وتزاحم القراء على أكشاك الصحف، بانتظار مجلة ستراند في يوم النشر، كلما نُشرت بها قصة جديدة لشارلوك هولمز. وبسبب هولمز، كان كونان دويل، كما كتب أحد المؤخرين: «يتمتع بذات شهرة الملكة فيكتوريا». وبدا أن الطلب على قصص هولمز لا نهاية له، وستدفع المجلة لكونان دويل بسخاء، ليكتب لهم قدر ما استطاع. ولد آرثر كونان دويل في اسكتلندا في عام 1859، وقد حاز على شهادة الطب من جامعة أدنبرة، والتحق بمستشفى ميداني بأفريقيا، واستمر في مزاولة المهنة لدى عودته للبلاد مرة أخرى. وكان يعاني دائمًا من الضائقة المالية؛ منذ كان طالبًا كتب بعض القصص ليحسن من دخله. قصة لغز وادي بوسكومب " شارلوك هولمز " | المرسال. وشملت أعماله على عدد من المواضيع، من المومياوات، إلى النباتات التي تأكل البشر. ولبعض الوقت، حافظ دويل على الاتزان بين المهنتين. جذبتا أول روايتان عن هولمز، «دراسة في اللون القرمزي» و«علامة الأربعة»، بعض الاهتمام ولكن ليس بما يكفي بالنسبة له للتخلي عن مهنة الطب. ومع ذلك، لم ينوي قضاء بقية حياته في اختراع وحل الجرائم الخيالية. فكان كل ما ينويه كسب بعض المال لدعم فنه الحقيقي؛ روايات مليئة بما راوده من أفكار هامة وبيانات سياسية. في الواقع، رأي أن هذه القصص ليست سوى مجرد أعمالًا هابطة تجارية فحسب.
وبهذه الطّريقة أمكنه أن يعيد النّظر في العشرات من اللّوحات المعروضة في أكبر المتاحف الأوروبيّة، ويحدّد من جديد نسبتها إلى أصحابها الفعليّين. وقد رأى أحد المختصّين في تاريخ الفنّ، وهو إدغار ويند Edgar Wind، أنّ «الطّريقة الموراليّة» شبيهة بطريقة مفتّش الشّرطة. ففي كتب مورالّي جانب شاذّ لا نجده في كتب مؤرّخي الفنّ، فهي مليئة بصور الأصابع والآذان، فصارت بمثابة كشّاف لا يعتني إلاّ بجمع هذه التّفاصيل الّتي يخلّفها هذا الفنّان أو ذاك في اللّوحة، على نحو يشي بهويّته ويميط اللّثام عنها، تماما كمقترف الجريمة الّذي تخونه بصماته. سيكولوجيا شارلوك هولمز.. كيف وقعنا في غرام هذه الشخصية! 🕵️♀️ - أراجيك - Arageek. ويختم ويند وصفه لهذه «الطّريقة الموراليّة» بهذه العبارة: «ما أن يشرع مورالّي في دراسة رواق من أروقة الفنّ حتّى يُضْفَى عليه مظهر متحف من متاحف الجريمة»، وقد استغلّ ناقد فنّ آخر، وهو كاستالنيوبو Castelnuovo، هذه المقارنة ليعقد علاقة بين طريقة مورالّي في استقراء القرائن والعلامات وطريقة معاصره كونان دويل الّتي كان ينسبها إلى شارلوك هولمز، فيصبح عنده هاوي الفنّ شبيها بمفتّش الشّرطة الّذي يكتشف مقترف الجريمة مستندا إلى القرائن والإشارات الّتي لا ينتبه إليها أغلب النّاس. فرويد متأثراً وممّا يثبت تأثّر دويل بطريقة مورالي هو لقاء النّاقد والرّسام هنري دويل، عمّ كونان دويل، الّذي كان يشغل خطّة محافظ رواق الفنّ الوطني بدبلن، بجيوفاني مورالّي سنة 1887، مخلّفا فيه أفضل الانطباعات.
