فقال هارون الرشيد: صدق من قال: إن الشعر من الشعر». يعرف كثير من الشعراء منذ مرحلة مبكرة أن مواصلة القراءة والاطلاع على الجديد سر من أسرار القدرة على مواصلة الكتابة والإبداع، كما يدركون أن القراءة عملية محفّزة تتيح معرفة قيمة الإنتاج بمقارنته بإنتاج المبدعين الآخرين، لكن اهتمامهم بالقراءة يتراجع تدريجيًا مع مرور الزمن ومع تزايد المشاغل. المسكوت عن المثلية الجنسية في التاريخ الاسلامي. وعبارة هارون الرشيد الجميلة: «إن الشعر من الشعر» تؤكد على مصداقية كلام أبي نواس بأن عملية الإبداع تتطلب مزيدًا من القراءة والحفظ، وتتضمن إضافة إلى ذلك دعوة لكل شاعر تقول: «دع عنك الكسل» وابدأ بالقراءة والاطلاع على إنتاج الشعراء المبدعين بدلًا من الدفاع عن إنتاجك الرديء بغباء، أو تبرير تراجع مستوى قصائدك بمبررات غير مقنعة. أخيرًا يقول فيصل العطاوي: أنا مهما سترتك داخل أشعاري ترى حبك بعيني ما هو بمستور عشان أسلا متى ما جابك الطاري أروح أقرا عن الجنة ووصف الحور تدور الأرض يومك أجمل أقداري ولكن من تفارقنا معاد تدور!
بمعنى آخر، إذا قام أهل الفلسفة بمشاركة من هم أدنى منهم عقلاً بآرائهم وفلسفتهم وحججهم في الدين، ينتج عن ذلك ضياع هؤلاء وقيامهم بتفسير الدين كأنّهم فلاسفة فيقعوا في الكفر. إذاً لكلّ مقام مقال، كما يقول المثل المعروف. (للأمانة، يجب القول أنّ ابن رشد وقع في مهالك الرأي حين كفّر من يقوم بتعريف العامّة على طبيعة تفكير الفلاسفة ونهجهم وحججهم). يدلّ هذا البحث على حقائق كثيرة كانت من المسلمات (الصامتة في معظم الأحيان) في الفكر الاسلامي الكلاسيكي. ثقافة النقد، إهداء العيوب وعيب فرضها | MENAFN.COM. أهمّها أن الرأي يعبّر عن قناعة راسخة لكنّها تحتمل الخطأ، وأنّ الرأي الآخر هو خاطئ لكنّه يحتمل الصواب. ومن سخرية القدر أنّ كثيرين في عصرنا هذا نسوا أو تناسوا أهميّة هذا الأمر، فأصبح الإسلام عندهم فقط عبارة عن حفظ لبعض الأحاديث والآيات القرآنية، والتسابق بالفتاوى والأراء الفقهية، والتسابق في إظهار علامات التدين، والتسابق في التحريم والتكفير. تناسوا أو نسوا أنّ الرأي لا يكون إلا في إطار آراء تتصارع وتتعايش مع بعضها البعض، وتنتج مجتمعةً حكمة ومنفعة للناس وصلاحاً لزمانهم وحكامهم. لذلك علينا أنّ نذكّرهم بما قاله أبو نواس معدّلاً: (قل لمن يدعي في الدين فلسفة.. حفظت رأياً وغابت عنك آراء).
