قوله: { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال - إلى قوله - بغير حساب} [36-38] ثم ضرب الله مثلاً لأعمال من نازعهم فقال: { والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة} [39] والسراب هو الآل تراه بالمفازة يلمع من بعيد كأنه الماء وليس في الحقيقة بشيء فإذا جاء العطشان لم يجده شيئاً والبقيعة المفازة المستوية. تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق في الكافي عن الصادق عليه السلام هي بيوت النبي صلّى الله عليه وآله. وفيه وفي الاكمال عن الباقر عليه السلام هي بيوتات الأنبياء والرسل والحكماء وأئمّة الهدى. في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه. وفي الكافي عنه عليه السلام انّ قتادة قال له والله لقد جلست بين يدي فقهاء وقدّامهم فما اضطرب قلبي قدّام واحد منهم ما اضطرب قدّامك فقال له اتدري اين انت بين يدي بيوت أَذِنَ اللهُ أَن تُرْفَعَ الى آخر الآية فانت ثمّة ونحن اولئك فقال له قتادة صدقت والله جعلني الله فداك والله ما هي بيوت حجارة ولا طين { يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالأَصَالِ} وقرء بفتح الباء. تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق قال النبي صلى الله عليه واله وسلم: " المساجد بيوت الله في الأرض وهي تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض ".
قال تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ.. ﴾ قال تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [النور: 36 - 38]. الغَرَض الذي سِيقَتْ له الآيات: بيان بعض آثار نور الله الذي اهتدى به المؤمنون. ومناسبتها لما قبلها: لَمَّا ضرب مثلًا لنوره ذكر بعض آثار هذا النور. في بيوت اذن الله ان ترفع اعراب | سواح هوست. وقوله تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ ﴾ متعلق بقوله: ﴿ يُسَبِّحُ ﴾، والتنوين فيها للتعظيم، وتقديمها للاهتمام بها، والمراد بهذه البيوت: المساجد. وقيل: المراد المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، ومسجد قباء. وقيل: المراد دُور المسلمين، والأول الأقرب. ومعنى ﴿ أَذِنَ ﴾ أمر ووصَّى. ومعنى ﴿ تُرْفَعَ ﴾ تُبنى وتُطهر وتُعظم. ومعنى ﴿ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ﴾؛ أي: يُعظم اسمه، فيوصف بكل كمال، وينزَّه عن كل نقص؛ وذلك بالصلاة فيها، وقراءة القرآن ومدارسته، وتسبيح الله وتحميده وتمجيده، وإعلان تفرُّده بالألوهية والرُّبوبية؛ ولذلك قال: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ﴾.
قال: فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله: هذا البيت منها لبيت علي وفاطمة؟ قال: "نعم، من أفاضلها" (18). وورد في مستدرك سفينة البحار لسماحة الشيخ علي النمازي الشاهرودي (أعلى الله مقامه) (19): عن كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة معا: عن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ الآية قال: بيوت آل محمد بيت علي وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر (عليهم السلام). وقال: ثم وصفهم الله عز وجل وقال: ﴿رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ﴾ الآية. قال: هم الرجال لم يخلط الله معهم غيرهم (20). في بيوت اذن الله ان ترفع قصة. وفي تفسير أبي حمزة الثمالي -أبو حمزة الثمالي- (21): ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ وهي بيوتات الأنبياء والرسل والحكماء وأئمة الهدى، فهذا بيان عروة الإيمان التي بها نجا من نجا قبلكم وبها ينجو من اتبع الأئمة. وجاء في تفسير الثعلبي -الثعلبي- (22): أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد الدينوري قال: حدثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين بن علي الرازي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمذاني بالكوفة قال: حدثنا المنذر بن محمد القابوسي قال: حدثني الحسين بن سعيد قال: حدثني أبي عن أبان بن تغلب عن نفيع بن الحرث عن أنس بن مالك وعن بريدة قالا: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ إلى قوله: ﴿وَالْأَبْصَارُ﴾ فقام رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ قال: (بيوت الأنبياء).
{لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}: أي هؤلاء من الذين يتقبل حسناتهم ويتجاوز عن سيئاتهم.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ. روه مسلم. وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مُنْتَظِرُ الصَّلاةِ مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ كَفَارِسٍ اشْتَدَّ بِهِ فَرَسُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى كَشْحِهِ (أي: عدوه) تُصَلِّي عَلَيْهِ مَلائِكَةُ اللَّهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ يَقُومُ وَهُوَ فِي الرِّبَاطِ الأَكْبَرِ. ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ | هدى القرآن. رواه أحمد، وقال الشيخ الأرناؤوط: إسناده حسن. المساجد أيها الأحبة: أحب البقاع إلى الله تعالى، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: أَحَبُّ الْبِلادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا. رواه مسلم.. أسأل الله أن يدلنا على خير.. وصلى الله.. الخطبة الثانية: أما بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102] أيها الإخوة: بشر رسول الله ﷺ الذاهبين إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة فعن عدد من أصحاب رسول الله رضي الله عنهم أن رسول الله ﷺ قال: بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
الآيــات {في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ* رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصلاةِ وَإِيتَآءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ والأبصار* لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يشاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} (36ـ38). * * * معاني المفردات {بِالْغُدُوِّ}: جمع غداة، وهو الصباح. {وَالآصَالِ}: جمع أصيل، وهو العصر. في بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ .. - ملتقى أهل التفسير. {وَإِقَامِ}: الإقامة، وحذفت التاء تخفيفاً.
يقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه: ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ)، ويقول الحق سبحانه وتعالى: ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ). يا رب لك الحمد والشكر بأن سخرت لبيوتك عمّارًا. يا رب لك الحمد والشكر بأن جعلت لبيوتك عبّادًا. يا رب لك الحمد والشكر بأن جعلت لمن يبني بيوتك في الجنّة دارًا. يا رب لك الحمد والشكر بأن حططت عمن دخل بيوتك الآثام والأوزار. يا رب لك الحمد والشكر بأن أذنت لبيوتك أن ترفع الأذان ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ). عباد الله: فهذا إذن من الله بأن ترفع بيوته، والله لا يأذن لرفع بيوته إلا لمن يحب؛ لأن هذه البيوت بيوت الله لقوله عز وجل: ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) وقوله تعالى في الحديث القدسي: « إن بيوتي في الأرض المساجد، وإن زواري فيها عمّارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي، فحق على المزور أن يكرم زائره ».