24 أكتوبر 2019 18:53 هوية بريس – وكالات تتوالى الاعتقالات في السعودية على خلفية انتقاد أنشطة هيئة الترفيه الحكومية، التي جاءت لاستعادة ما يقال إنها الحالة الطبيعية للمجتمع السعودي قبل عصر الصحوة الإسلامية، غير أن أطيافا مختلفة من ذلك المجتمع تقبع في غياهب السجن؛ مما يشكل مفارقة في المشهد السعودي في عهد ولي العهد محمد بن سلمان. وإذا كان الترفيه بصورته الحالية مطلبا شعبيا، وعودة للحياة الطبيعية للمجتمع السعودي قبل أن تختطفه الصحوة، كما تردد السلطة وإعلامها؛ فلماذا يُعتقل أناس يفترض أنهم يمثلون شرائح من الشعب، بعيدا عن حجمهم في المجتمع في ظل غياب مقاييس للرأي العام في الدولة؟ أرادت السلطات السعودية أن تعيش حداثة وتقدم ما حُرم منه الشعب عقودا، فقد قال ولي العهد السعودي في مؤتمر مبادرة المستقبل في أكتوبر 2017 إن "المجتمع السعودي لم يكن بهذا الشكل قبل 1979 (قيام الثورة الإيرانية وبداية انتشار الصحوة الإسلامية في السعودية)، نحن فقط نعود إلى ما كنا عليه، إلى الإسلام المنفتح على جميع الأديان والتقاليد والشعوب". وأضاف "نريد أن نعيش حياة طبيعية"، مهددا بالقضاء على ما أسماها "بقايا التطرف"، وهو يشير إلى الرموز الدينية والصحوية التي يمكن أن تنتقد توجهاته الاجتماعية، ومنها الترفيه.
لدي إيمان عميق جدا بأن الشعر الشعبي هو أخٌ للفصيح، وليس هناك اختلاف جذري، وإنما رتوش بسيطة لا تؤثر على البنية الأساسية لعلم الشعر. أحيان أقول أن بعض المواضيع لا يمكن أن يعبّر عنها إلا بالشعبي، وتارة أقول بالفصيح؛ كلا الأمرين شعر؛ بيد أن القالب الشعري مهم جدا للموضوع الذي يريد أن يناقشه الشاعر. سمعت قصيدة الشاعر سفر الدغيلبي المعنونة (يا جارنا اللي نزلت ديارنا) وهالني ما فيها من تكثيف للمعنى، وطرح عدة مواضيع في قصيدة واحدة، لقد اشتملت هذه القصيدة على صنوف أنواع الشهامة والكرم والتقوى على ما سنبينه لاحقا إن شاء الله. ولستُ بوحيد في هذا المضمار، فلقد أُعجب قبلي الأديب الكبير أبو تراب الظاهري بقصيدة لخلف بن هذال التي قيلت في حرب الخليج وقال أنها هي وقصيدة أخرى لعبدالله بن خميس كانتا أشد على الأعداء من ضرب المدافع، وأن هاتين القصيدتين ثبتتا الجنود المرابطين. فأنت كما ترى أن القصيد الشعبي له أثر في النفوس ويعمل على تثبيت الجنود، والدفاع عن الوطن لاسيما إن خرج الشعر من شاعر قد شهد له الناس بالتقدم في الشعر مثل الشاعر سفر الدغيلبي. هذه قراءة انطباعية، ولا أزعم أنها صحيحة وأن ما رميتُ له كان الشاعر يقصده؛ لكن حينما خرجت القصيدة من فم الشاعر انتهى دوره، وبدأ دور القارئ فالمعنى في بطن القارئ لا الشاعر لأنه هو الذي يملك تأويل القصيدة واستثارة معانيها إن كان من أهل النظر والفحص والتجربة.
البيت الثاني عشر: جاوبتها شبه متماسك وأنا في عظامي برود حنا عرب والعرب عاداتها شي من دينها أعجبني الصدق في قوله (شبه متماسك) نعم هكذا هي حالته ولاسيما إذا تذكرنا أنها جميلة وفارعة وبارعة ومعجبة به وجالسة بجانبه بين الذرا والعمود فكل هذه الأمور تجعله يجاوب بشبه تماسك. جاوبها بشكل قاطع وصريح بأنني عربي ولازلت متمسك في عادات العرب في عدم هتك ستر المرأة خصوصا أن العادة محكّمة في الشريعة أي أن كل عادة تستقر في النفوس من الأمور المتكررة المعقولة عند الطبائع السليمة هي محكّمة ومعتبرة، ولا يؤكد هذه العادة أفضل من حفظ جانب الجار وعدم التعدي عليه بأي نوع من أنواع التعدي. البيت الثالث عشر: والجيرة إلها خطوط حمر فالدين وإلها حدود في يومها الأولي ولا ليا طالت سنينها هو يقول أن الجيرة فاعلة وموغلة في التعظيم في الشرع سواء من أول يوم في الجوار أو بعد سنين طويلة، فالجيرة لها حرمتها، وهو بهذا يشدد على المعنى في البيت السابق بأن من عادات العرب حفظ الجوار. البيت الرابع عشر: يا بنت الأجواد أنا فالعلم هذا ذليل وشرود حقيقتن لو باخفيها عن الناس يا بينها ما هو هذا العلم الذي يقول الشاعر عن نفسه أنه فيه ذليل وشرود؟ هل كان في مقام يوسف مع امرأة العزيز؟ إنه يجيد تغليف المعنى بإحكام وهو شاعر من الطراز الأول في هذا الجانب بحكم شاعريته وممارسته لشعر المحاورة، وهذا غاية في الإبداع بسبب أنه لم يأتي على معنى تمجه الأسماع وتستقذر منه النفوس، بل غلّف المعنى وقال أنا أعترف أن في هذه الحالة فقط فأنا شارد من ما تستقبحه النفس، ولو حاولتُ أن أخفي هذه الصفة فستبين لا محالة.