واخْتِيرَ اسْمُ إشارَةِ البَعِيدِ لِلْإيماءِ إلى رِفْعَةِ مَنزِلَتِهِمْ، والرِّفْعَةُ تُشَبَّهُ بِالبُعْدِ. وجُمْلَةُ ﴿لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها﴾ بَيانٌ لِمَعْنى مُبْعَدُونَ، أيْ مُبْعَدُونَ عَنْها بُعْدًا شَدِيدًا بِحَيْثُ لا يَلْفَحُهم حَرُّها ولا يَرُوعُهم مَنظَرُها ولا يَسْمَعُونَ صَوْتَها، والصَّوْتُ يَبْلُغُ إلى السَّمْعِ مِن أبْعَدِ ما يَبْلُغُ مِنهُ المَرْئِيُّ. والحَسِيسُ: الصَّوْتُ الَّذِي يَبْلُغُ الحِسَّ، أيِ الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ مِن بَعِيدٍ، أيْ لا يَقْرُبُونَ مِنَ النّارِ ولا تَبْلُغُ أسْماعَهم أصْواتُها، فَهم سالِمُونَ مِنَ الفَزَعِ مِن أصْواتِها فَلا يَقْرَعُ أسْماعَهم ما يُؤْلِمُها. وعَقَّبَ ذَلِكَ بِما هو أخَصُّ مِنَ السَّلامَةِ وهو النَّعِيمُ المُلائِمُ. وجِيءَ فِيهِ بِما يَدُلُّ عَلى العُمُومِ وهو ﴿فِي ما اشْتَهَتْ أنْفُسُهُمْ﴾ وما يَدُلُّ عَلى الدَّوامِ وهو (خالِدُونَ). والشَّهْوَةُ: تَشَوُّقُ النَّفْسِ إلى ما يَلَذُّ لَها. وجُمْلَةُ ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ﴾ خَبَرٌ ثانٍ عَنِ المَوْصُولِ. الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى - أحمد قوشتي عبد الرحيم - طريق الإسلام. والفَزَعُ: نَفْرَةُ النَّفْسِ وانْقِباضُها مِمّا تَتَوَقَّعُ أنْ يَحْصُلَ لَها مِنَ الألَمِ وهو قَرِيبٌ مِنَ الجَزَعِ، والمُرادُ بِهِ هُنا فَزَعُ الحَشْرِ حِينَ لا يَعْرِفُ أحَدٌ ما سَيَؤُولُ إلَيْهِ أمْرُهُ، فَيَكُونُونَ في أمْنٍ مِن ذَلِكَ بِطَمْأنَةِ المَلائِكَةِ إيّاهم.
الرسم العثماني إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنٰىٓ أُولٰٓئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ الـرسـم الإمـلائـي اِنَّ الَّذِيۡنَ سَبَقَتۡ لَهُمۡ مِّنَّا الۡحُسۡنٰٓىۙ اُولٰٓٮِٕكَ عَنۡهَا مُبۡعَدُوۡنَۙ تفسير ميسر: إن الذين سبقت لهم منا سابقة السعادة الحسنة في علمنا بكونهم من أهل الجنة، أولئك عن النار مبعدون، فلا يدخلونها ولا يكونون قريبًا منها. تفسير ابن كثير تفسير القرطبي تفسير الطبري تفسير السعدي تفسير الجلالين اعراب صرف وقوله " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى " قال عكـرمة الرحمة وقال غيره السعادة " أولئك عنها مبعدون " لما ذكر تعالى أهل النار وعذابهم بسبب شركهم بالله عطف بذكر السعداء من المؤمنين بالله ورسوله وهم الذين سبقت لهم من الله السعادة وأسلفوا الأعمال الصالحة في الدنيا كما قال تعالى " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " وقال " هل جزاء الإحسان إلا الإحسان " فكما أحسنوا العمل في الدنيا أحسن الله مآبهم وثوابهم ونجاهم من العذاب وحصل لهم جزيل الثواب. القرآن الكريم - الأنبياء 21: 101 Al-Anbiya' 21: 101
وإنهم في ما تشتهيه أنفسهم من الثواب والنعيم خالدون والشهوة طلب النفس للذة يقال: اشتهى شهوة وتشهى تشهيا، ونقيض الشهوة تكره النفس، فالغذاء يشتهى والدواء يتكره الثّالثة: إنّهم (لا يحزنهم الفزع الأكبر). والفزع الأكبر الخوف الأعظم من النار لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ لا عند الموت ولا في القبر ولا عند البعث والنشر( التفسير المبين) وقد إعتبر بعضهم أنّ هذا الفزع الأكبر إشارة إلى أهوال يوم القيامة التي هي أكبر من كلّ هول وفزع، وعدّه بعضهم إشارة إلى نفخة الصور وإختلافات الأحوال وتبدّلها عند إنتهاء هذه الدنيا، والزلزال العجيب الذي سيدكّ أركان هذا العالم كما جاء في الآية (87) من سورة النحل. ولكن لمّا كان هول يوم القيامة وفزعها أهمّ وأكبر من جميع تلك الاُمور، فإنّ التّفسير الأوّل يبدو هو الأصحّ. ان الذين سبقت لهم منا الحسنى بالترتيب. وفي أمالي الصدوق، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث: يا علي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش، يفزع الناس ولا تفزعون، ويحزن الناس ولا تحزنون فيكم نزلت هذه الآية ﴿إن الذين سبقت لهم منا الحسنى - أولئك عنها مبعدون﴾ وفيكم نزلت ﴿لا يحزنهم الفزع الأكبر - وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون﴾.