وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) القول في تأويل قوله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " ولكم في القصَاص حَياةٌ يا أولي الألباب " ، ولكم يا أولي العقول، فيما فرضتُ عليكم وأوجبتُ لبعضكم على بعض، من القصاص في النفوس والجراح والشجاج، مَا مَنع به بعضكم من قتل بعض، وقَدَع بعضكم عن بعض، فحييتم بذلك، فكان لكم في حكمي بينكم بذلك حياة. (70) * * * واختلف أهل التأويل في معنى ذلك. فقال بعضهم في ذلك نحو الذي قلنا فيه. تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١ - الصفحة ٤٣٢. * ذكر من قال ذلك: 2617- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " ولكم في القصَاص حياةٌ يا أولي الألباب " قال، نكالٌ, تَناهٍ. 2618- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن أبي زائدة, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " ولكم في القصاص حياة " قال، نكالٌ, تَناهٍ. 2619- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله. 2620- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد, عن سعيد, عن قتادة: " ولكم في القصاص حياة " ، جعل الله هذا القصاص حياة، ونكالا وعظةً لأهل السفه والجهل من الناس.
2621- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب " قال، قد جعل الله في القصاص حياة, إذا ذكره الظالم المتعدي كفّ عن القتل. 2622- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه، عن الربيع قوله: " ولكم في القصاص حياة " الآية, يقول: جعل الله هذا القصاص حياة وعبرة لكم. كم من رجل قد هَمّ بداهية فمنعه مخافة القصاص أن يقع بها! وإن الله قد حجز عباده بعضهم عن بعض بالقصاص. 2623- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قوله: " ولكم في القصاص حياة " قال، نكالٌ, تناهٍ. قال ابن جريج: حَياةٌ. مَنعةٌ. 2624- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ولكم في القصاص حياة " قال، حياةٌ، بقية. (71) إذا خاف هذا أن يُقتل بي كفّ عني, لعله يكون عدوًّا لي يريد قتلي, فيذكر أن يُقْتَل في القصاص, فيخشى أن يقتل بي, فيكفَّ بالقصاص الذي خافَ أن يقتل، لولا ذلك قتل هذا. ولكم في القصاص حياه يا اولي الالباب تبصرن. 2625- حدثت عن يعلى بن عبيد قال، حدثنا إسماعيل, عن أبي صالح في قوله: " ولكم في القصاص حياة " قال، بقاء. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: ولكم في القصاص من القاتل بقاء لغيره، لأنه لا يقتل بالمقتول غيرُ قاتله في حكم الله.
فهل هذا هو المطلوب من العطف على المجرمين ووصْفهم بأنهم مرضى بانحرافات نفسيَّة. إن الله - عز وجل - جعل العدوان على إنسان واحد استهانة بحق الحياة للناس كلهم، ﴿ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32]، والإحياء المنصوص قد يكون بإنقاذ غريقٍ أو حماية مُهدَر مُطارَد مظلوم، وقد يكون بتوطيد حقِّ الحياة للجماعة كلها عندما يُقتصُّ من مجرمٍ سفاح، فإنَّ قتْلَه حياة لغير واحد كان يمكن أن يُصرَعوا لو بقي السفاح حرًّا.
ومقاصد الإسلام الكبرى تنحصر في خمسة أمور: حفظ الدين.. وحفظ النفوس.. وحفظ النسل.. وحفظ المال.. وحفظ العقل، فإذا حفظت الأمة هذه الأصول سعدت في الدنيا والآخرة، وإذا ضيعتها شقيت ولا حول ولا قوة إلا بالله. وبإقامة الحدود والقصاص يتم حفظ هذه الضرورات وحمايتها، فبالقصاص تصان الأنفس.. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة البقرة - الآية 179. وبإقامة حد الزنا والقذف تصان الأعراض.. وبإقامة حد السرقة تصان الأموال.. وبإقامة حد الخمر تصان العقول.. وبإقامة حد الحرابة يصان الأمن وبإقامة الحدود كلها يصان الدين كله، والحياة كلها، كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} سورة المائدة الآية 3، وقال الله تعالى: {قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ} سورة الأنعام، الآية 104. وعلى ولاة أمور المسلمين إقامة الحد إذا ثبت على من اقترفه؛ صيانة للأمن، ودفعاً للفساد، وحماية للحقوق، وزجراً للمجرمين كما قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ سورة المائدة، الآية38، وقال تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ سورة النور، الآية3.
