هذا في أخوة الدِّين والعقيدة؛ أما في أخوة النسب فمِن الأولى أن تكون أكثر من ذلك، ولكن للأسف نجد ساحات المحاكم تعج بالقضايا الخاصة بالميراث الشرعي الذي أوجبه الله، وتولَّى تقسيمه بنفسه؛ حتى لا يدع مجالًا للاجتهاد فيه لعدم وقوع الجور، وهذا الأمر على الرجل والمرأة، فهذا ينتج عن نقص في الإيمان، والإيمان هنا أعلى مِن الإسلام، فالكثير اختار أن يكون في الدائرة الواسعة وهي الإسلام فقط دون الترقي والتقرب إلى مراد الله الحقيقي، وغض الطرف عن قول الله: ( وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت:64). فهناك مَن يعمل للدنيا ونسيَ الآخرة، وكأن دار الفناء هي دار الخلود، وكل يوم تقع العلامات أمام أعيننا، ومنها: "الموت"؛ فهل ينتظر الكثير دخول القبر حتى يندم ولا يجد مخرجًا؟! لقد طلب البخاري -رحمه الله- لقاء ربه وهو مِن القرون الأول التي هي خير القرون؛ مما أصابه مِن أقرانه والفتن المحيطة به، أما ونحن الآن في ظلِّ هذا الزمان الذي يعج بالفتن المظلمة الحالكة؛ أليس هذا داعيًا أن يفطن المرء ويرجع إلى مراد الله؟!
[٧] وجود الوليّ للمرأة، وذلك لقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (أيَّما امرأةٍ نُكحتْ بغيرِ إذنِ وليِّها، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ). [٨] شهادة الشّهود على عقد الزواج؛ وذلك لقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ وشاهدَيْ عَدلٍ). [٩] عدم وجود أي مانع من موانع الزّواج، كأن يكون بينهما رِضاع ، أو أن يكون الرّجل غير مسلم، أو أن تكون المرأة غير مسلمة وغير كتابية ، وغير ذلك من موانع الزّواج. حُكْم الزّواج فصّل العلماء في الحديث عن حُكْم الزّواج في الإسلام، وذهبوا في ذلك إلى عدّة آراء بيانها على النحو الآتي: [١٠] الزّواج الواجب: يكون الزّواج واجباً إذا اشتدّت شهوة الإنسان، حتى خاف على نفسه من الوقوع في الفاحشة؛ لأن المطلوب من الزّواج صَوْن وإعفاف النفس، وذلك لا يكون إلّا بالزّواج. الزّواج المسّتحب: يكون الزواج مسّتحباً إذا وُجدت الشّهوة عند الإنسان دون الخوف على النّفس من الوقوع في الفاحشة؛ وذلك لأنّ في الزّواج مصالح عديدة وحِكَم كبيرة يرجى تحقّقها بالقيام به. ما حكم وليمة النكاح ومكان الحفل؟ | شبكة الأمة برس. الزّواج المباح: يكون الزواج مباحاً عند عدم وجود الشّهوة والرغبة عند الإنسان، بشرط قبول المرأة بذلك، حتى لا يُلحق الضّرر بالمرأة بمنعها من أحد مقتضيات عقد الزواج وهو إعفافها، أمّا إذا وافقت المرأة يكون الزّواج مباحاً؛ لِما فيه من مصالح أخرى يمكن تحقّقها.
قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: « أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ ». وهذا من عظيم الإيثار، أن يقدم الإنسان أخاه على نفسه في ذلك، فلم يكتف أن يترك له إحدى زوجاته، بل يخيره ليختار أفضلهن، وقد كان تحته امرأتان كما جاء عند أحمد (13863)، قال سعد: "وتحتي امرأتان فانظر أيهما أعجب إليك حتى أطلقها". ولهذا مدح الله الأنصار بقوله: { وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر/9]. وهذا ليس خاصا برجال الأنصار، بل نساؤهم كذلك، ولا شك أن سعد بن الربيع رضي الله عنه يعلم من حال نسائه وإيمانهن أنهن لن يأبين هذا الإيثار، ولن يخذلنه، وستترك المرأة زوجها وتتزوج من غيره تحقيقا لرغبته ومشاركة له في الأجر والتقرب إلى الله. فلا ينبغي أن تقيس حال القوم على حالنا وعظيم شحنا، فلقد كانوا فوق ما نتصوره بمراحل. ثم إن العرب كانوا لا يأنفون من ذلك، أي أن يطلق الرجل امرأته، ثم تنكح غيره، وكان أمر الطلاق والنكاح عندهم يسيرا.
شرح الموطأ -287- كتاب النكاح، باب ما جاء في الوليمة، من حديث: « أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ » شرح الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب النكاح: باب ما جاء في الوليمة، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا ». فَقَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ »