هرول إلى مولاته الراعي يطيحان وهو يردد لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم … قالها الراعي يطيحان وسمعتها منه مولاته لبيبه ….
والنّظر في أصناف العقوبات موكل إلى نظر الملك الفاضل، وبحسب ما يقتضيه الحال الحاضر، ولكنّ الأصل الكلّي فيه، أن يكون الملك في نفسه كارها لذلك غير متحلّ به، لا يبادر إليه ولا يقدم عليه، إلا إذا دعت إليه ضرورة ماسة لا يقضى فيها حقّ نفسه، ولا يشقى بها غيظ صدره. وهذا مقام صعب لا يرتقي إليه أحد، إلا من أخذ التوفيق بيده- قيل- إنّ عليا عليه السلام- صرع في بعض حروبه رجلا، ثم قعد على صدره ليحتزّ رأسه، فبصق ذلك الرّجل في وجهه، فقام علي- عليه السلام- وتركه. فلما سئل عن سبب قيامه وتركه قتل الرجل، بعد التمكن منه، قال: إنه لما بصق في وجهي اغتظت منه فخفت إن قتلته أن يكون للغضب والغيظ نصيب في قتله. لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى. وما كنت أن أقتله إلا خالصا لوجه الله تعالى..... غير هذا؟ ولولا أن أكون قد دست بساطك، وأكلت من طعامك، لأشعت هذه الرقعة، ولكنّي أرعى لك حقّ ما ذكرت، فلا يعلم بها، إلا الله وأنت، وو الله ثمّ والله ثمّ والله، ما لها عندي نسخة ولا رآها مخلوق غيري، ولا علم بها فأبطلها أنت إذا وقفت عليها وأعدمها، والسّلام على من اتّبع الهدى. ويجب أن يكون الملك مجازيا على الإحسان بمثله، وعلى الإساءة بمثلها لتكون رعيّته دائما راجين لبرّه، خائفين من سطوته.