ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين لما لم تكن لهم معارضة للحجة التي في قوله هو الذي أنشأكم إلى هو الذي ذرأكم في الأرض انحصر عنادهم في مضمون قوله وإليه تحشرون فإنهم قد جحدوا البعث وأعلنوا بجحده وتعجبوا من إنذار القرآن به ، وقال بعضهم لبعض هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد افترى على الله كذبا أم به جنة وكانوا يقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين واستمروا على قوله ، فلذلك حكاه الله عنهم بصيغة المضارع المقتضية للتكرير. والوعد مصدر بمعنى اسم المفعول ، أي متى هذا الوعد ؟ فيجوز أن يراد به الحشر المستفاد من قوله ( وإليه تحشرون) فالإشارة إليه بقوله ( هذا) ظاهرة ، ويجوز أن يراد به وعد آخر بنصر المسلمين ، فالإشارة إلى وعيد سمعوه. [ ص: 49] والاستفهام بقولهم متى هذا الوعد مستعمل في التهكم لأن من عادتهم أن يستهزئوا بذلك قال تعالى فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الملك - قوله تعالى ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين - الجزء رقم30. وأتوا بلفظ الوعد استنجازا له ؛ لأن شأن الوعد الوفاء. وضمير الخطاب في إن كنتم صادقين للنبيء - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين لأنهم يلهجون بإنذارهم بيوم الحشر ، وتقدم نظيره في سورة سبإ وأمر الله رسوله بأن يجيب سؤالهم بجملة على خلاف مرادهم بل على ظاهر الاستفهام عن وقت الوعد على طريقة الأسلوب الحكيم ، بأن وقت هذا الوعد لا يعلمه إلا الله ، فقوله ( قل) هنا أمر بقول يختص بجواب كلامهم وفصل دون عطف يجريان المقول في سياق المحاورة ، ولم يعطف فعل ( قل) بالفاء جريا على سنن أمثاله الواقعة في المجاوبة والمحاورة ، كما تقدم في نظائره الكثيرة وتقدم عند قوله تعالى قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها في سورة البقرة.
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (25) ثم قال مخبرا عن الكفار المنكرين للمعاد المستبعدين وقوعه: ( ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) أي: متى يقع هذا الذي تخبرنا بكونه من الاجتماع بعد هذا التفرق ؟
إعراب الآية رقم (24): {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (24)}. الإعراب: (من) اسم استفهام مبتدأ (من السموات) متعلّق ب (يرزقكم)، (اللّه) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع خبره محذوف دلّ عليه الكلام المتقدّم أي: اللّه رازقكم الواو عاطفة (أو) حرف عطف للإبهام (إيّاكم) ضمير منفصل في محلّ نصب معطوف على الضمير المتّصل اسم إنّ اللام المزحلقة (على هدى) متعلّق بخبر إنّ (في ضلال) مثل على هدى معطوف عليه ب (أو). جملة: (قل... ) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (من يرزقكم... ) في محلّ نصب مقول القول. وجملة: (يرزقكم) في محلّ رفع خبر المبتدأ (من). وجملة: (قل) الثانية لا محلّ لها استئناف بيانيّ. ما هي السور التي ذكرت فيها اية ويقولون متي هذا الوعد أن كنتم صادقين - إسألنا. وجملة: (اللّه) رازقكم في محلّ نصب مقول القول. وجملة: (إنّا... لعلى هدى... ) في محلّ نصب معطوفة على جملة اللّه (رازقكم). البلاغة: 1- الاستدراج: في قوله تعالى: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ). حيث استدرج الخصم، واضطره إلى الإذعان والتسليم، والعزوف عن المكابرة واللجاج فإنه لما ألزمهم الحجة، خاطبهم بالكلام المنصف، الذي يقال لمن خوطب به: قد أنصفك صاحبك، ونحوه قول الرجل لصاحبه: قد علم اللّه تعالى الصادق مني ومنك، وإن أحدنا لكاذب.
