قمة الظلم وذروته أن يتجرأ الإنسان على مساجد وبيوت الله بمنع العبادة والصلاة فيها، حيث خصهم الحق سبحانه بأشد الوعيد؛ خزي في الدنيا وعذاب عظيم في الآخرة. يقول رب العزة في سورة البقرة الآية 114 ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزيٌ ولهم في الآخرة عذاب عظيم. تفسير: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه). بعد الرجوع إلى أهم كتب التفسير نجد عدة أقوال لأسباب نزول هذه الآية؛ فبعضهم يرى أنها نزلت في قريش مستدلا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن قريشا منعوا النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام في البدايات الأولى للإسلام، وبعضهم الآخر قال بأن الآية نزلت في خراب بيت المقدس على يدي الروم والنصارى… ومهما كانت أسباب نزول هذه الآية فإن إطلاق النص يوحي بأنه حكم عام في ذم من منع مساجد الله أن يُتَعَبَّد فيها وأن يُذكر اسم الله فيها، وأن الظلم كل الظلم في هذا المنع الذي يعادل في حقيقته خرابها ودمارها وإزالتها، وهو ما تشهده كثير من مساجد الله اليوم على أيدي كثير من الحاقدين على هذا الدين وأهله. قد لا نستغرب تعطيل شعيرة من شعائر العبادات بمساجد الله إذا قام به الشيوعيون، الذين عطلوا أربعة عشر ألفاً من المساجد في سمرقند إبان الثورة الروسية، وقد تبدو منسجمة مع عقيدة الصهاينة الذين يمنعون الناس ويصدونهم عن المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، كما حدث مؤخرا عندما منعوا رفع الأذان والصلاة فيه.
أما ابن كثير فقد مال إلى أن الآية نزلت في مشركي مكة، واستدل لذلك بأن الآيات السابقة لهذه الآية كان موضوعها ذمُّ اليهود والنصارى، ثم أتبع ذلك سبحانه بذمِّ مشركي مكة على ما كان منهم، ورد استدلال الطبري بأن قال: "فأي خراب أعظم مما فعلوا؟ أخرجوا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، واستحوذوا عليها بأصنامهم وأندادهم وشركهم".
[3] في "تيسير الكريم الرحمن" (1 /127). [4] أخرجه البخاري في الصلاة (369) - من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [5] أخرجه أحمد (4 /181) قال ابن كثير في "تفسيره" (1 /226) "وهذا حديث حسن، وليس هو في شيء من الكتب الستة، وليس لصحابيِّه وهو بُسْر بن أرطأة، ويقال: ابن أبي أرطأة حديث سواه، وسوى حديث: "لا تقطع الأيدي في الغزو".
تفسير القرآن الكريم