في هذا الإطار، صرَّح الإمام (عليه السلام) بضرورة قيام الحكومة الإسلامية القوية وكافح فكرة الخوارج الذين كانوا يقولون بانتفاء الحاجة للحكومة مع وجود القرآن الكريم بين المسلمين، ورداً على شعارهم: إن الحكم إلاَّ لله قال كلامه الشهير: "كلمة حق يُراد بها باطل، نعم إنه لا حكم إلاَّ لله، وأنه لا بد للناس من أمير برِّ أو فاجر، يعمل في إمرته المؤمن ويستمتع فيها الكافر، ويبلغ الله فيها الآجل، ويجمع به الفيء، ويقاتل به العود، وتأمن به السبل، ويؤخذ به للضعيف من القوي، حتى يستريح بر، ويُستراح من فاجر" (الخطبة: 40). ما هو الفيء. وهذا الكلام يتلازم دوماً مع رؤيته الزاهدة (عليه السلام) في الحكم والإمارة عندما يقول لعبد الله بن عباس عن نعل كان يصلحها بيده: "والله لهي أحب إليَّ من إمرتكم، إلاَّ أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً" (الخطبة: 33). ومن البديهي أن تكون الحكومة الإسلامية إطاراً يتحرك به سعياً لتحصيل حقوق الناس وضماناً لها، فرؤيته كانت واضحة في قوله (عليه السلام): "... وأعظم ما افترض سبحانه من تلك الحقوق: حق الوالي على الرعية، وحق الرعية على الوالي، فريضة الله سبحانه لكل على كل، فجعلها: نظاماً لإلفتهم، وعزاً لدينهم، فليست تصلح الرعية إلاَّ بصلاح الولاة، ولا تصلح الولاة إلاَّ باستقامة الرعية، فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه، وأدى الوالي إليها حقها، عز الحق بينهم، وقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل، وجرت على إذلالها السنن، فصلح بذلك الزمان، وطمع في بقاء الدولة، ويئست مطامع الأعداء.
وفيهم كثير ظل يتربص في أشهر الانقلاب الأولى أن يمنحه مكانة ولم يتراجع إلا بعد يأس مطلق من أن يراه الانقلاب بعين الرضا. لننظف الطاولة هنا تتجمع عندي أهم الأسباب للحذر من أفق ديمقراطي مصاب بفيروس الزعامات الطارئة والزعامات المستنفدة والنقابات السفيهة. إني لا أملك هنا مقياسا للنضالية وللثورية ولكن تجربة السنوات العشر جديرة بالقراءة المعمقة قبل البدء في بناء تشكيل سياسي (برلماني) يروج للمستقبل مع هذه الجراثيم السياسية. فيء - ويكيبيديا. عند الحديث عن أخطاء السنوات العشر (برغبة التجاوز) أضع خطأ التسليم بنضالية النقابة كخطأ مركزي دمر الثورة والانتقال الديمقراطي كما أعتبر أن الاعتماد على الزعامات التي تتفضل علي الجمهور بتاريخها خطأ كبير. يتجاهل الدور السلبي الذي لعبته هذه القيادات في تخريب الثورة. خاصة أن أي من هؤلاء لم يتوجه للجمهور بنقد ذاتي واعتذار فصيح عن دوره ولا يزال يبرر أنه في الموقع السليم دوما. من أين سنأتي بقيادات جديدة؟ هذا سؤال عاجز وغير واثق من نفسه. القيادات ظاهرة في الصورة وهي تقود الشارع فعلا وتأثيرها بين جلي لكن حديث الزعامات يصغرها ليجد مكانا فوق رؤوسها. وهي من فرط استصغار نفسها تسلم له بهذا الدور.
عوامل تكوين وديمومة المجتمع في نهج البلاغة د. عبد الله زيعور شكلت الحكومة الإسلامية حيزاً مهماً في خطاب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لما للأمر من ترابط وثيق بمسألة العدالة وتطوير الرابطة الاجتماعية للمسلمين وتحقيق المنعة تجاه الأعداء وتبليغ الرسالة على المستوى الإنساني العام. ولعلَّ أول التجليات لأهمية الحكومة الإسلامية كان في قول الباري جلَّ وعلا: {وما محمد إلاَّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم} (آل عمران/144). إنه وإن كان منطوق الآية يُنبىء بحقيقة واقعة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلاَّ أن مدلولها يحفز المسلمين ويشجعهم على المضي قدماً في خط الرسول والرسالة، فهو بمثابة إيعاز للأمة بأن: لا تتوقف رسالتكم وجهادكم المقدس أيها المسلمون من خلال خبر قتل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وعليكم بالحفاظ على النظام الاجتماعي والجهادي للإسلام والاستمرار بحمل الرسالة بكل أصالتها وتوهجها، كما تتجلى أهمية إقامة الحكومة الإسلامية في الحديث: "إذا كنتم ثلاثة فأمَروا أحدكم". وهكذا يمكن استشعار المسؤولية في التصدي لأمر الحكومة، وفهم الأضرار الكارثية على المسلمين من جراء عدم وجود قوة حاكمة تدفع الخصومات وتطور وتحمل مسؤولية الأمن والاقتصاد والدماء والمستقبل.
التسجيل ينبغي أن تكون مسجلًا لتستطيع الدخول. التسجيل لا يأخذ منك سوى بضع دقائق وسيعطيك مميزات أكثر. وقد تكون إدارة المنتدى خصصت صلاحيات أكثر للأعضاء المسجلين. قبل التسجيل تأكد أنك قرأتَ شروط المنتدى وسياساته وأنك موافق عليها. رجاءً تأكد من قراءتك لشروط كل قسم قبل المشاركة فيه شروط الاستخدام | سياسة الخصوصية التسجيل
02, 2022 3 - 15 الحلقة 15 May. 02, 2022 3 - 16 الحلقة 16 May. 02, 2022 3 - 17 الحلقة 17 May. 02, 2022 3 - 18 الحلقة 18 May. 02, 2022