ولكن تشارلز لم ييأس وظل يضغط على جون حتى يتقابلا ويجدوا حلا لذلك الأمر، فاضطر جون لمقابلته بسبب إلحاحه المستمر، وبينما هو في طريقه للقاء تشارلز، توصل إلى أن الحل الوحيد للخلاص من ذلك كله، هو قتل تشارلز ، حتى ينقذ ابنته من تخطيطه ويستريح أيضا من تهديداته المستمرة. وبعد قتله لتشارلز أحس جون بقدوم ابنه جيمس فاختبأ على الفور، وبينما هو يسرع سقطت منه عباءة ووقعت على الأرض بجانب تشارلز، بعد اعتراف جون بجريمته، يطلب منه شارلوك هولمز التوقيع على ما قاله، على شرط أن لا يخبر شارلوك أحد بما قاله جون، وأن يظل هذا السر بينهما، ولكن بشرط ألا يكون هذا السر سببا في إدانة جيمس وتحمله مسؤولية قتل والده، وحلة القضية، ومر سبعة أشهر على مقتل تشارلز، فحاول جيمس وأليس نسيان ما حدث مقررين بدأ حياة جديدة بعيد عن كل تلك الأمور التي لا علاقة لهم بها.
ولئن كان فنّ المطاردة هو المجال الأوّل الّذي مارس فيه الإنسان «علم القيافة»، بتتبّع الآثار الّتي خلّفتها الطّرائد إلى أن يصل إلى مواضعها وأمكنتها، فإنّه قد مثّل كذلك مجال التّجربة الّذي مورست فيه السّيميائيّات على نحو عفويّ، ووجد كارلو قينزبورغ في حكاية «الإخوة الثّلاثة» صدىً متأخّراً يترجم، وإن بشيء من التّحريف، تجربة الصّيّادين الأوائل، وهي تقصّ حكاية ثلاثة إخوة التقوا برجل أضاع جمله أو حصانه، فأخبروه عن صفاته دون أن يروه، وهي في الأصل قصّة مشرقيّة، نجد لها صيغة فلسفيّة عند فولتير في الفصل الثّالث «الكلب والجواد» من رواية «زديج». ومشهد وقوف زديج أمام القضاة يشبه مشهد وقوف «الإخوة الأربعة» أمام الحكم «الأفعى بن الأفعى الجرهميّ»، في القصّة العربيّة الّتي أوردها المسعودي في كتابه «مروج الذّهب».
لقد برع شالوك هولمز باستخدام الدلائل والقرائن والإطارات وصمات الأصابع، بالإضافة لخبرته بعلم المقذوفات وتحليل خط الكتابة، كما اشتهر باستخدامه للعدسة المكبرة لفحص مسرح الجريمة، واستخدم الكيمياء التحليلية للتعامل مع بقع الدم كما كان على اطلاع بأنواع السموم والعقاقير المختلفة، إضافة لامتلاكه معملًا كيميائيًا في منزله وهو ما ذُكر في قصة "مغامرة وثائق المعاهدة البحرية". فيديوهات ووثائقيات
أما بالنسبة لعلاقته مع الدكتور جون واطسون فقد ربطتهما علاقة صداقة قوية بالإضافة لعلاقتهما المهنية، وكان واطسون بالنسبة لشالوك هولمز هو الخبير الطبي في الجزء المتعلق بالتحقيقات، كما أنه كان المراسل عن شالوك هولمز، إضافة لتمتعه بقدرة على التنكر بحيث يرسله شالوك هولمز لإجراء العديد من الأبحاث في قضايا مختلفة، أما الجانب الآخر في علاقتهما فكان الدكتور واطسون هو الكاتب لسيرة حياة شالوك هولمز، فقد دونت أغلب القضايا التي حلها هولمز من قبل واطسون. بالرغم من ذلك فقد انتقد هولمز أسلوب واطسون في الكتابة واصفًا إياه بالعاطفي وافتقاره للدقة والموضوعية. فقد وصف جون واطسون المحقق هولمز أنه فوضوي وشخص غريب الأطوار لا يحترم المعايير الاجتماعية، فيما يتعلق في التنظيم والترتيب، وبحسب واطسون أن هولمز لم يكن يهتم كثيرًا بصحته من ناحية الغذاء، وكان يدخن الغليون. من ناحية أخرى فقد استنكر واطسون استعداد هولمز لخرق القوانين والكذب على الشرطة أو حتى إخفاء الأدلة واقتحام الملكيات الخاصة ما دام يستطيع تبرير ذلك من الناحية الأخلاقية، بالإضافة لذلك فقد كان هولمز شخصية انعزالية لا يرغب بتكوين الصداقات باستثناء جون واطسون.