وهذا العلم الذي حباه الله به قد أثمر في قلبه الشوق إلى لقاء ربه ، ودخول جنات النعيم ، وذلك هو ما أهمّ معاذا وأسهره الليالي ، ولقد نقلت لنا كتب السير هذا المشهد ، ولنقصّه كما رواه لنا معاذ نفسه ، حيث قال: " لما رأيت خلوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه قلت له: يا رسول الله ، ائذن لي أسألك عن كلمة قد أمرضتني وأسقمتني وأحزنتني ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ( سلني عمّا شئت) ، قال: يا نبي الله ، حدثني بعمل يدخلني الجنة - وفي رواية: ويبعدني من النار - لا أسألك عن شيء غيرها ". لقد سأل معاذ رضي الله عنه هذا السؤال ، وهو يعلم أن الجنة لا تنال بالأماني ، ولكن بالجدّ والعمل الصالح ، وقد تكفّل الله تعالى بتيسير الطريق وتذليل عقباته لمن أراد أن يسلكه حقا ، فإذا أقبل العبد على ربّه يسر له سبل مرضاته ، وأعانه على طاعته ، وهذا هو مقتضى قوله تعالى: { والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} ( محمد: 17)، وكذلك قوله: { فأما من أعطى واتقى، وصدّق بالحسنى ، فسنيسره لليسرى} ( الليل: 5 - 7). يتبع
4- أهمية الصلاة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكرها بعد الإخلاص. 5- تقديم الزكاة على الصوم؛ لأنها آكد. 6- تقديم الصوم على الحج؛ لأنه يتكرر كل عام، بخلاف الحج؛ فإنه لا يجب إلا مرة في العمر. 7- التدرج في تعليم الناس؛ فالبدء يكون بأصول الدين وقواعده، ثم التدرج. 8- أن الجهاد فيه علو الإسلام ورفعته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ذروة سنامه الإسلام)). 9- خطر اللسان على الإنسان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وهل يكب الناس... ))؛ الحديث. [1] رواه البخاري (4999). [2] حلية الأولياء (1/ 229) أسد الغابة (5/ 194 رقم 4953) السير (1/ 443). [3] الجواهر اللؤلؤية شرح الأربعين النووية (282). حديث: وهل يكب الناس على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم. [4] الوافي (218). [5] رواه البخاري (5349) ومسلم (5041) عن أبي هريرة. [6] جامع العلوم والحكم (2/ 57). [7] رواه الترمذي (1987). [8] رواه الترمذي (3499) من حديث أبي أمامة.
يكب الناس يلقي الناس في النار. حصائد ألسنتهم أي ما تكلمت به ألسنتهم من الإثم. فوائد مستنبطة من الحديث: 1- شدة حرص الصحابة وسؤالهم المتتابع عن طريق الجنة. 2- الأعمال الصالحة سبب لدخول الجنة وأن دخولها مترتب على أركان الإسلام الخمسة. 3- أسباب دخول الجنة يسيرة لكن على من يسرها الله عليه فادع الله بالتيسير. (وأنه ليسير على من يسره الله عليه) 4- فضل الصيام في الوقاية من النار، والصدقة في ذهاب الخطايا، وفضل قيام الليل والصلاة والدعاء. 5- أهمية العناية برأس الأمر وهو الإسلام فهو رأس ماله في الدنيا والآخرة. 6- أهمية الصلاة فهي عمود الدين، والدين يسقط بلا عمود. 7- أهمية وشرف الجهاد في سبيل الله وأنه أعلى شعائر الدين. 8- خطورة اللسان وأنه يورد المهالك. 9- حسن تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقول والفعل وكذلك التدرج في بيان الأهم فالأهم (فأخذ بلسانه.. شرح حديث: لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه. ). 10- حرص الصحابة على التعلم وإزالة كل إشكال. (وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به.. ). 11- جواز إطلاق الكلمات والأقوال الدارجة على اللسان والتي مشتهرة عند العرب وهي في ظاهرها مذمومة لكن ظاهرها غير مراد: (ثكلتك أمك.. ). قواعد مستنبطة من الحديث: 1- قاعدة في الفوز والنجاة: الدين والتمسك به يسير لمن وفقه الله للتيسير.
