فَلا تَعَرُّضَ في هَذِهِ الآيَةِ لِلْعِدَّةِ ولَكِنَّها في بَيانِ حُكْمٍ آخَرَ وهو إيجابُ الوَصِيَّةِ لَها بِالسُّكْنى حَوْلًا: إنْ شاءَتْ أنْ تَحْتَبِسَ عَنِ التَّزَوُّجِ حَوْلًا مُراعاةً لِما (p-٤٧٢)كانُوا عَلَيْهِ، ويَكُونُ الحَوْلُ تَكْمِيلًا لِمُدَّةِ السُّكْنى لا العِدَّةِ، وهَذا الَّذِي قالَهُ مُجاهِدٌ أصْرَحُ ما في هَذا البابِ، وهو المَقْبُولُ.
وبه يقول الأوزاعي ، وإسحاق ابن راهويه ، وأحمد بن حنبل ، في رواية عنه. وقال طاوس وقتادة: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها نصف عدة الحرة: شهران وخمس ليال. وقال أبو حنيفة وأصحابه ، والثوري ، والحسن بن صالح بن حي: تعتد بثلاث حيض. وهو قول علي ، وابن مسعود ، وعطاء ، وإبراهيم النخعي. وقال مالك ، والشافعي ، وأحمد في المشهور عنه: عدتها حيضة. وبه يقول ابن عمر ، والشعبي ، ومكحول ، والليث ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، والجمهور. قال الليث: ولو مات وهي حائض أجزأتها. وقال مالك: فلو كانت ممن لا تحيض فثلاثة أشهر. وقال الشافعي والجمهور: شهر ، وثلاثة أحب إلي. تفسير: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا .... ). والله أعلم. وقوله: ( فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير) يستفاد من هذا وجوب الإحداد على المتوفى عنها زوجها مدة عدتها ، لما ثبت في الصحيحين ، من غير وجه ، عن أم حبيبة وزينب بنت جحش أمي المؤمنين ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا ". وفي الصحيحين أيضا ، عن أم سلمة: أن امرأة قالت: يا رسول الله ، إن ابنتي توفي عنها زوجها ، وقد اشتكت عينها ، أفنكحلها ؟ فقال: " لا ".
وقوله متاعا إلى الحول: تقدم معنى المتاع في قوله متاعا بالمعروف حقا على المحسنين والمتاع هنا هو السكنى ، وهو منصوب على حذف فعله أي ليمتعوهن متاعا ، وانتصب متاعا على نزع الخافض ، فهو متعلق بوصية والتقدير وصية لأزواجهم بمتاع. و " إلى " مؤذنة بشيء جعلت غايته الحول ، وتقديره: متاعا بسكنى إلى الحول ، كما دل عليه قوله غير إخراج. والتعريف في الحول تعريف العهد ، وهو الحول المعروف عند العرب من عهد الجاهلية الذي تعتد به المرأة المتوفى عنها ، فهو كتعريفه في قول لبيد: إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر وقوله غير إخراج حال من متاعا مؤكدة ، أو بدل من متاعا بدلا مطابقا ، والعرب تؤكد الشيء بنفي ضده ، ومنه قول أبي العباس الأعمى يمدح بني أمية: خطباء على المنابر فرسا ن عليها وقالة غير خرس وقوله فإن خرجن فلا جناح عليكم هو على قول فرقة معناه: فإن أبين قبول الوصية فخرجن ، فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن: من الخروج وغيره من المعروف عدا الخطبة والتزوج ، والتزين في العدة ، فذلك ليس من المعروف. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة البقرة - الآية 234. [ ص: 474] وعلى قول الفرقة الأخرى التي جعلت الوصية من الله ، يجب أن يكون قوله فإن خرجن عطفا على مقدر للإيجاز ، مثل أن اضرب بعصاك البحر فانفلق أي فإن تم الحول فخرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن: أي من تزوج وغيره ، من المعروف عدا ، المنكر كالزنا وغيره ، والحاصل أن المعروف يفسر: بغير ما حرم عليها في الحالة التي وقع فيها الخروج وكل ذلك فعل في نفسها ، قال ابن عرفة في تفسيره ( وتنكير معروف هنا وتعريفه في الآية المتقدمة ، لأن هذه الآية نزلت قبل الأخرى ، فصار هنالك معهودا).
