عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَانَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَىاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِامْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وفي الحديث مسائل: الأولى: قوله (إنما الأعمال بالنيات) هذا يقتضي الحصر والمعنى إنما الأعمال صالحة أو فاسدة أو مقبولة أو مردودة بالنيات ، فيكون خبرا عن حكم الأعمال الشرعية فلا تصح ولا تحصل إلا بالنية ومدارها بالنية. وقوله (وإنما لكل امرئ بالنية) إخبار أنه لا يحصل له من عمله إلا مانواه به فإن نوى خيرا جوزي به وإن نوى شرا جوزي به وإن نوى مباحا لم يحصل له ثواب ولا عقاب ، وليس هذا تكرير محض للجملة الأولى فإن الجملة الأولى دلت على صلاح العمل وفساده والثانية دلت على ثواب العامل وعقابه. الثانية: النية (لغة) القصد والعزيمة. لكل امرئ مانوى. و(اصطلاحا) هي القصد للعمل تقربا إلى الله وطلبا لمرضاته وثوابه. وتطلق النية في كلام العلماء على معنيين: (1) نية المعمول له: أي تمييز المقصود بالعمل هل هو الله وحده لا شريك به أم غيره أم الله وغيره ، وهذا المعنى يتكلم فيه العارفون في كتبهم من أهل السلوك الذين يعتنون بالمقاصد والرقائق والإيمانيات.
أطلق نواياك بدايةً من هذه السنة فدائمًا هناك وقت لوضع نوايا جديدة وهناك وقت لتغييرها.. أسأل الله أن يكتب لكم حياة جميلة وسعيدة كما تحبون تأكدوا أنكم تعيشون الحياة التي تريدونها دُمتم بخير 💗 التنقل بين المواضيع
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لركانة حين طلق امرأته البتة: كم أردت؟ ويدخل في هذا المعنى ما ينويه الإنسان في يمينه مما يخالف باطن معناه ظاهر الاسم فيسقط عنه الحنث، كمن قال: والله ما رأيت زيدا، وهو ينوي أنه لم يصب رئته، وما كلمت عمرا، يريد ما جرحته، ونحو ذلك من الكلام المحتمل للمعاني المختلفة. وقد يستدل به على أن كل ما يحتال به في العقود والبياعات من غش وخلابة واستفضال صرف أو ربا، أن جميع ذلك باطل في حق الدين، لأنه إنما قصد به التوصل إلى المحظور والأمر المحرم، لا يجوز أن يستباح به الشيء المحظور في حق الدين، وقد استدل به بعضهم على أن طلاق السكران غير واقع، إذا كان لا يدري ما يقول، وهذا الاستدلال فيه بعد وضعف؛ لأن موضع النية من الطلاق خالٍ وجوبا وسقوطا إلا أن يكون إيقاعُه الطلاق بلفظ من ألفاظ الكناية فيتعلق بالنية. وقد زعم قوم أن الاستدلال بهذا الحديث في غير نوع العبادات غيرُ صحيح، لأن الحديث إنما جاء في اختلاف مصارف وجوه العبادات لاختلاف النيات لها، فإذا أخرج إلى غير نوع ما جاء فيه لم تسر دلالته إليه، فأما عوام الفقهاء فإنهم إنما ينظرون إلى اتساع لفظ الكلام واحتمال الاسم لما يصلح صرفه إليه من المعاني ويراعون الأسباب التي يخرج عليها الكلام، ولا يقصرونه على نوعه حتى لا يتعداه إلى غيره.
وقوله: (فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله) فمعناه أن من قصد بالهجرة قصد القربة إلى الله عز وجل لا يخلطها بشيء من (الدنيا) وطلب أرب من آرابها، فهجرته إلى الله ورسوله أي فهجرته مقبولة عند الله وعند رسوله، وأجره واقع على الله عز وجل، (ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)، يريد أن حظه من هجرته هو ما قصده من دنيا، ولا حظ له في الآخرة. ويروى أن هذا إنما جاء في رجل كان يخطب امرأة بمكة فهاجرت إلى المدينة فتبعها الرجل رغبة في نكاحها فقيل له: مهاجر أم قيس.
2- هجرة مستحبة وهي الإنتقال من بلد البدعة إلى بلد السنة ومن المعصية إلى الطاعة ، وقد كان كثير من السلف يهاجر لذلك. كيف نطبق معنى هذا الحديث في حياتنا اليومية ؟ تجديد النية في كل عمل قبل القيام به حتى يثبت الأجر.. ولايكون مما ( وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً) فمثلاً: -الموظف استيقاظه صباحاً وذهابه الى عمله لانهاء بعض المعاملات كان من الذين يمرون على الصراط كالبرق يوم القيامة يحشرقوم من أمتي يوم القيامة على منابر من نور يمرون على الصراط كالبرق الخاطف نورهم تشخص منه الأبصار لاهم بالأنبياء ولاهم بصديقين ولاشهداء. إنهم قوم تقضى على أيديهم حوائج الناس.
فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله وهي لمن كان في زمن النبي -عليه الصلاة السلام-، وأراد في هجرته من دار حرب إلى دار الإسلام، قاصداً الأجر والثواب، والانقياد والطاعة لله -عزَّ وجلّ- ونبيّه -عليه الصلاة السلام-. ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها أي من بلاد الحرب إلى دار الإسلام طالباً فيها التجارة أو الزواج. فهجرته إلى ما هاجر إليه فهذا فيه استحقار لما فيه من أمر الدنيا. مكانة حديث (إنما الأعمال بالنيات) يُعدّ حديث "إنّما الأعمال بالنيّات" من أصول الدين وقواعده، فهو من الأحاديث التي يقوم عليه الدين، حيث يُبيّن باطن وخفايا العمل، وهو إشارة إلى ضرورة الإخلاص في العمل لله -عزّ وجلّ-، فحتى يُقبل عمل المرء لا بدّ أن يكون صواباً خالصاً لله -تعالى-، فتكون نيّة المرء لله -تعالى- صحيحة وموافقة لما ورد في السنّة النبويّة. [٤] قال الله -تعالى-: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)، [٥] وقد تميّز هذا الحديث بكونه جاء مُقدَّماً في كتب الحديث، وقد أوصى أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي من أراد تصنيف أي كتاب، أن يبدأ بحديث "إنّما الأعمال بالنيّات".