شرح حديث (لقد سألت عن عظيمٍ، وإنه ليسيرٌ على من يسره الله تعالى عليه) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال: ((لقد سألت عن عظيمٍ، وإنه ليسيرٌ على من يسره الله تعالى عليه: تعبدُ الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت))، ثم قال: ((ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّةٌ، والصدقـة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ [السجدة: 16]. ثم قال: ((ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟)) قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((رأس الأمر: الإسلام، وعموده: الصلاة، وذروة سنامه: الجهاد)). ثم قال: ((ألا أخبرك بمِلاك ذلك كله؟)) فقلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: ((كف عليك هذا))، قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! فقال: ((ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائدُ ألسنتهم))؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. ترجمة الراوي: معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي المدني البدري، أبو عبدالرحمن، أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، شهد العَقَبة مع الأنصار السبعين، وشهد بدرًا وأُحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأكثر فقهاء الإماميّة أطلقوا القول بأنَّ النفقة تقدَّر بما تحتاج إليه الزّوجة من طعام وإدام وكسوة وإسكان وإخدام وآلة إدهان، تبعاً لعادة أمثالها من أهل بلدها، وبعضهم صرَّح بأنَّ المعتبر حال الزّوج دون حال الزّوجة. ومهما يكن، فلا بدَّ أن نأخذ حالة الزوجة المادية بعين الاعتبار، كما صرح القرآن الكريم: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا} ، {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}. نفقة الزوج على زوجته وشقيقه وهرب الجهات. وفي القانون المصريّ رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩: "تقدّر نفقة الزّوجة على زوجها بحسب حال الزوج يسراً وعسراً، مهما كانت حالة الزّوجة". ومن هنا، يتبيّن أنّ تقديم الخادم وثمن التبغ وأدوات الزينة وأجرة الخياطة، وما إلى ذلك، لا بدّ أن يراعى فيه أمران: حال الزّوج، وعادة أمثالها، فإذا طلبت أكثر من عادة أمثالها، فلا يلزم الزوج إجابتها، موسراً كان أو معسراً، وإذا طلبت ما يطلبه أمثالها، يُلزم به الزوج مع اليسر، ولا يُلزم به مع العسر. وهنا مسائل: إذا احتاجت الزوجة إلى الدواء، أو إلى عملية جراحية، فهل يُلزم الزّوج بثمن الدواء وأجرة العملية؟ ويجرنا الجواب إلى البحث: هل يُعدّ التطبيب من جملة النفقة أو هو خارج عنها؟ وإذا رجعنا إلى النصوص، وجدنا القرآن الكريم يوجب {رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} ، والأحاديث تقول: "على الزوج أن يسدّ جوعتها، ويستر عورتها"، ولا ذكر في الكتاب والسنّة للدّواء والعلاج.
وعلى أيّة حال، فإنَّ الشرع لم يحدد النفقة، وإنّما أوجبها على الزوج، وترك تقديرها إلى أهل العرف، وعلينا نحن - والحال هذه - أن نرجع إليهم، ولا نحكم بوجوب شيء على الزّوج إلّا بعد العلم بأنّه من النّفقة في نظرهم، وليس من شك أنَّ أهل العرف يذمّون الزوج القادر، ويستنكرون عليه إذا أهمل زوجته المحتاجة إلى العلاج، وتركها بدون تطبيب، تماماً كما يذمّون الوالد إذا أهمل أولاده المرضى، مع قدرته على شراء الدّواء وأجرة الطّبيب". [كتاب "الفقه على المذاهب الخمسة"، ص 384 – 393]. نرجو أن نكون قد سلَّطنا الضّوء على موضوع النّفقة وما يتفرّع منها من أحكام، زيادةً في الإيضاح، وتعميماً للفائدة. مقدار النفقة الواجبة على الرجل لزوجته وفضل الصدقة عليها | كوكب الفوائد- فلسطين. إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.
وقال الشافعية: إذا أبانها وهي حامل، ثمّ توفّي عنها، فإنّ نفقتها لا تنقطع. وقال الحنفيّة: إذا كانت معتدّة رجعياً ومات المطلِّق أثناء العدّة، انتقلت عدّتها إلى عدّة وفاة، وتسقط نفقتها، إلّا إذا كانت مأمورة أن تستدين النّفقة، وقد استدانتها بالفعل، فإنّها - والحال هذه - لا تسقط. واتفقوا على أنَّ المعتدّة من وطء الشبهة لا نفقة لها، واختلفوا في نفقة المعتدَّة من الطلاق البائن، فقال الحنفيّة: لها النفقة ولو كانت مطلّقة ثلاثاً، حائلاً كانت أو حاملاً، بشرط أن لا تخرج من البيت الّذي أعدّه المطلِّق لتقضي فيه عدَّتها. وحكم المعتدَّة عن فسخ العقد الصّحيح حكم المطلّقة بائناً عندهم. وقال المالكيّة: إن كانت حائلاً، فليس لها من النّفقة إلاّ السكنى، وإن كانت حاملاً، فلها النّفقة بجميع أنواعها، ولا تسقط بخروجها من بيت العدّة؛ لأنَّ النفقة للحمل لا للحامل. وقال الشافعية والإمامية والحنابلة: لا نفقة لها إن كانت حائلاً، ولها النفقة إن كانت حاملاً، ولكنَّ الشافعية قالوا: إذا خرجت من بيت العدّة لغير حاجة، تسقط نفقتها. ولم يلحق الإمامية فسخ العقد الصّحيح بالطلاق البائن، حيث قالوا: إنَّ المعتدّة من فسخ العقد لا نفقة لها، حائلاً كانت أو حاملاً. نفقة الزوج على زوجته الحامل. "