وأحْسَبُ هَذا غَيْرَ مُسْتَقِيمٍ، وأنَّ التَّعْرِيفَ تَعْرِيفُ الجِنْسِ، وهو والنَّكِرَةُ سَواءٌ، وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَنِ القِراءَةِ المَنسُوبَةِ إلى عَلِيٍّ - بِفَتْحِ ياءٍ يَتَوَفَّوْنَ - وما فِيها مِن نُكْتَةٍ عَرَبِيَّةٍ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكم ويَذَرُونَ أزْواجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأنْفُسِهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٤] الآيَةَ.
ذكرت الإبل في عدة مواضع في القرآن و بمسميات مختلفة الإبل: ورد الاسم في موضعين, قوله تعالى ( وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ) سورة الأنعام آية 144, ( أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) سورة الغاشية آية 17. الناقة: ورد الاسم في عدة مواضع, قوله تعالى ( هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً........ ) الأعراف 73, قوله تعالى (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) الأعراف, 77, ( وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً....... حكم شرب بول الإبل للاستشفاء - خالد عبد المنعم الرفاعي - طريق الإسلام. ) هود 64, ( وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً........ ) الإسراء 59, ( قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) الشعراء 156, ( إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ) القمر 27, ( فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا) الشمس 13. العير: ويقصد بها القوم معهم حملهم من الرجال والابل, العير تقال على الإبل التي تحمل الطعام والأحمال. و قد وردها ذكرها ثلاث مرات كلها في سورة يوسف, ( ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ) يوسف 70, ( وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَ الْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) يوسف 82, ( وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ..... ) يوسف 94 الجمل: ويختلف المفسرون فهناك من يقولان هذا الاسم ورد في الآية ( وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة حَتَّى يَلِج الْجَمَل فِي سَمِّ الْخِيَاط) الأعراف 40, في حين يقول آخرون ان لفظ الجمل هنا يقصد به الحبل الغليظ.
حيّاك الله أخي الكريم، ووفقك الله لكل خير. وردت لفظ (الإبل) مرتان في القرآن الكريم، مرة في سورة الأنعام في قوله -تعالى-: (وَمِنَ الإِبِلِ اثنَینِ وَمِنَ البَقَرِ اثنَینِ) "الأنعام: 144"، وفي سورة الغاشية في قوله -تعالى-: (أَفَلَا یَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَیفَ خُلِقَت). "الغاشية: 17" كرّم الله الإبل وكان خلقها إعجازًا؛ لذلك دعا الله إلى التفكر والتأمل في خلقها، فيقول ابن كثير: "فإنَّها خلقٌ عجيب، وتركيبها غريب، فإنَّها في غاية القوة والشدّة، وهي مع ذلك تلين للحمل الثقيل، وتنقاد للقائد الضعيف، وتُؤكل ويُنتفع بوبرها، ويُشرب لبنها"، ومن المعروف أنّ الإبل محبوبةٌ عند العرب، وفيها منافع كثيرةٌ للناس، من ركوبها ولحمها وحليبها وبولها، -فسبحان الله العظيم-.
