وعن البراء قال، قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن ضلعها، والكسيرة التي لا تنقى» [رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي]، وهذه العيوب تنقص اللحم لضعفها وعجزها عن استكمال الرعي، لأن الشاء يسبقونها إلى المرعى، فلهذا لا تجزئ التضحية بها عند الشافعي وغيره من الأئمة كما هو ظاهر الحديث. ولهذا جاء في الحديث: أمرنا النبي صل الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن أي أن تكون الهدية أو الأضحية سمينة حسنة ثمينة، كما روى عبد الله بن عمر: أهدي عمر نجيباً فأعطي بها ثلثمائة دينار، فأتى النبي صل الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أهديت نجيباً فأعطيت بها ثلثمائة دينار، أفأبيعها وأشتري بثمنها بدناً؟ قال: «لا، انحرها إياها» [رواه الإمام أحمد وأبو داود] وقال ابن عباس: البدن من شعائر الله، وقال محمد بن أبي موسى: الوقوف ومزدلفة والجمار والرمي والحلق والبدن من شعائر الله؛ وقال ابن عمر: أعظم الشعائر البيت. وقوله: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ}: أي لكم في البدن منافع من لبنها وصوفها وأوبارها وأشعارها وركوبها إلى أجل مسمى، قال مجاهد في قوله: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}: قال: الركوب واللبن والولد، فإذا سميت بدنة أو هدياً ذهب ذلك كله كذا قال عطاء والضحاك وقتادة وغيرهم.
وقد يتساءل بعض الناس: ألم يكن هنالك من يكفي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الأمر حتى يتفرغ لما هو أهم من أمور الأمة ، وإكراماً له أن ينالَه من هذا العمل وَسَخُ اليدين وتغير رائحتها فضلاً عن التعب والنصب في أمر يستطيعه أي فرد من عموم المسلمين ؟ كلا فذلك منطق من ابتلوا بكثافة الطبع ، وانشغلوا بحفظ الناموس ، وبعضهم الموت أهون عليه من أن يُرَى وهو يزاول مثل تلك الأعمال البعيدة عمَّا ينبغي أن ينشغل به العباقرة وأصحاب الثقافة العالية ( الحضارية) ، أو تلك التي ينبغي أن يترفع عنها أهل العلم والفضل الذين يجب أن يكونوا بمنأىً عن ممارسة أي عمل من أعمال المهنة كذلك العمل. أما من رزقهم الله حياة القلب وصفاء النفس فإنهم يجدون في ذلك من اللذة ومعاني العبودية وصلاح القلب ما لا يدركه أولئك المصونون ، أو الذين يصونون أنفسهم عن ذلك ؛ وهم على مكاتبهم أو في قصورهم ، أو على مِنَصَّة التوجيه. إن إبل الصدقة هي الزكاة المأخوذة من أصحاب الإبل. من يعظم شعائر الله. والزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام وشعيرة عظيمة من شعائر الدين. والاهتمام بالزكاة والمحافظة عليها أكثر من المال الشخصي إنما يصدر عن تعظيم أمر الله - عز وجل - وذلك من تقوى القلوب: { وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ} ( الحج: 32).
التقرّب إلى الله -تعالى- بالطاعات، والبعد عن المعاصي، فبذلك يحقّق الإنسان العبودية الكاملة لله تعالى، ويصبح تعظيمه وشعائره في قلب العبد. غض البصر ، إذ إنّ النظر إلى ما حرّم الله -تعالى- يُورث قسوة القلب، ممّا يمنعه من استشعار عظمة الله عزّ وجلّ.
والآية وإن كانت في الحروب -ولذلك قال بعدها: "فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا"، وسياق الآيات يدل عليه- إلا أن الحذر مطلوب عموما؛ في شؤوننا الحياتية العادية، وعلاقاتنا، ومن الشيطان وأعوانه، فما أسهل أن نقع في شراكه. ولا يجوز للحذر أن يصل بأحدنا إلى مرحلة الجبن، أو الوسوسة، فتنقلب حياته جحيما، بل كل شيء بميزان الشرع. ومن يعظم شعائر الله - المندب. أما العمل، فهو علامة الإيمان. فليس الإيمان بالتمني، بل لا بد من الانطلاق ومغادرة مربع التنظير. إذ يحسن أحدنا كثيرا أن ينظِّر ويوجه، ولكنه عند التنفيذ متكاسل متأفف متقاعس، وصف الله هؤلاء أحيانا بالمتثاقلين: "… مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ…" (التوبة، الآية 38)، وأحيانا بالمعوِّقين: "قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلا" (الأحزاب، الآية 18). فلنكن أصحاب همم وبصيرة وثقة بالله، معظمين لشعائره متقين له.
تعظيم شعائر الله من علامات التقوى. والتقوى أمر بين العبد وربه، ولكن آثارها لا شك بادية على الإنسان. فتقوى القلوب تشرح الصدور، وتبث الطمأنينة، وتهدئ الروع، وتهذب السلوك، وترتقي بالإنسان، لأن القلب معلق بالله تعالى خوفا ورجاء، حبا ورضا، معرفة وتعظيما، فكيف لا يكون صاحبها متميزا. حين يصل أحدنا إلى درجة التقوى، وهو بلا شك قد أحسن العمل، فهنا تكون الولاية لله تعالى: "أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ" (يونس، الآيتان 62 و63). فالولي بتعريف القرآن هو المؤمن التقي، ولكن أي إيمان وأي تقوى؟ إنه الذي يحبه الله ويرضاه، وفق معايير الشرع لا وفق أهوائنا؛ فكم من مدع للولاية والصلاح وهو أبعد الناس عن الله. فالعبرة هي في تعظيم أمره سبحانه، والانصياع لما أمر والبعد عما نهى. ولا يُعبَد الله إلا بما شرع، مما بينه تعالى في كتابه أو رسولُه في سنته، صلى الله عليه وسلم. ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى. من روعة هذا الدين أن أصوله وتفاصيله مبينة محفوظة، ومجالات الإبداع والتفوق كثيرة متنوعة حسب ميول الإنسان. ولكن الأصل هو هذه الأركان وتعظيم شعائر الله، حينها نلتقي على الله، إخوة متحابين عارفين لحقوق بعضنا، سواء مع أنفسنا نحن المسلمين، أو مع غيرنا مما شرعه الله أيضا.