فمنذُ أن وحد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه المملكة، قام على تطبيق الشريعة الإسلامية، بدون تهاون، طاعة لله، وتصديقاً واتباعاً لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد عين القضاة الذين يحكمون بالعدل والمساواة بين الناس، وطبق الحدود التي وجبت على الأمة، واتبعه أبناءه في ذلك كابراً عن كابر، فكانوا على نهجه، رحم الله من مات منهم وأطال عمر من بقي. فنحن الآن بحمد الله في رغد من العيش وفي أمن وأمان، في ظل قيادتنا الحكيمة التي تطبق الشريعة الإسلامية، وممثلة في ولي أمرنا «خادم الحرمين الشريفين» الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه لما فيه خير صلاح البلاد والعباد، وولي عهده، وولي ولي العهد، أمد الله في عمرهم على طاعته وعلى خير عمل، فقد طبقوا الحدود الشرعية، ولا تأخذهم في الله لومة لائم؛ لأن هذا شرع، شرعه الله تعالى على المسلمين، وعلينا إنفاذه بدون قيد أو شرط. وما قامت به المملكة العربية السعودية من تنفيذ حكم الحد بـ(47) إرهابياً، لهو تحقيق للشريعة، وليست ضد مواطن سعودي ((باختلاف المذاهب)) وإنما هو أمر من أوامر الله التي أمر بها عباده، ولا يجوز الشفاعة فيها، فهي حق من حقوق الله تعالى.
إنما يخبر عن نفسه، ويدل على عجزه، ويبين عن جهله، ويصرح بسخافة فهمه وركاكة عقله" (6)! أيها الإخوة: وبالمقارنة بين ما نحن بصدده من هذه القاعدة القرآنية: { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} وبين ذلك المثل: "الْقَتْلُ أنْفَى لِلْقَتل" ظهر ما يلي: 1- إنّ حروف القاعدة القرآنية: { فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} أقل عددًا من عبارة العرب: "الْقَتْلُ أنْفَى للقتل". تفسير حلم القصاص في المنام - مجلة رجيم. 2- القاعدة القرآنية ذكرت "الْقِصَاصَ" ولم تقل القتل، فشملت كلَّ ما تُقَابَلُ به الجناية على الأنفس فما دون الأنفس من عقوبة مُمَاثلة، وحدّدَتِ الأمر بأنْ يكون عقوبة وجزاء لخطأ سابق، لا مجرد عدوان، وهذا عين العدل. أمّا عبارة العرب فقد ذكرت القتل فقط، ولم تقيّده بأن يكون عقوبة، ولم تُشِرْ إلى مبدأ العدل، فهي قاصرة وناقصة. 3- القاعدة القرآنية { فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} نصَّتْ على ثبوت الحياة بتقرير حكم القصاص، أما المثل العربي فذكر نَفْي القتل، وهو لا يَدُلُّ على المعنى الذي يَدُلُّ عليه لفظ "حياة". 4- القاعدة القرآنية خالية من عيب التكرار، بخلاف المثل العربي الذي تكررت فيه كلمة القتل مرتين في جملة قصيرة. 5- القاعدة القرآنية صريحة في دلالتها على معانيها، مستغنية بكلماتها عن تقدير محذوفات، بخلاف عبارة "العرب" فهي تحتاج إلى عدّة تقديراتٍ حتى يَستقيم معناها، إذْ لا بُدَّ فيها من ثلاثة تقديرات، وهي كما يلي: "القتلُ" قصَاصًا "أنْفَى من تركه "لِلقَتْلِ" عمْدًا وعدوانًا.