَلَكَتِ الأُمَّةُ. فَعِنْدَهَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لاَ تَحْزَنْ إنَّ اللهَ مَعَنَا " [5]. ولا يفوتنا في هذا الموقف أن نُعَلِّق على حالة الطمأنينة الرائعة التي كان يعيشها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يشعر بمعيَّة الله تعالى له ولصاحبه، فلا يَجِلْ قلبُه، ولا تهتزُّ جوارحه؛ بينما قوى الشرِّ تجتمع بحدِّها وحديدها حول باب الغار!
انظر: الهيثمي: مجمع الزوائد 6/54. [3] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب المهاجرين وفضلهم، (3453)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، (2381). [4] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، (3707). [5] السهيلي: الروض الأنف 4/135، والقسطلاني: المواهب اللدنية 1/174.
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2-3] ثقة ويقين كما قال عبد المطلب في حادثة الفيل: اللهم إن العبد يمنع رحله فامنع رحـالك لا يغلبن صليبهم ورحالهم أبدا رحـالك فإن كنت تاركهم وقبلتك فأمر قد بدا لك ماهر إبراهيم جعوان المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام 2 0 13, 108
ولم يَبْقَ إلا أن ينظروا فقط داخل الغار، وكان الغار صغيرًا جدًّا! كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجلس داخل الغار في سكينه تامَّة؛ بينما كان الصديق رضي الله عنه في أشدِّ حالات قلقه وحزنه! يحكي أبو بكر رضي الله عنه تفاصيل هذا الموقف فيقول: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا. فَقَالَ: " مَا ظَنُّكَ، يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا؟ " [3]. وفي رواية قال أبو بكر رضي الله عنه: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الغَارِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِأَقْدَامِ القَوْمِ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، لَوْ أَنَّ بَعْضَهُمْ طَأْطَأَ بَصَرَهُ رَآنَا، قَالَ: " اسْكُتْ يَا أَبَا بَكْرٍ، اثْنَانِ اللهُ ثَالِثُهُمَا " [4].
و:{ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: من الآية 81]. فتكن موقعة الجمل فيها تصحيح الانقسام والفشل فقد فات وقت الندم وما نفع فرعون ندمه: { حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: من الآية 90].