القصص القرآنية، والقصص النبوية تحمل عبرًا للقارئ في دنياه، وكذلك تعلمنا أن صدق المرء خير له في الدنيا، ويوم القيامة يكون سببًا في دخوله الجنة، والله -جل وعلا- يحب الصادقين.
فقال هرقل: فما كان ليَدع الكذب على الناس ويذهب فيكذب على الله عز وجل. ذكره البخاري ومسلم. وعن أبي سفيانَ صَخرِ بنِ حربٍ في حديثه الطويلِ في قصةِ هِرَقْلَ، قَالَ هِرقلُ: فَمَاذَا يَأَمُرُكُمْ، يعني النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ أبو سفيانَ: قُلْتُ: يقولُ: «اعْبُدُوا اللهَ وَحدَهُ لا تُشْرِكوُا بِهِ شَيئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، ويَأْمُرُنَا بالصَلاةِ، وَالصِّدْقِ، والعَفَافِ، وَالصِّلَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. قال المسور بن مخرمة قلت لأبي جهل -وكان خالي: يا خال، هل كنتم تتهمون محمدًا بالكذب قبل أن يقول مقالته؟ فقال: والله يا ابن أختي، لقد كان محمد وهو شاب يُدعى فينا الأمين، فلما وخطه الشيب لم يكن ليكذب. قلت: يا خال، فلمَ لا تتبعونه؟ فقال: يا ابن أختي، تنازعنا نحن وبنو هاشم الشرف، فأطعموا وأطعمنا، وسقوا وسقينا، وأجاروا وأجرنا، فلما تجاثينا على الركب، وكنا كفرسي رهان، أي متساويين، قالوا: منا نبي. فمتى نأتيهم بهذه؟، أو كما قال. إن الصدق يهدي إلى البر. ذكره ابن القيم في جلاء الأفهام. وقد روى البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما نزلت ( وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ) صعِد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا، فجعل ينادي: يا بني فهر، يا بني عدي – لبطون قريش – حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال: «أرأيتكم لو أخبرتكم أنَّ خيلًا بالوادي تريد أن تُغير عليكم أكنتم مُصدقيَّ؟» قالوا: نعم، ما جرَّبنا عليك إلا صدقًا.
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحجرات: 15] ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين ﴾ [العنكبوت: 3]. ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [الحديد: 19]. شرح ( إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ .. ) - منتديات اول اذكاري. جمعنا لكم ايات قرانية عن الصدق والكذب ، والصدق من الصفات المحمودة في القرآن الكريم، بينما جاء الكذب في العديد من المواضع لتحذير العباد منها لأن الكذب من الكبائر التي تقود صاحبها إلى الهلاك. يمكنك أيضا قراءة: ايات قرانية تساعد على الحفظ وعدم النسيان
تتعدد قراءات الأسباب الكامنة وراء التأثير من عدمه، ومن بين الأسباب التي أرى لها تأثير في نجاح الكلمة، صدق السريرة وما انطوت عليه من قصد ونية، ولنا في التاريخ أمثلة عديدة منها: رسولنا الكريم محمد عليه السلام، الذي لا ينطق عن الهوى وصاحب جوامع الكلم وبلاغة الخطاب وفصاحة اللسان فكل ذلك من معينات نجاح الخطاب، ولكن ما الذي ميزه عن كثير من الزعامات الأخرى التي لم تستطع الوصول بخطاباتها إلى الآخرين؛ إنه الصدق وإخلاص النية في الكلمة، فمحمد عليه السلام يسمى بالصادق الأمين، وقد اعترف له بذلك المشركون في مكة كما هو معلوم في التاريخ. بلال بن رباح، رضي الله عنه، العبد الحبشي الذي لم يتدرب كثيرا في مراكز تدريبية وبحثية تعنى بفنون إلقاء الكلمة، كيف استطاع إحداث زلزال في عقول وقلوب المشركين، إنه الصدق مع الله أولا وأخيرا، فلم تكن كلماته نغمات وجملا وحروف يتغنى ويترنم بها تظاهرا، وإنما كانت كلمات صادرة من صدق الفؤاد. مثال آخر من الأمثلة الرائعة التي كان لها الأثر البليغ في نفوس الناس، الرجل الصالح حبيب النجار الذي جاء من أقصى المدينة يسعى، يدعو الناس إلى اتباع المرسلين فكان أن قُتل، فكيف أمكنه اختراق القوم وخلخلة معتقداتهم وبيان فسادها، والتأكيد على صدق دعوة الرسل، هل كان ذلك بسابق تجربة تكوينية تمرن فيها حبيب النجار على فنون التأثير في الآخرين، ها خاض تجربة التنافس من أجل التألق من محفل من المحافل التنافسية؟، كل ذلك محمود لمن وجد فرصة تعلمه ومعرفته والاستفادة منه، ولكن حبيبا ما أدرك ما حبيبا كانت قوة تأثيره أساسها الصدق.