ومقدمات الجماع من التقبيل والكلام الذي يكون بين الزوجين هو " الرفث " – على أحد الأقوال – وإنما ينهى عنه المحرم حال إحرامه ، وفيه الإشارة إلى حلِّه في غير هذه الحال ، وهو الثابت المعلوم من حال خير القرون ومن بعدهم ، وهو المذكور في كتب الفقه أنه من آداب الجماع ، ومما يزيد المحبة بين الزوجين. قال تعالى: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) البقرة/ من الآية 197. قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله -: والأظهر في معنى الرفث في الآية أنه شامل لأمرين: أحدهما: مباشرة النساء بالجماع ، ومقدماته. حكم تمثيل الأدوار بين الزوجين حال الجماع بهدف الإثارة الجنسية؟. والثاني: الكلام بذلك ، كأن يقول المحرم لامرأته: إن أحللنا من إحرامنا فعلنا كذا وكذا. ومن إطلاق الرفث على مباشرة المرأة كجماعها قوله تعالى: ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) البقرة/ 187 ، فالمراد بالرفث في الآية: المباشرة بالجماع ، ومقدماته. " أضواء البيان " ( 5 / 13). ولا حرج أن يذكر الزوجان ما يهيج شهوتهما من الكلام ، ولو كان بذكر ألفاظ العورة باسمها العرفي ، وقد بينا جواز ذلك في جواب السؤال رقم: ( 45597) ، وليس في ذكر كلمات الغرام والعشق بين الزوجين حرج ، وليس في ذكر العورة باسمها الصريح أو العرفي حرج إذا كان هذا يهيج الشهوة بينهما ، ولله در الإمام ابن قتيبة حيث لفت النظر إلى أن ذكر الأعضاء باسمها ليس فيه إثم ، إنما الإثم في قذف الأعراض ، وجعل تلك الألفاظ ديدناً.
هذا عن الأصل في المخاطبة بين الجنسين، وأما تبادل الرسائل الألكترونية التي لا يطلع عليها غير كاتبها فهي إلى الخلوة أقرب، وما يترتب عليها من الفتنة وتعلق القلب وانبعاث الرغبة نحو اللقاء والرؤية وما وراء ذلك أمر شائع في هذا الزمن. ولهذا نرى منع هذه المراسلات، إذ لا حاجة إليها، والأصل أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وما تحتاجه المرأة من علم أو معرفة يمكنها تحصيله من غير هذا الطريق، وعلى ولي أمر الفتاة أن يمنعها من مراسلة الرجال، وأن يزجرها عن ذلك زجراً بليغاً، إذ هو الراعي المسؤول عن رعيته، وعليها أن تستجيب لأمره، وأن تطيعه في ذلك. والله أعلم.
وفي هذه الأفعال مشابهة لأهل الفساد من الزواني والزانيات ، ولا يليق بالمسلم أن يجعل فراش الزوجية الطاهر كحال ما يحدث في بيوت الدعارة بين الساقطين والساقطات ، فهم أحق بتلك الألفاظ ، وأهل لها ، لا امرأته العفيفة الطاهرة. ثم إنه يُخشى من اعتياد الزوجين على هذه الكلمات ، فتصبح علاقتهما من غيرها باردة ، وجافة ، أو تصبح عادة لهما في حياتهما في غير وقت الجماع ، خاصة إذا حدث شجار ، أو تقلبت النفوس والقلوب ؛ وفي ذلك من المفاسد ما لا يخفى على متأمل. على أن الذي أفزعنا في سؤالك حقا ، يا عبد الله ، هو حديثك مع خطيبتك في هذه الأمور ، وبهذه الصراحة ، وهي جرأة منكما لا تحمدان عليها ، بل تذمان بها كل الذم ؛ فكيف تسمح لنفسك بالكلام في ذلك مع خطيبتك ، وهي امرأة أجنبية عنك ، وكيف تسمح ـ هي أيضا ـ بالكلام في ذلك ، وبكل هذه الصراحة معك ، وأنت رجل أجنبي عنها ، ثم كيف تتاح لكما فرصة الخلوة التي تتمكنان فيها من هذا الحديث الذي يستحيل أن يذكر ، ولو بالتلميح أمام غيركما. إن هذا السؤال يدل على أنكما تساهلتما كثيرا في طبيعة العلاقة بينكما ، وتعديتما حدود الله تعالى فيما بينكما ، فألقى الشيطان في قلوبكما من جمار الشهوة ما تظنان أنها لا يطفئها شيء مما اعتاد الناس ، فرحتما تبحثان عن كل غريب ، ولو شاذا!!
حكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق، فأكثر ما يحرم عند الله من مكروه هو الطلاق، والطلاق له أشكال وأنواع عديدة، والانفصال بدون طلاق من الأمور التي يبحث عنها كثير من الناس، وهذا النوع يتمثل في انفصال الزوجين في حياتهم الطبيعية سواء من التفاعل أو الحديث أو النوم في الفراش، والآن سنتعرف من خلال مقالتنا اليوم على ما يتعلق بهذا السؤال. حكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق والآن سنتعرف من خلال ما يلي على حكم الشرع في تفريق المتزوجين دون طلاق: إذا انفصلت الزوجة عن زوجها في المسكن ووافق الزوج فلا يؤخذ ضدها حكم الطلاق ولا يسقط أي حق من حقوقها. وما لم يكن هذا التفريق بسبب عقوق الزوجة يسقط حقها في النفقة أو المبيت. يجوز لها أن تتنازل عن حقها في المبيت بموافقتها، ولكن لا حرج على الزوج. ولها أن تطالب بحقها في الوقت الذي تريده، ويجب على الزوج أن ينفق عليها وعلى أطفالها بطريقة معقولة. ومثال ذلك عن عمرو بن الأحواز رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وفي كل الأحوال تبقى زوجة للرجل ما دام لم يصدر طلاقها، ولها حقوقها كزوجة ولها حقوق زوجها. ومن حق الزوجة على زوجها أن تسكن معها بالرفق، وأن تقضي الليل معها، وأن تعففها بالجماع.