وكذلك الأمر، إنَّ " صلواة العِشآء " في آية (٥٨) من سورة النور هي " إقامة الصلواة إلى غسق الّيل " في آية (٧٨) من سورة الإسراء. أمّا بالنسبة لعبارة "صلواة الظهر" أو "صلواة العصر" أو "صلواة المغرب"، فلم يذكر الله عزَّ وجلّْ أي شَيء عن تلك الصلوات لا في هذه الآية ولا في جميع آيات القرءان الكريم، بل نجد بأنَّه تعالى قال في آية (٥٨) من سورة النور: "وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة". تفسير الآية " وأقم الصلاة لدلوك الشمس " | المرسال. لقد ذكر الله عزَّ وجلّ لنا في هذه الآية من سورة النور "صلواة الفجر" و"صلواة العِشآء"، وإذا كان هناك فعلاً خمس صلوات فرض كما تعلمنا أو ثلاث فلماذا لم يذكر تعالى لنا أيضًا "صلواة الظهر" لكنه قال لنا بدلاً عنها " وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة "؟ إذًا فهذا يُعطينا أيضًا الدليل والبرهان على أنَّ الصلواة وإقامتها الّتي ذكرها الله عزَّ وجلَّ لنا في القرءان الكريم ليس لها أيَّة دعوة بالخمس صلوات فرض أو ثلاث، ولا تمُتُّ بِأية صلة لتلك الصلوات البهلوانية. (٢): إذا عُدنا لآية (٧٨) في سورة الإسراء وتدبَّرنا معانيها وضربناها ببعضها: نجد وبوضوح تام أنَّ الله تبارك وتعالى لم يدعوا محمدًا عليه السلام إلى إقامة الصلواة خمس مرات أو ثلاثة في النهار فقط، بل دعاهُ إلى إقامة الصلواة في كل وقت من أوقات اليوم، من الفجر إلى غسق الَّيْل، وهذا يعني أنَّ الله تعالى يدعوا محمدًا عليه السلام في هذه الآية الكريمة إلى إقامة الصلواة أي نشر الدعوة وإعطاء وتبليغ رسالة القرءان للناس أجمعين في جميع الأوقات، وهذه هي مُهمَّتُهُ كرسول حامل لرسالةِ الله.
فالخطاب بالأمر للنبيء ، ولكن قد تقرر من اصطلاح القرآن أن خطاب النبي بتشريععٍ تدخُل فيه أمته إلا إذا دل دليل على اختصاصه بذلك الحكم ، وقد عَلم المسلمون ذلك وشاع بينهم بحيث ما كانوا يسألون عن اختصاص حكم إلا في مقام الاحتمال القوي ، كمن سأله: ألنا هذه أمْ للأبد؟ فقال: بل للأبد. والإقامة: مجاز في المواظبة والإدامة. وقد تقدم عند قوله تعالى: { ويقيمون الصلاة} في أول سورة [ البقرة: 3]. واللام في { لدلوك الشمس} لام التوقيت ، وهي بمعنى ( عند). اقم الصلاه لدلوك الشمس. والدلوك: من أحوال الشمس ، فوَرد بمعنى زوال الشمس عن وسط قوس فَرْضيّ في طريق مسيرها اليومي. وورد بمعنى: مَيل الشمس عن مقدار ثلاثة أرباع القوس وهو وقت العصر ، وورد بمعنى غروبها ، فصار لفظ الدلوك مشتركاً في المعاني الثلاثة. والغسق: الظلمة ، وهي انقطاع بقايا شعاع الشمس حين يماثل سواد أفق الغروب سواد بقية الأفق وهو وقت غيبوبة الشفق ، وذلك وقت العشاء ، ويسمى العتمة ، أي الظلمة. وقد جمعت الآية أوقاتاً أربعة ، فالدلوك يجمع ثلاثة أوقات باستعمال المشترك في معانيه ، والقرينة واضحة. وفهم من حرف ( إلى) الذي للانتهاء أن في تلك الأوقات صلوات لأن الغاية كانت لفعل { أقم الصلاة} فالغاية تقتضي تكرر إقامة الصلاة.
وحاول بعض أن يفلسف المسألة في التفسيرين الأولين بأن أصله من الدلك، فسمي الزوال دلوكاً لأن الناظر إليها يدلك عينيه لشدّة شعاعها، وفي التفسير الثالث، أن الغروب سمي دلوكاً لأن الناظر يدلك عينيه ليتبينها، كما ورد في مجمع البيان[2]. ولكن الظاهر هو التفسير الأول، لأن الثالث، يعني عدم التعرض لصلاة النهار، فلا تكون الآية شاملةً لأوقات الصلاة كلها. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الإسراء - الآية 78. أمّا غسق الليل، فهو ظهور ظلام الليل، أو شدّته، وهو الذي يتمثل في منتصفه، وبذلك تكون متعرضةً ًلصلاة المغرب والعشاء التي تمتد إلى ذلك الوقت. {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} أي صلاة الفجر، باعتبار أن الصلاة تمثل الجوّ القرآنيّ لما تشتمل عليه من القرآن الذي هو روح الصلاة، ذلك أن القراءة هي التعبير التفصيلي عن الأجواء الروحية والفكرية والشعورية التي تثيرها الصلاة في نفس المسلم المؤمن، من خلال سورة الفاتحة، والسور الأخرى التي تتلوها، لا سيما سورة التوحيد، في ما تجسده للإنسان من التصور العقيدي الذي يلتقي بالله في توحيده، وشمول ربوبيته للعالمين، وإفاضة رحمته على الناس كلهم، وسلطته المطلقة على الطرق التي تحتاج إلى الهادي من الداخل أو الخارج. وبهذا ينطلق الخضوع في الرّكوع والخشوع في السجود، والاستسلام في الموقف وفي كل حركات الصلاة، ليكون نتيجةً لما عاشه الإنسان في القراءة فكراً ووجداناً، ليمارسه في الركوع تطبيقاً وتجسيداً.
