• الآية 56 - عدد القراءات: 1893 - نشر في: 07--2008م الآية 56 ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَـلِبُونَ56﴾ التّفسير جاءت هذه الآية مكملة لمضمون الآية السابقة، وهي تؤكّد وتتابع الهدف المقصود في تلك الآية، وتعلن للمسلمين أنّ النصر سيكون حليف أُولئك الذين يقبلون القيادة المتمثلة في الله ورسوله والذين آمنوا، الذين أشارت إِليهم الآية السابقة. وتصف الآية الذين قبلوا بهذه القيادة بأنّهم من حزب الله المنصورون دائماً، حيث تقول (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإنّ حزب الله هم الغالبون). وتشتمل هذه الآية - أيضاً - على قرينة أُخرى تؤكّد المعنى المذكور في تفسير الآية السابقة لكلمة (الولاية) وهو الإِشراف والتصرف والزعامة، لأنّ عبارة (حزب الله) والتأكيد على أنّ الغلبة تكون لهذا الحزب - في الآية - لهما صلة بالحكومة الإِسلامية، ولا علاقة لهما بقضية الصداقة التي هي أمر بسيط وعادي، وهذا يؤكّد بنفسه أنّ الولاية - الواردة في الآية - تعني الإِشرف والحكم القيادة بالإِسلام والمسلمين، لأنّ معنى الحزب يتضمن التنظيم والتضامن والإِجتماع لتحقيق أهداف مشتركة.
ومن يتول يعذبه عذابا أليما
ويجب الإِنتباه إِلى نقطة مهمّة وهي أنّ المراد بعبارة (الذين آمنوا) الواردة في هذه الآية ليسوا جميع الأفراد المؤمنين، بل ذلك الشخص الذي ذكر في الآية السابقة وأشير إِليه بأوصاف معينة.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (١٧) ﴾ يقول تعالى ذكره: ليس على الأعمى منكم أيها الناس ضيق، ولا على الأعرج ضيق، ولا على المريض ضيق أن يتخلفوا عن الجهاد مع المؤمنين، وشهود الحرب معهم إذا هم لقوا عدوّهم، للعلل التي بهم، والأسباب التي تمنعهم من شهودها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ﴾. قال: هذا كله في الجهاد. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ثُمَّ عذر الله أهل العذر من الناس، فقال: ﴿لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ﴾. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الفتح - الآية 17. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ﴿لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ﴾ قال: في الجهاد في سبيل الله.
⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ﴿لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ﴾... الآية، يعني في القتال. * * * وقوله ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ﴾ يقول تعالى ذكره: ومن يُطع الله ورسوله فيجيب إلى حرب أعداء الله من أهل الشرك، وإلى القتال مع المؤمنين ابتغاء وجه الله إذا دعي إلى ذلك، يُدخله الله يوم القيامة جنَّات تجري من تحتها الأنهار ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ﴾ يقول: ومن يعص الله ورسوله، فيتخلَّف عن قتال أهل الشرك بالله إذا دعي إليه، ولم يستجب لدعاء الله ورسوله يعذّبه عذابا موجعا، وذلك عذاب جهنم يوم القيامة.
وقد ذكرت الآية (22) من سورة المجادلة - أيضاً - قسماً من صفات حزب الله، سنأتي على شرحها باذن الله عند تفسير هذه السورة.
* * * ويعني بقوله: " فإن حزب الله " ، فإن أنصار الله، (80) ومنه قول الراجز: (81) وَكَيْفَ أَضْوَى وَبِلالٌ حِزْبِي! (82) يعني بقوله: " أضوى " ، أستضْعَفُ وأضام= من الشيء " الضاوي". (83) ويعني بقوله: " وبلال حزبي" ، يعني: ناصري. ------------------- الهوامش: (78) في المطبوعة: "الذين تبرأوا من اليهود وحلفهم رضى بولاية الله... " ، غير ما في المخطوطة إذ لم يحسن قراءته ، والذي أثبت هو صواب القراءة. (79) في المطبوعة: "بأن من وثق بالله... " ، وفي المخطوطة مكان ذلك كله: "ووثقوا بالله". والذي أثبت هو صواب المعنى. ومن يتول الله ورسوله والنور الذي أنزلنا. (80) انظر تفسير "الحزب" فيما سلف 1: 244. وهذا التفسير الذي هنا لا تجده في كتب اللغة. (81) هو رؤبة بن العجاج. (82) ديوانه: 16 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 169 ، من أرجوزة يمدح بها بلال ابن أبي بردة ، ذكر في أولها نفسه ، ثم قال يذكر من يعترضه ويعبي له الهجاء والذم: ذَاكِ، وإن عَبَّـــى لِــيَ المُعَبِّــي وَطِحْــطَحَ الجِــدُّ لِحَــاءَ القَشْـبِ أَلَقَيــتُ أَقْــوَالَ الرِّجَــالِ الكُـذْبِ فَكَــيْفَ أَضْــوَى وَبِـلالٌ حِــزْبِي! ورواية الديوان: "ولست أضوي". وفي المخطوطة: "وكيف أضرى" ، وهو تصحيف "طحطح الشيء": فرقه وبدده وعصف به فأهلكه.