قام الكثير من العلماء في عصر الاسلام الكلاسيكي، وتحت حجج مختلفة أهمها مفهوم "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، بتنصيب أنفسهم لوعظ الناس، كأنّ رأيهم في الدين هو الرأي وقولهم هو القول وكلّ رأي آخر كفر وضلال. الدافع إلى تصويب رأي أو سلوك الآخرين يمكن أن ينتج عن عفويّة أو عصبيّة من دون أن يكون بالضرورة واعياً أو مدركاً للتفاصيل والعوامل التي أثّرت في الآخرين ودفعتهم للقيام بأمور معيّنة أو الإدلاء برأي معين. صلاح الدين عووضة يكتب : داء ودواء!! - النيلين. لقد تنبّه معظم العلماء المسلمين إلى إشكاليّة عنجهية الرأي (ووقعوا في فخّها ايضاً في حالات كثيرة). نمت عندهم عادة تكرير عبارات أشهرها "والله أعلم" عند الانتهاء من كتابة موضوع أو إعطاء وجهة نظر في الدين. عبارة "والله أعلم" تدلّ على قناعة القائل أنّ رأيه قوي ونابع عن معتقدات أو مشاهدات أو براهين أو تحليلات، لكنّ صوابيّته ليست مطلقة وتتحمل الخطأ. من الأمثلة عن ذلك ما يقوله ابن قتيبة (ت. 889) في وصف كتابه "عيون الأخبار": "هذا الكتاب، وإن لم يكن في القرآن والسنة وشرائع الدين وعلم الحلال والحرام، دال على معالي الأمور، مرشد لكريم الأخلاق، زاجر عن الدناءة، ناه عن القبيح، باعث على صواب التدبير وحسن التقدير ورفق السياسة وعمارة الأرض.
يستوقفنا أيضاً في كلام ابن قتيبة أنّ الدين ليس فقط القرآن والسنّة والشرع، بل ثمة أمور كثيرة يحتاجها الناس والمجتمع: الأخلاق ودرء القبيح والتدبير الصائب والسياسة الراشدة وحتّى مبادئ العيش والتكاثر. نستشعر هنا وعند أبي نواس أنّ الرأي، مهما علا شأنه وقويت حجّته، يبقى رأياً لصاحبه، وليس بالضرورة لكل الناس. يُعبّر الرأي عن قناعة راسخة لكنّها تحتمل الخطأ، مثلما أنّ الرأي الآخر هو خاطئ لكنّه يحتمل الصواب. ومن سخرية القدر أنّ كثيرين في عصرنا هذا نسوا أو تناسوا أهميّة هذا الأمر، فأصبح الإسلام عندهم فقط عبارة عن حفظ لبعض الأحاديث والآيات القرآنية، والتسابق بالفتاوى والأراء الفقهية حتّى أن رموز التطرف في الإسلام أمثال ابن تيمية وتلميذه ابن قيّم الجوزيّة (ت. 1350) أقرّوا (ولو على مضض) بأنّه ليس هناك من طريق واحد إلى الله. دع عنك لومي فإن اللوم إغراء أبو نواس. يقول ابن قيّم مثلاً في كتابه "طريق الهجرتين وباب السعادتين": "وأما ما يقع فى كلام بعض العلماء أن الطريق إلى الله متعددة متنوعة جعلها الله كذلك لتنوع الاستعدادات واختلافها، رحمة منه وفضلا، فهو صحيح.. وكشف ذلك وإيضاحه أن الطريق وهى واحدة جامعة لكل ما يرضى الله، وما يرضيه متعدد متنوع.. بحسب الأزمان والأماكن والأشخاص والأحوال، وكلها طرق مرضاته، فهذه التى جعلها الله سبحانه لرحمته، وحكمته كثيرة متنوعة جدا لاختلاف استعدادات العباد وقوابلهم.. ليسلك كل امرىء إلى ربه طريقاً يقتضيها استعداده وقوتّه وقبوله.
