قد يجد المؤمن خبراً سارت به الركبان، وتحدث به القاصي والداني، وقد طار في الآفاق وليس له أصل من الصحة؛ لذا أمر الله عباده المؤمنين بالتثبت في الأخبار قبل نقلها وبثها بين الناس، ذلك أنه قد يحصل بعدم التثبت فتنة عظيمة، وربما نشبت الحروب، وقامت الثارات، وفشت الخصومات، من غير سبب حقيقي. تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا... ) بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين. معنى كلمة فتبينوا - namoaratana. لا زلنا مع سلسلة نداءات الرحمن، ومع النداء الحادي والسبعين في الآية السادسة من سورة الحجرات، وهو قول ربنا جل جلاله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات:6]. سبب نزول الآية هذه الآية باتفاق أهل التفسير نازلة في شأن الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، فقد أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق من أجل أن يجمع صدقاتهم، فلما سمعوا به تلقوه فرحاً به، فخاف منهم وظن أنهم يريدون قتله، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وزعم أنهم منعوا الصدقة وأرادوا قتله، فقدم وفد منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بكذب الوليد فأنزل الله هذه الآية.
وباتت النساء والعائلات تقدّم صورها بالمجّان لملايين البشر وبأشكال مختلفة مسهّلة الأمر لمتصيّدي الفرص. وهكذا، لم يعد هناك ما يخفيه الأفراد، فكلّ شيء تطاله عدسة الهواتف الذكيّة، ويقدّم على موائد مواقع التواصل الاجتماعيّ بالمجّان دون اهتمام بخصوصيّة الأُسر والأفراد، وغدت الصور والفيديوهات أكثر ما يتمّ نشره، والمعظم منها تحيط به الشكوك، ونماذج ذلك أكثر من أن تُحصى. •نتائج النشر الوخيمة لا يتوقّف الخطر عند نشر الصور والفيديوهات فقط، بل إنّ من يملك خبرة بسيطة في معالجة الصور يستطيع إخراجها عن مضمونها وإخراجها بصورة غير أخلاقيّة، مثل برنامج (dee صلى الله عليه وآله وسلم fake)، الذي هو من أخطر البرامج والتطبيقات، حيث يمكن من خلاله تحريك صورة الشخص بحسب المطلوب وجعلها تتكلّم وبصوته. ومع وجود إمكانات اختراق الهواتف وأجهزة الحواسيب، وصل الخطر إلى الصورة المحفوظة في مواقع التواصل المحميّة بكلمات السرّ. •الجرائم الإلكترونيّة لقد امتاز هذا العصر بالانتشار الهائل للأخبار والمعلومات دون التفات إلى نوعها، فالمهمّ بالنسبة إلى الكثيرين هو النشر للأخبار الدسمة مفيدةً كانت أم مضرّة. ولم يعد خافياً على أحد تعدّي شركات خدمات الإنترنت على هذه المعلومات واستخدامها بأشكال مختلفة، تجاريّة وترويجيّة وسياسيّة وأمنيّة، خصوصاً مع غلبة الفكر النفعيّ والرأسماليّ على العالم وسريانه إلى تكنولوجيا الإنترنت، ما سمح للأعداء بالتحكّم بمقدّرات شعوبنا ومجتمعاتنا، والوصول إلى حدّ التأثير على أفكارهم وتغيير آرائهم من خلال الهندسات الاجتماعيّة وإقامة الثورات الوهميّة لتحقيق مآربهم في السيطرة.