(p-٧١)وذِكْرُ الوُجُوهَ والأدْبارَ لِلتَّنْكِيلِ بِهِمْ وتَخْوِيفِهِمْ؛ لِأنَّ الوُجُوهَ أعَزُّ الأعْضاءِ عَلى النّاسِ كَما قالَ عَبّاسُ بْنُ مِرْداسٍ: ؎نُعَرِّضُ لِلسُّيُوفِ إذا التَقَيْنا وُجُوهًا لا تُعَرَّضُ لِلِّطامِ ولِأنَّ الأدْبارَ يَأْنَفُ النّاسُ مِن ضَرْبِها؛ لِأنَّ ضَرْبَها إهانَةٌ وخِزْيٌ، ويُسَمّى الكَسْعَ. والوَجْهُ الثّانِي: أنْ يَكُونَ ضَمِيرُ "يَكُفُّونَ" عائِدًا إلى الَّذِينَ كَفَرُوا، والكَفُّ بِمَعْنى الدَّرْءِ والسَّتْرِ مَجازًا بِعَلاقَةِ اللُّزُومِ، أيْ حِينَ لا يَسْتَطِيعُونَ أنْ يَدْفَعُوا النّارَ عَنْ وُجُوهِهِمْ بِأيْدِيهِمْ ولا عَنْ ظُهُورِهِمْ، أيْ حِينَ تُحِيطُ بِهِمُ النّارُ مُواجَهَةً ومُدابَرَةً. وذِكْرُ الظُّهُورِ بَعْدَ ذِكْرِ الوُجُوهِ عَنْ هَذا الِاحْتِمالِ احْتِراسٌ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أنَّهم قَدْ يَكُفُّونَها عَنْ ظُهُورِهِمْ إنْ لَمْ تَشْتَغِلْ أيْدِيهِمْ بِكَفِّها عَنْ وُجُوهِهِمْ، وهَذا الوَجْهُ هو الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَن لَدَيْنا كُتُبُهم مِنَ المُفَسِّرِينَ، والوَجْهُ الأوَّلُ أرْجَحُ مَعْنًى؛ لِأنَّهُ المُناسِبُ مُناسَبَةً تامَّةً لِلْكافِرِينَ الحاضِرِينَ المُقَرَّعِينَ ولِتَكْذِيبِهِمْ بِالوَعِيدِ بِالهَلاكِ في قَوْلِهِمْ "مَتى هَذا الوَعْدُ" ولِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿سَأُرِيكم آياتِي﴾ [الأنبياء: ٣٧] كَما تَقَدَّمَ.
تأملات ووقفات مع الفوائد الإيمانية والتربوية والعملية أيمن الشعبان داعية إسلامي، ومدير جمعية بيت المقدس، وخطيب واعظ في إدارة الأوقاف السنية بمملكة البحرين. 3 1 551 التصنيف: المصدر: تاريخ ومكان الإلقاء: جامع راشد بن عبد الرحمن الزياني في قلالي بمملكة البحرين الوسوم: مواضيع متعلقة...
ثم قال تعالى: ( ما ينظرون إلا صيحة واحدة) أي لا ينتظرون إلا الصيحة المعلومة ، والتنكير للتكثير ، فإن قيل: هم ما كانوا ينتظرون بل كانوا يجزمون بعدمها ، فنقول: الانتظار فعلي لأنهم كانوا يفعلون ما يستحق به فاعله البوار وتعجيل العذاب وتقريب الساعة لولا حكم الله وقدرته وعلمه ، فإنهم لا يقولون ، أو نقول لما لم يكن قوله متى استفهاما حقيقيا ، قال: ينتظرون انتظارا غير حقيقي ، لأن القائل متى يفهم منه الانتظار نظر إلى قوله. وقد ذكروا ههنا في الصيحة أمورا تدل على هولها وعظمها: أحدها: التنكير يقال: لفلان مال كثير ، وله قلب أي جريء. وثانيها: واحدة أي لا يحتاج معها إلى ثانية. وثالثها: تأخذهم أي تعمهم بالأخذ وتصل إلى من في مشارق الأرض ومغاربها ، ولا شك أن مثلها لا يكون إلا عظيما.
والمواضع هي: 1. سورة يونس اية 48. 2. سورة الانبياء اية 38. 3. سورة النمل اية 71. 4. سورة سبأ اية 29. 5. سورة يس اية 48. 6. سورة الملك اية 25. يونيو 9، 2018 مريم صلاح ( 285ألف نقاط)