ومن المناسبات العظيمة التي يجمع فيها المسلم بين هذه الأمور الثلاثة عيد الفطر، حيث يخرج زكاة الفطر، ويخرج للصلاة مكبراً تكبيرات العيد، ولذلك فالآية وإن كانت عامة إلا أن إحدى أهم أفراد ذلك العام هو عيد الفطر، وعليه يحمل قول من قال من السلف: "هي زكاة الفطر وصلاة العيد". (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) هذا هو الداء العضال الذي ابتليت به البشرية عبر تاريخها، وكما قالوا في الآثار "حب الدنيا رأس كل خطيئة"، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن ضعف الأمة وتكالب الأعداء عليها إنما يحصل حينما يلقى في قلوبهم الوهن، وفسره بأنه حب الدنيا وكراهية الموت. (وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) وهذا هو الدواء لذلك الداء، أن تعلم أن الآخرة أفضل من الدنيا من جهتين أنها خير منها، وأنها أبقى منها، ولو لم تكن إلا هذه الصفة الأخيرة لكان على العاقل أن يختارها فكيف مع اجتماع هاتين الصفتين، وهذا معنى قول من قال من السلف "لو كانت الدنيا من ذهب يفنى، والآخرة من خزف يبقى، لكان على العاقل أن يختار الخزف الباقي على الذهب الفاني، فكيف والآخرة من ذهب يبقى والدنيا من خزف يفنى". بل تؤثرون الحياة الدنيا - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. ولكن لماذا يختار الناس الدنيا ويتركون الآخرة التي هي خير وأبقى، والجواب في قوله تعالى (كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وتذرون الآخرة) (القيامة: 20).
ولذلك فإن العلاج ليس فقط معرفة أن الآخرة خير وأبقى بل في استحضار ذلك ماثلاً أمام العين، كما في حديث حنظلة ـ رضي الله عنه ـ: (نكون عندك يا رسول الله فتذكرنا بالجنة والنار حتى كأنها رأي العين). (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) أي أن هذه الموعظة قد نزلت في الكتب السماوية السابقة، قيل بنصها وقيل بمعناها، وخص بالذكر إبراهيم وموسى عليهما السلام لكونهما أفضل الأنبياء بعد محمد صلى الله عليه وسلم.
إعراب الآية (1): {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)}. (سَبِّحِ) أمر فاعله مستتر (اسْمَ رَبِّكَ) اسم مفعول به مضاف إلى ربك (الْأَعْلَى) صفة ربك والجملة ابتدائية لا محل لها.. إعراب الآية (2): {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2)}. (الَّذِي) صفة ثانية لربك (خَلَقَ) ماض فاعله مستتر والجملة صلة (فَسَوَّى) معطوف على خلق.. إعراب الآية (3): {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (3)}. الجملة معطوفة على ما قبلها.. إعراب الآية (4): {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (4)}. الجملة معطوفة على ما قبلها أيضا.. إعراب الآية (5): {فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (5)}. (فَجَعَلَهُ) ماض ومفعوله الأول والفاعل مستتر (غُثاءً) مفعول به ثان (أَحْوى) حال من المرعى والجملة معطوفة على ما قبلها.. إعراب الآية (6): {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (6)}. (سَنُقْرِئُكَ) السين للاستقبال ومضارع ومفعوله والفاعل مستتر والجملة مستأنفة (فَلا تَنْسى) الفاء حرف تعليل ولا نافية ومضارع فاعله مستتر.. إعراب الآية (7): {إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (7)}. (إِلَّا) حرف استثناء (ما) اسم موصول في محل نصب على الاستثناء (شاءَ اللَّهُ) ماض ولفظ الجلالة فاعله والجملة صلة (إِنَّهُ) إن واسمها (يَعْلَمُ) مضارع فاعله مستتر (الْجَهْرَ) مفعول به والجملة الفعلية خبر إن والجملة الاسمية تعليلية لا محل لها.