أحدى هذه النقاط السوداء من وجهة نظرهم طبعاً أنتشار ظاهرة المثلية بكل أصنافها الثلاثة مثلي الجنس ، مثلية الجنس، وذو الميول المزدوجة. والذي قض مضجعهم أكثر هو زيادة الاعتراف بالمثليين وتواجدهم العلني والمساواة بحقوقهم الشرعية ، بما فيها حقوق الزواج ، التبني، العمل ، الخدمة العسكرية ، العناية الطبية ، وكذلك سن تشريعات تكافح التنمر لتحمي القاصرين المثليين. بينما في مجتمعاتهم التي تكاد تنعدم فيها حقوق الأنسان لا تعرف غير لغة الشجب والاستنكار والاستياء وإنزال أقصى العقوبات قد تصل في بعض الدول إلى درجة الاعدام على هذا السلوك المحرم شرعاً وقانوناً وغير مقبول ثقافياً واجتماعيا. كل الحضارات الإنسانية والأديان الإبراهيمية ، مثل اليهودية والمسيحية والإسلام ، تعارض بشكل عام المثلية الجنسية وتعتبرها خطيئة، وسلوك شاذ، وعمل مشين، في نصوص موجودة في كتبهم المقدسة لا مجال هنا لذكرها، ومع ذلك هناك تقبل لها من قبل بعض رجال الدين وبعض الطوائف، تعتبر في الدول المتقدمة المصطلحات: شاذ جنسياً ، لوطي ، سحاقية ، مصطلحات مسيئة ، يتم أستخدامها لإهانة المثليين. لقد تم أعتبار السلوك المثلي أسلوب حياة بعد صولات وجولات العلم في هذا المجال وتحريره من قبضة الألقاب المسيئة ذات الدلالات الثقافية والإجتماعية والدينية التقليدية, بالرغم من خلاف بين العلماء وعدم اجماعهم فيما اذا كان لهذا السلوك اساس جيني أم لا.
ومن هنا يُعلم تنوع الشرائع واختلافها مع رجوعها كلها إلى دين واحد بل تنوع الشريعة الواحدة مع وحدة المعبود ودينه، ومنه الحديث المشهور: "الأنبياء أولاد علات دينهم واحد".. فشبّه دين الأنبياء بالأب الواحد وشرائعهم بالأمهات المتعددة، فإنها وإن تعددت فمرجعها كلها إلى أب واحد". إذاً، يقرّ ابن قيّم بأن ما يرضي الله متعدّد ومتنوّع، وهو شيء أراده الله، يختلف مع اختلاف استعدادات الناس (العقلية والنفسية والبدنيّة) وزمانهم وأماكنهم. كلّ امرىء يسلك الطريق التي تناسب وضعه وعقله. ليس هذا فقط، بل أراد الله أيضاً، برأي ابن قيّم، أن يكون هناك شرائع، وحتّى في نفس الشريعة هناك خلاف وتنوع. وحين ينتقد الإمام الغزالي (ت. 1111) في كتاب "إحياء علوم الدين" بعض أهل التصوّف الذين يؤمنون أنّ رأيهم وطريقتهم هي الوحيدة الصحيحة، يقول: "وكلام المتصوفة أبداً يكون قاصراً، فإنّ عادة كل واحد منهم أن يخبر عن حال نفسه.. لا يهمه أمر غيره إذ طريقه إلى الله نفسه ومنازله وأحواله. وقد يكون طريق العبد إلى الله العلم. فالطرق إلى الله تعالى كثيرة وإن كانت مختلفة في القرب والبعد. والله أعلم بمن هو أهدى سبيلاً مع الإشتراك في أصل الهداية".
من هنا، فإنّ تعريفنا بعيوبنا هديّة عظيمة، وفرض عيوبنا على غيرنا عمل بلا قيمة وأهون من أن يفتّ في عزيمة. أخبار مقالات أضف تعليقك د. مهند العزة Radio Al-Balad اخر الاخبار الوحدات وجمهوره يتضامنان مع الأسرى الأربعة (شاهد) توقع تساقط زخات مطر خفيفة ومتفرقة في شمال المملكة الحكم على موظف حكومي بالأشغال المؤقتة 5 سنوات وتغريمه أكثر من مليون دولار النقل.. رغم عودة السعة المقعدية "التعرفة" لم تعد والعمال أكبر المتضررين شمول 1257 أسرة جديدة بالمعونة الشهرية في آب الماضي كيف لامرأة أردنية أن تكون سياسية؟ MENAFN12092021000209011053ID1102780499 إخلاء المسؤولية القانونية: تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية. إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.