خلّوا بين الخلق وخالقهم! أبلا ذنوبٍ نحن لنشتغل بذنوب غيرنا؟! ، ثمّ بأي حق نزج ببعضنا في جهنم الدنيا بقولنا هذا عاصٍ وهذا لا تقبل توبته وهذه لا تخاف الله!! أبلغت بنا الوقاحة أن نتصدر للحكم على خلق الله بدلا منه؟ هذا إلى الجنة وهذا في قعر النار وهذه لن يغفر الله لها ولو خلقت من جديد! "أيّنا ليس رهين أغلال الذنب ويطمع بعفو ربه وغفرانه، وأينا لم يخطئ في حق نفسه وربه وحق الناس ثم تاب وتاب الله عليه" أيّنا ليس رهين أغلال الذنب ويطمع بعفو ربه وغفرانه، وأيّنا لم يخطئ في حق نفسه وربه وحق الناس ثم تاب وتاب الله عليه، فلماذا ننكر غفران الله وعفوه على بعض عباده؟ ما الذي يجعلنا نستيقن عفوه عنا وسخطه على "فلان الهامل"؟ ألا يدرك أحدنا أن الله بواسع رحمته وبشيء وقر في قلب "فلان الهامل" غفر له ورضي عنه فوجبت له الجنة، ألا يخشى أحدنا وبسبب تعييره لـ "فلان الهامل" أن يبتليه الله بذنب فلا يستطيع توبة ولا عودة فيشقى! ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا انفسهم. خلّوا بين الخلق وخالقهم فهو أصبر على مجرمهم وأرحم بشقيهم وأسعد بتوبة التائب وعودة العائد، ففي الحديث عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة" (رواه البخاري).
فَارْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيءِ وَأَصْلِحُوا طُرُقَكُمْ وَأَعْمَالَكُمْ" (إرميا 18: 7-11). لاحظ صيغة الشرط عنا: "فترجع تلك الأمة (كما في حالة نينوى في يونان 3)... فأندم". وبالمقابل أيضاً، قد يقول الله لأمة أنها سوف تكون مباركة ولكنها "تفعل الشر في عيني (مثل شعب إسرئايل في ميخا 1)... فأندم عن الخير الذي قلت أني أحسن إليها به. " خلاصة القول هي أن الله ثابت لا يتغير. ففي قداسته، كان الله سيدين نينوى. ولكن أهل نينوى تابوا ورجعوا عن طرقهم. “وإنّ الله يغيّر ولا يعيّر” .. رسالة مجتمعية – بصائر. ولذلك، الله في قداسته، رحم أهل نينوى وأنقذهم. وهنا "تغيير الفكر" يتفق تماماً مع طبيعة الله. وقداسته لم تتغير قيد أنملة. فليست هناك علاقة بين حقيقة تغيير الله معاملته معنا إستجابة لإختياراتنا وبين طبيعته. في الواقع، لكون الله لا يتغير، فيجب عليه أن يعامل الأبرار بطريقة مختلفة عن معاملته للأشرار. فإذا تاب الإنسان، يغفر له الله دائماً؛ وإذا رفض التوبة، يدينه الله دائماً. فهو لا يتغير في طبيعته وخطته وكيانه. لا يمكن أن يكون راضياً عن التائب في يوم، وغاضب عليه في يوم آخر. فهذا يجعله متقلب وغير جدير بالثقة. فعندما يقول الله لأهل نينوى" "سوف أدينكم" ثم (بعد توبتهم) يرفض أن يدينهم، قد يبدو ذلك وكأن الله يغير فكره.
الستر خير العلاج.. ففي الأثر عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت (يا نساء المؤمنين إذا أذنبت إحداكن ذنبا فلا تخبر به الناس، ولتستغفر الله ولتتب إليه، فإن العباد يعيّرون ولا يغيرون، وإن الله يغير ولا يعيّر). الداء المجتمعي "الشماتة والتعيير" خير حل له هو الستر، استر ذنبك واستغفر الله وتب إليه، اطرق باب صاحب العفو وتذلل بين يديه ليعفُ ولا تخبر أحداً بذنبك فإن الله يغفر ذنبك ويعفو عنك كأنك لم يكن هنالك ذنب، وإن الناس لا يغفرون ولا ينسون خطيئة لأحد ثمّ يعيرون بالذنب ولو بعد حين، ثمّ كحال صاحب الرسالة يحكمون عليك باللعنة الأبدية. ثم إنه ليتوجب على المسلم أن يكون عونا لأخيه المسلم لا عونا لشياطين الإنس والجن عليه، فيستره ولا يفضحه ويأخذ بيده نحو التوبة ويعينه على تفلتات النفس ويقويه عند همزات الشيطان، ففي الأثر عن الفضيل بن عياض قال (المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويفضح)، فاختر أيهما تكن؟! ولآمرنهم فليغيرن خلق الله - موضوع. وختاما فلنجعل نصب أعيننا جميعا قول الحق عز وجل {ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم} [النور:21]. معلومات الموضوع شاهد أيضاً أثر الزكاة في تطهير النفس من الغلو في حب المال لا ينحصر هدف الزكاة في صلاح المجتمعات وإعمارها فحسب، بل يتجاوز هدف الزكاة لما هو …
من الآفات الخفية العامة أن يكون العبد في نعمة أنعم الله بها عليه واختارها له، فيملها ويطلب الانتقال منها إلى ما يزعم لجهله أنه خير له منها، وربه برحمته لا يخرجه من تلك النعمة، ويعذره بجهله وسوء اختياره لنفسه، حتى إذا ضاق ذرعا بتلك النعمة وسخطها وتبرم بها واستحكم ملله لها سلبه الله إياها. فإذا انتقل إلى ما طلبه ورأى التفاوت بين ما كان فيه وما صار إليه، اشتد قلقه وندمه وطلب العودة إلى ما كان فيه. فإذا أراد الله بعبده خيرًا ورشدًا أشهده أن ما هو فيه نعمة من نعمة عليه ورضَّاه به وأوزعه شكره عليه.. فإذا حدثته نفسه بالانتقال عنه استخار ربِّه استخارة جاهل بمصلحته عاجز عنها، مفوِّض إلى الله طالب منه حسن اختياره له. ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم. وليس على العبد أضر من ملله لنعم الله، فإنه لا يراها نعمة ولا يشكره عليها ولا يفرح بها.. بل يسخطها ويشكوها ويعدها مصيبة . هذا وهي من أعظم نعم الله عليه، فأكثر الناس أعداء نعم الله عليهم ولا يشعرون بفتح الله عليهم نعمة، وهم مجتهدون في دفعها وردها جهلا وظلما.