هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا (1) سورة الإنسان وهي إحدى وثلاثون آية مكية في قول ابن عباس ومقاتل والكلبي. وقال الجمهور: مدنية. وقيل: فيها مكي ، من قوله تعالى: إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا إلى آخر السورة ، وما تقدمه مدني. تفسير سورة الإنسان. وذكر ابن وهب قال: وحدثنا ابن زيد قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليقرأ: هل أتى على الإنسان حين من الدهر وقد أنزلت عليه وعنده رجل أسود كان يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال له عمر بن الخطاب: لا تثقل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال: " دعه يا بن الخطاب " قال: فنزلت عليه هذه السورة وهو عنده ، فلما قرأها عليه وبلغ صفة الجنان زفر زفرة فخرجت نفسه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أخرج نفس صاحبكم - أو أخيكم - الشوق إلى الجنة وروي عن ابن عمر بخلاف هذا اللفظ ، وسيأتي. وقال القشيري: إن هذه السورة نزلت في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. والمقصود من السورة عام. وهكذا القول في كل ما يقال إنه نزل بسبب كذا وكذا. بسم الله الرحمن الرحيم هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا قوله تعالى: هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا هل: بمعنى قد; قاله الكسائي والفراء وأبو عبيدة.
وقد قيل: ( الإنسان) في قوله تعالى هل أتى على الإنسان حين عني به الجنس من ذرية آدم ، وأن الحين تسعة أشهر ، مدة حمل الإنسان في بطن أمه لم يكن شيئا مذكورا: إذ كان علقة ومضغة; لأنه في هذه الحالة جماد لا خطر له. وقال أبو بكر - رضي الله عنه - لما قرأ هذه الآية: ليتها تمت فلا نبتلى. تحميل كتاب تفسير سورة الإنسان PDF - مكتبة نور. أي ليت المدة التي أتت على آدم لم تكن شيئا مذكورا تمت على ذلك ، فلا يلد ولا يبتلى أولاده. وسمع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رجلا يقرأ هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا فقال ليتها تمت.
قال تعالى: غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ [الروم:2-4]. والله عز وجل يأتي بجنود من مكان فيغلبون الجنود الذين في المكان الآخر، وتصبح الأرض التي في يد الأول بيد الثاني، فتقصر الأرض من جهة وتطول من جهة، أفلم يرَ الكفار مثل ذلك، بأن الله يأتي الأرض فينقصها من أطرافها؟ فقد يكون الإنسان يملك ممالك كثيرة فيأتي عليه جيش من أعدائه فيأخذ نصف ما بيده أو أكثر، فتضيع مملكته أو كثير منها، وتصير من حق الآخر. فإذا كانت الدنيا دول تدول وتضطرب وتتغير مرة مع هؤلاء، ومرة مع هؤلاء، فمن الذي يعصمكم أنتم من الله؟ فقد تطاولتم وكنتم في النعم، أفلا تخافون أن يأخذ الله عز وجل منكم هذه النعم؟ فكأنه يذكرهم بالنظر إلى ما حولهم، من أن الأرض قد يملكها إنسان ثم فجأة يأخذها غيره، والعرب كانوا يعرفون ذلك حين يغير بعضهم على بعض، وتغير القبيلة على قبيلة ثانية وتأخذ ما بأيديهم، ثم ترجع الثانية تغير عليهم وتسترد ما أخذوه، فتكون الأموال بأيديهم ثم فجأة تصير إلى آخرين، ثم فجأة ترجع إليهم، فتكون الدنيا دولاً فلا يغتر الإنسان بالدنيا التي معه.