وقيل: إقبال ظلمته. قال زهير: ظلت تجود يدها وهي لاهية حتى إذا جنح الإظلام والغسق يقال: غسق الليل غسوقا. والغسق اسم بفتح السين. وأصل الكلمة من السيلان; يقال: غسقت العين إذا سالت ، تغسق. وغسق الجرح غسقانا ، أي سال منه ماء أصفر. وأغسق المؤذن ، أي أخر المغرب إلى غسق الليل. وحكى الفراء: غسق الليل وأغسق ، وظلم وأظلم ، ودجا وأدجى ، وغبس وأغبس ، وغبش وأغبش. وكان الربيع بن خثيم يقول لمؤذنه في يوم غيم: أغسق أغسق. يقول: أخر المغرب حتى يغسق الليل ، وهو إظلامه. الثالثة: اختلف العلماء في آخر وقت المغرب; فقيل: وقتها وقت واحد لا وقت لها إلا حين تحجب الشمس ، وذلك بين في إمامة جبريل; فإنه صلاها باليومين لوقت واحد وذلك غروب الشمس ، وهو الظاهر من مذهب مالك عند أصحابه. وهو أحد قولي الشافعي في المشهور عنه أيضا وبه قال الثوري. اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل. وقال مالك في الموطأ: فإذا غاب الشفق فقد خرجت من وقت المغرب ودخل وقت العشاء. وبهذا قال أبو حنيفة وأصحابه والحسن بن حي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود; لأن وقت الغروب إلى الشفق غسق كله. ولحديث أبي موسى ، وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالسائل المغرب في اليوم الثاني فأخر حتى كان عند سقوط الشفق.
ما يحتويه تفسير: أقم الصلاة لدلوك الشمس من قضايا إيمانية تشير هذه الآية الكريمة إلى نقاط أساسية حول الصلاة ومواقيتها، والتي تعد أقوى ركائز العقيدة الإسلامية؛ حيث تتحدث بكل دقة عما يلي: تم خلالها ذكر الأوقات الخمسة لصلوات الفرائض التي أمرنا بها الله عز وجل. كما تشير تلك الآية إلى ضرورة الالتزام بموعد الصلاة كشرط أساسي لوجوب الصلاة وصحتها. كما يُستنبط أيضًا من مقصد تلك الآية إمكانية الجمع بين الصلوات المذكورة فيما بين فرائض صلاة الظهر وصلاة العصر، وكذلك فرائض صلاة المغرب مع العشاء وذلك للعذر القوي. كذلك قد تم خلالها ذكر فضل قراءة القرآن في صلاة الفجر عن سائر الصلوات الأخرى. اقم الصلاة لدلوك الشمس. إعراب الآية الكريم أقم الصلاة لدلوك الشمس يمكنك أيضًا التعرف على (تفسير: أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودًا) من خلال الموقع الإعرابي لكلماتها، وهي كالتالي: أقم: فعل أمر مبني على السكون، والفاعل عبارة عن ضمير مستتر تقديره أنت، وهذا الأمر موجه إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. الصلاة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. لدلوك: اللام حرف جر، دلوك اسم مجرور باللام وعلامة جره الكسرة.
ما المراد بقول الله تعالى: (.. إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) ؟، سؤال ورد لمجمع البحوث الاسلامية بالأزهر الشريف، وجاء رد اللجنة كالآتى: قال سبحانه في محكم التنزيل: { أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]. فقيل إن معنى قوله تعالى: { أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} أن ما تقرأ به فى صلاة الفجر من القرآن الكريم يكون مشهودًا؛ أي أن ملائكة الليل والنهار يشهدونها، فظهرت لها الخصوصية والفضل؛ فقد أَخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يَتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادى؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون ". من الآية 78 الى الآية 79. وقيل: تشهده كثرة من المصلين عادة أو من حقه أن يكون ذلك. وقيل: تشهده وتحضر فيه شواهد القدرة من تبدل الضياء بالظلمة، واليقظة بالنوم. ويصح أن يكون قوله تعالى "مَشْهُودًا" كناية عن رفعته ومقامه عند اللَّه تعالى وعند المؤمنين.