قوله تعالى: وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين رب هب لي من الصالحين فبشرناه بغلام حليم [ ص: 89] فيه مسألتان: الأولى: هذه الآية أصل في الهجرة والعزلة. وأول من فعل ذلك إبراهيم - عليه السلام - ، وذلك حين خلصه الله من النار قال إني ذاهب إلى ربي أي: مهاجر من بلد قومي ومولدي إلى حيث أتمكن من عبادة ربي فإنه سيهدين فيما نويت إلى الصواب. قال مقاتل: هو أول من هاجر من الخلق مع لوط وسارة ، إلى الأرض المقدسة وهي أرض الشام. وقيل: ذاهب بعملي وعبادتي ، وقلبي ونيتي. فعلى هذا ذهابه بالعمل لا بالبدن. إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة الصافات - قوله تعالى قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون - الجزء رقم11. وقد مضى بيان هذا في [ الكهف] مستوفى. وعلى الأول بالمهاجرة إلى الشام وبيت المقدس. وقيل: خرج إلى حران فأقام بها مدة. ثم قيل: قال ذلك لمن فارقه من قومه ، فيكون ذلك توبيخا لهم. وقيل: قاله لمن هاجر معه من أهله ، فيكون ذلك منه ترغيبا. وقيل: قال هذا قبل إلقائه في النار. وفيه على هذا القول تأويلان: أحدهما: إني ذاهب إلى ما قضاه علي ربي. الثاني: إني ميت ، كما يقال لمن مات: قد ذهب إلى الله تعالى; لأنه - عليه السلام - تصور أنه يموت بإلقائه في النار ، على المعهود من حالها في تلف ما يلقى فيها ، إلى أن قيل لها: كوني بردا وسلاما فحينئذ سلم إبراهيم منها.
وقد أجمع أهل السنة على أن الصفات كلها محمولة على الحقيقة دون المجاز. قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: " أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز ، إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك ولا يحدّون فيه صفة محصورة. وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج: فكلهم ينكرها، ولا يحمل شيئاً منها على الحقيقة. ويزعمون أن من أقر بها مشبه. وهم عند من أثبتها: نافون للمعبود. والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله ، وهم أئمة الجماعة والحمد لله" انتهى من "التمهيد" (7/ 145). فالدليل على منع التأويل أمور: أنه مترتب على قول عظيم البطلان ، وهو أن ظواهر نصوص الصفات توهم التشبيه. أن التأويل خلاف الأصل، ولا يصح إلا مع وجود القرينة، والقرينة عند المؤولة هي الاستحالة العقلية ، أي استحالة اتصاف الله بالوجه واليدين والنزول، وهذا من أعظم الطعن في كتاب الله، وفي بلاغ النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف يصف الله نفسه بما هو محال، وكيف لا يبين النبي صلى الله عليه وسلم لأمته هذا المحال. وانظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (262799). [ وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين ] تلاوة عذبه للشيخ ناصر القطامي - YouTube. ثانيا: قوله تعالى: (إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ) الصافات/99، مفسر في موضع آخر، وهو قوله تعالى: (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) العنكبوت/26.
2019-01-06, 07:01 PM #1 إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ مفارقة الكفر و بلاد الكفر أو مفارقة الأشرار أو مفارقة الأعمال السيئة والخصال المذمومة. من ملة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حيث قال: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات:99] أي مهاجر من أرض الكفر إلى الإيمان، وقد هاجر عليه الصلاة والسلام ببعض ذريته إلى الشام حيث البلاد المقدسة والمسجد الأقصى، والبعض الآخر إلى بلاد الحجاز حيث البلد الحرام والبيت العتيق، كما جاء في دعائه لربه: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} [إبراهيم:37].
تريد السعادة اذهب الى الله ( وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ)د. محمد سعود الرشيدي - YouTube
المسألة الثانية: احتج جمهور الأصحاب بقوله: ( والله خلقكم وما تعملون) على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى ، فقال النحويون: اتفقوا على أن لفظ ما مع ما بعده في تقدير المصدر فقوله: ( وما تعملون) معناه وعملكم ، وعلى هذا التقدير صار معنى الآية: والله خلقكم وخلق عملكم ، فإن قيل: هذه الآية حجة عليكم من وجوه: الأول: أنه تعالى قال: ( أتعبدون ما تنحتون) أضاف العبادة والنحت إليهم إضافة الفعل إلى الفاعل ، ولو كان ذلك واقعا بتخليق الله لاستحال كونه فعلا للعبد. الثاني: أنه تعالى إنما ذكر هذه الآية توبيخا لهم على عبادة الأصنام ؛ لأنه تعالى بين أنه خالقهم وخالق لتلك الأصنام ، والخالق هو المستحق للعبادة دون المخلوق ، فلما تركوا عبادته سبحانه وهو خالقهم وعبدوا الأصنام لا جرم أنه سبحانه وتعالى وبخهم على هذا الخطأ العظيم فقال: ( أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون) ولو لم يكونوا فاعلين لأفعالهم لما جاز توبيخهم عليها ، سلمنا أن هذه الآية ليست حجة عليكم ، لكن لا نسلم أنها حجة لكم ، قوله: لفظة " ما " مع ما بعدها في تقدير المصدر ، قلنا: هذا ممنوع وبيانه أن سيبويه والأخفش اختلفا في أنه هل يجوز أن يقال: أعجبني ما قمت.