ولو تتبعنا هذا المصطلح لوجدناه يشمل مجالات الحياة كلها: 1- في قوله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، أي أقام حياته على الطاعة وعمل الخير. 2- وفي قوله تعالى: ﴿ قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ﴾ [الكهف: 87-88]، حيث أطلق العمل الصالح على ما يقتضيه الإيمان من الواجبات، ومنها طاعة أولي الأمر والالتزام بأنظمة الدولة ومصالح المجتمع. 3- في قوله تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ﴾ [الفرقان: 70]. قال ابن عاشور: (... عرف العبادة شرعا ولغة - الكامل للحلول. وهو شرائع الإسلام... ) [4]. وبنحو ذلك في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة فأفضلها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق.. » [5].
وقد قيل: إنه عُني بقوله: { وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ}؛ لأن الصائم يُصبِّر نفسه عن شهواتها. وسمي أيضاً: السياحة. وقيل: ((هو عبارة: عن إمساك مخصوص، في وقت مخصوص، على وجه مخصوص)). وقيل: ((هو الإمساك عن المفطر على وجه مخصوص)). مفهوم العبادة - محمد بن صالح العثيمين - طريق الإسلام. وقيل: ((إمساكٌ بِنِيَّةٍ عن أشياء مخصوصة، في زمن معيَّن، من شخص مخصوص)). وقيل: ((هو: الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وغيرها مما ورد به الشرع في النهار على الوجه المشروع)). وقيل: الإمساك عن الأكل والشرب والجماع، وغيرها مما ورد به الشرع في النهار على الوجه المشروع، ويتبع ذلك الإمساك عن الرفث والجهل وغيرها من الكلام المحرم والمكروه. وقيل: إمساك مخصوص من شخص مخصوص، عن شيء مخصوص، في زمنٍ مخصوص ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة) المؤلف\ سعيد بن علي بن وهف القحطاني 29 4 55, 183
هذا وغيره من الأعمال التي تنبع من نفس تحب الخير وترغب في العطاء، ويبتغي بذلك وجه الله، أي تقدم نفعاً للمجتمع فهو عبادة، لذلك قال العلماء النية تقلب العادة عبادة. وهذا المفهوم العام للعبادة له آثار إيجابية على سلوك الناس، ومن أبرز هذه الآثار: أن الإنسان العاقل عندما يقدم على عمل ويعتبره عبادة فإنه سيؤديه على أحسن وجه لأنه يرجو ثوابه عند الله على مقدار إخلاصه وصدقه في أدائه، سواء كان يؤدي حرفة أو تعليماً أو أداء وظيفة إدارية، أو يقدم بحثاً علمياً فإنه في عبادة وبالتالي سيبذل أقصى ما يستطيع من جهد؛ لأن في حسه أنه يؤدي عبادة والله مطلع عليه (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) [11]. والإحسان في العبادة (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) [12]. والأثر الثاني لمفهوم العبادة الشامل، هو أن الإنسان سيتجنب الكثير من الأعمال التي لا تدخل دائرة العبادة. أي الأعمال غير المشروعة أو المحرمة؛ لأن الأعمال كلها إما أن تكون في دائرة المشروع الجائز، أو في دائرة المنهي عنه فتركه للمنهي عنه أيضاً عبادة يؤجر عليها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «.. وفي بضع أحدكم صدقة قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر، قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر» [13].
«تبسمك في وجه أخيك صدقة.. » [6]. مر شاب على النبي صلى الله عليه وسلم فرأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جلدة ونشاطة فقالوا: يا رسول الله! لو كان هذا في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان» [7]. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا يا رسول الله وإن لنا في هذه البهائم لأجراً فقال: في كل كبد رطبة أجر» [8]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة» [9]. عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نزع رجل لم يعمل خير قط غصن شوك عن الطريق إما كان في شجرة فقطعه فألقاه وإما كان موضوعاً فأماطه، فشكر الله له بها فأدخله الجنة» [10].
تاريخ النشر: الأربعاء 27 شوال 1428 هـ - 7-11-2007 م التقييم: رقم الفتوى: 100933 152740 1 434 السؤال ما هي صحة الحديث: لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله، وأي فرقة تستعمل هذا الحديث إن كان حديثا. جزاكم الله كل الخير عني وعن كل المسلمين. الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالحديث المسؤول عنه قد أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر. ورواه البخاري بلفظ: يسب بنو آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار. ومن ذلك يتبين لك أن الحديث صحيح. وأما سؤالك عن أي فرقة تستعمل هذا الحديث فإنه غير مفهوم؛ لأنه إذا تقرر أنه حديث صحيح –وهو كذلك كما علمت- فإن من واجب جميع الأمة أن يأخذوا به، لما ورد في قول الله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]. وأما عن معنى هذا الحديث فقال النووي شارحا له: قال العلماء وهو مجاز وسببه أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون يا خيبة الدهر ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر أي لا تسبوا فاعل النوازل فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى؛ لأنه هو فاعلها ومنزلها.