العشار: ( وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ) التكوير 4 وهي الحوامل من الإبل ب 10 اشهر. ذكر بول الابل في القرآن. السائبة: الناقة تحمل خمس مرات متتالية بالأنثى فاذا جاء بعد ذلك ذكرا كان أهل الجاهلية يذبحونه ويطعموه للرجال فقط, اما اذا جاءت الانثى سموها بحيرة شقوا اذنيها, لا تذبح ولا تركب ولا يجز لها وبر ولا تمنع من ماء, وكذلك يفعلون بالسائية. البحيرة: ابنة السائبة الوصيلة: الناقة البكر تلد الأنثى تتبعها بالأنثى الحام: الفحل من الإبل الذي طال مكثه, فكان أهل الجاهلية يحموا ظهره, فلا يركب ولا يجز وبره ولا يحمل عليه. قال تعالى:( مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) المائدة 103. فوائد حليب الابل كثيرة, هناك من يقول ان ألبانها وأبوالها مفيدة لصحة الانسان, هل ذكر حليب الابل في القرآن؟ يقول الله تعالى: ( وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ) (النحل 66) والابل من الانعام فلم يختص الله لبن الابل فقط, بل ذكر لبن الانعام اي كل مايندرج تحت هذا المسمى.
و لم يذكر القرآن الحليب فقد جاء دائما بلفظ اللبن قال تعالى (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ) ( محمد 15), وهناك من يذهب الى ان هناك فرق فاللبن هو الرائب من الحليب اي المختمر من الحليب, والبعض الآخر يقول البن والحليب سواء لانه يجب اضافة كلمة رائب ايضا الى اللبن اذا كان مختمرا فيقال لبن رائب. ويتهكم غير المسلمين بالمسلمين والعرب بقولهم عنهم "شاربي بول البعير", أي أنهم يشربون شيئا ضارا ومقيتا, حيث أثبتت التجارب أن أبوال الإبل ناجعة في علاج الأمراض الجلدية كالسعفة – التينيا-، والدمامل، والجروح التي تظهر في جسم الإنسان وشعره، والقروح اليابسة والرطبة، ولأبوال الإبل فائدة ثابتة في إطالة الشعر ولمعانه وتكثيفه، كما يزيل القشرة من الرأس, وأكدت المخابر والدراسات ذلك, فهناك دراسات كثيرة في موقع science direct الشهير وبحوث عن دور بول الابل في علاج أمراض من بينها السرطان. و روي أنه ( مر عليه بحمار قد وسم في وجهه فقال: لعن الله الذي وسمه) وعن ابن عباس قال: ( رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا موسوما في الوجه فأنكر ذلك فقال: فوالله لا أسمه إلا في أقصى شيء من الوجه وأمر بحمار فكوي على جاعرتيه فهو أول من كوى الجاعرتين)، روى ذلك مسلم في صحيحه.
كما تستطيع الإبل إغلاق أذنيها ومنخريها لتفادي الغبار والرمال، فهما بمثابة المصفاة لها، أما أخفافها الضخمة فهي تسهِّل لها الحركة على الرمال، من دون أن تغرز فيها، وتمكنها من السير السهل على الأرض الصخرية الزلقة أيضاً، ولها شفاه مطاطية قاسية تلتهم الأشواك الحادة، وتكتفي بها إن لم تجد غيرها، وتساعدها تلك الشفاه الطويلة على ألا تفقد رطوبة بمد لسانها إلى الخارج، ومن عجيب خلقها أن الله جعل أعناقها طوالاً لتستعين بها على النهوض بالحمل الثقيل، ومع طول عنقها تتحرك أعناقها وتلتف في كل اتجاه بكل سهولة ويسر، ويساعدها هذا الطول على الوصول إلى أغصان الشجر المرتفعة، وتمكنها من الأعشاب والحشائش على سطح الأرض. ومن أبرز ما يميز الجمل قلة حاجته إلى الماء، فهو يستطيع أن يستغني عن الماء كلياً عشرات الأيام، بل بضعة أشهر، حيث يستطيع في حالات طارئة أن يأخذ ما يحتاج إليه من الماء من أنسجة جسمه، فيخسر ربع وزنه، من غير أن يضعف عن الحركة، فالجمال ليس لها مرارة وهو ما يساعدها على تناول كميات كبيرة من الغذاء، وهذا يساعدها على تكوين كميات كبيرة من احتياجات الشحوم والدهون التي يخزنها في السنام وتعادل خمس وزنها، ومنها تسحب ما تحتاج إليه من غذاء، إن لم تجد طعاماً.