من المواضيع التي تثار بين كل فترة وأخرى، موضوع حجية السنة، ويستغل بعض الطاعنين في الإسلام هذا المدخل للتشكيك في الدين بأكمله، ومن خلال دراسة الحديث الموضوعي، نجمع الأحاديث المتعلقة في موضوع حجية السنة، وتوثيق ثبوتها، ووجه الدلالة منها، ومحاولة ربطها للوصول إلى موضوع متكامل من خلال تلك الأحاديث. وإن كان ثبوت حجية السنة ثابت بأدلة القرآن، والإجماع، والعقل، وغيرها، لكن المقصد هنا هو جمع الأحاديث الدالة على حجية السنة، ودراستها دراسة موضوعية. حجية السنة في ضوء الأحاديث النبوية | موقع نصرة محمد رسول الله. وعليه فإن الأحاديث الواردة في هذا الموضوع يمكن أن تقسم من حيث الجملة إلى قسمين: القسم الأول: أحاديث دلت على حجية السنة تصريحا، من خلال الحث على التمسك بالسنة، والاعتصام بها، ومنها: حديث العرباض ابن سارية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ " رواه أبو داود، وابن حبان، وغيرهما بسند صحيح. وجه الاستدلال من الحديث: قوله (( عليكم بسنتي)) صيغة من صيغ الأمر؛ لأن قوله (( عليكم)) اسم فعل أمر بمعنى: إلزموا، وقوله (( سنتي)) اسم يصدق على كل ما ثبتت نسبته للنبي _صلى الله عليه وسلم_ سواء كان قولاً، أو فعلا، أو تقريرا، فيلزم الأخذ بالجميع؛ لصدور الأمر بالتزامه والتمسك به.
ومن الآيات التي تؤكد على حجية السنة قوله سبحانه: ﴿ مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء:80]، وقوله سبحانه: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ﴾ [الحشر:7]، ومنها قوله عز وجل: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُّبِينًا﴾[الأحزاب:36]. وقوله تعالى: ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء:65]، وقوله سبحانه: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ﴾ [الأعراف:157]. فدلت تلك الآيات على حجية كلام النبي وفعله، وضرورة الالتزام به، لأنه صدر من الوحي، ونفس المشكاة التي صدر منها القرآن الكريم.
وعلى هذا تكون سنته صلى الله عليه وسلم - آحادًا كانت أو مُتواترة أو مشهورة، قولية كانت أو فعلية أو تقريرية، متى ما صحَّت السنَّة عن النبي صلى الله عليه وسلم، على ضوء قواعد علم الحديث التي دشَّن الصحابة أسسها الأولى، ثم مَن تبعَهم بإحسان، خاصة أهل القرون المفضَّلة - واجبة الإيمان بها كالإيمان بالقرآن الكريم تمامًا بتمام؛ إذ الكل مصدره هو الله - عز وجل - قال تعالى في سورة النجم (الآية 3، 4): ﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4]. ولهذا يجب أن يكون تقييم المسلم لما حوله من اتجاهات وطوائف على ضوء (الآية: 137) من سورة البقرة؛ قال تعالى: ﴿ فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ﴾ [البقرة: 137]. هذه الدراسة إن لم تكن أحد السيوف الباترة لشُبَه مُنكري السنَّة النبوية فهي مدخل أساسي لتمكين أبناء المسلمين من مقابض الأسلحة التي بها - بعد توفيق الله - يتمكَّنون من نشر الإسلام والدفاع عن مصادره، وموارده، وأبنائه، وأهله، ودياره. المصدر: مجلة التوحيد، عدد صفر 1414 هـ، صفحة 15