• ويقول المنذري - رحمه الله تعالى - كما في "الترغيب والترهيب"(3/ 482): "ومعنى الحديث: أن العرب كانت إذا نزلت بأحدهم نازلة، وأصابته مصيبة أو مكروه، يسب الدهر؛ اعتقادًا منهم أن الذي أصابه فعل الدهر، كما كانت العرب تستمطر بالأنواء، وتقول: "مطرنا بنوء كذا"؛ اعتقادًا أن ذلك فعل الأنواء، فكان هذا كاللعن للفاعل، ولا فاعل لكل شيء إلا الله تعالى، خالق كل شيء وفعله، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك"؛ اهـ. • وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - كما في "فتح الباري" (10/ 692): "ومعنى النهي عن سب الدهر: أن من اعتقد أنه الفاعل للمكروه، فسَبَّه، أخطأ؛ فإن الله هو الفاعل، فإذا سببتم من أنزل ذلك بكم، رجع السب إلى الله، وأشار الحديث بأن النهي عن سب الدهر تنبيه بالأعلى على الأدنى، وأن فيه إشارة إلى ترك سب كل شيء مطلقًا، إلا ما أذن الشرع فيه"؛ اهـ. • وقال النووي - رحمه الله تعالى - في "شرحه على صحيح مسلم"(8/ 5): وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا الدهر؛ فإن الله هو الدهر))؛ أي: لا تسبوا فاعل النوازل، فإنكم إذا سببتم فاعلها، وقع السب على الله تعالى؛ لأنه هو فاعلها ومنزلها، أما الدهر الذي هو الزمان، فلا فعل له، بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى، ومعنى: ((فإن الله هو الدهر))؛ أي: فاعل النوازل والحوادث، وخالق الكائنات - والله أعلم.
ما معنى لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر هل الحديث لا تسبوا الوقت فإن الله هو الوقت يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وإذا كان صحيحا, فكيف تفسره؟ فقد أشكل علي هذا الموضوع. الحمد لله الحديث ليس بهذا اللفظ " لا تسبوا الوقت فإن الله هو الوقت " ، وإنما هو بلفظ " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " ( وقد يكون اللفظ المذكور جاء بسبب طريقة ترجمة السؤال) ، وقد رواه مسلم عن أبي هريرة ( 5827) ، وفي لفظ آخر: " لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر " ، وفي لفظ آخر: " لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإن الله هو الدهر " ، وفي لفظ: " قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يقول يا خيبة الدهر ف لا يقولن يا خيبة الدهر فأنا الدهر أقلب الليل والنهار فإذا شئت قبضتهما ". و أما معنى الحديث فقد قال النووي: قالوا: هو مجاز وسببه أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون " يا خيبة الدهر " ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " أي: لا تسبوا فاعل النوازل فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى لأنه هو فاعلها ومنزلها ، وأما الدهر الذي هو الزمان ف لا فعل له بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى.
وهذا أحسن ما قيل في تفسيره ، وهو المراد. والله أعلم " تفسير ابن كثير " ( 4 / 152). وسئل الشيخ ابن عثيمين حفظه الله عن حكم سب الدهر: فأجاب قائلا: سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام. القسم الأول: أن يقصد الخبر المحض دون اللوم: فهذا جائز مثل أن يقول " تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده " وما أشبه ذلك لأن الأعمال بالنيات واللفظ صالح لمجرد الخبر. القسم الثاني: أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل كأن يقصد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلِّب الأمور إلى الخير أو الشر: فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقا حيث نسب الحوادث إلى غير الله. القسم الثالث: أن يسب الدهر ويعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأجل هذه الأمور المكروهة: فهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب وليس بكفر ؛ لأنه ما سب الله مباشرة ، ولو سب الله مباشرة لكان كافراً. " فتاوى العقيدة " ( 1 / 197). ومن منكرات الألفاظ عند بعض الناس أنه يلعن الساعة أو اليوم الذي حدث فيه الشيء الفلاني ( مما يكرهه) ونحو ذلك من ألفاظ السّباب فهو يأثم على اللعن والكلام القبيح وثانيا يأثم على لعن ما لا يستحقّ اللعن فما ذنب اليوم والسّاعة ؟ إنْ هي إلا ظروف تقع فيها الحوادث وهي مخلوقة ليس لها تدبير ولا ذنب ، وكذلك فإنّ سبّ الزمن يعود على خالق الزّمن ، فينبغي على المسلم أن ينزّه لسانه عن هذا الفحش والمنكر.
القسم الثالث: أن يسب الدهر ويعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأجل هذه الأمور المكروهة: فهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب وليس بكفر ؛ لأنه ما سب الله مباشرة ، ولو سب الله مباشرة لكان كافراً. " فتاوى العقيدة " ( 1 / 197). ومن منكرات الألفاظ عند بعض الناس أنه يلعن الساعة أو اليوم الذي حدث فيه الشيء الفلاني ( مما يكرهه) ونحو ذلك من ألفاظ السّباب فهو يأثم على اللعن والكلام القبيح وثانيا يأثم على لعن ما لا يستحقّ اللعن فما ذنب اليوم والسّاعة ؟ إنْ هي إلا ظروف تقع فيها الحوادث وهي مخلوقة ليس لها تدبير ولا ذنب ، وكذلك فإنّ سبّ الزمن يعود على خالق الزّمن ، فينبغي على المسلم أن ينزّه لسانه عن هذا الفحش والمنكر. والله المستعان. الإسلام سؤال وجواب الشيخ محمد صالح المنجد
وأما معنى قوله: أقلب الليل والنهار يعني أن ما يجري فيهما من خير وشر بإرادة الله وتدبيره وبعلم منه تعالى وحكمة، لا يشاركه في ذلك غيره، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فالواجب عند ذلك حمده في الحالتين، وحسن الظن به سبحانه وبحمده، والرجوع إليه بالتوبة والإنابة، قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35]. وقد أورد الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، بابا في كتاب التوحيد سماه: (باب من سب الدهر فقد آذى الله) أورد فيه هذا الحديث وبين أنه يشتمل على عدة مسائل: النهي عن سب الدهر. تسميته أذى لله. التأمل في قوله: فإن الله هو الدهر أنه قد يكون سابا ولو لم يقصده بقلبه.