التورية في نهج البلاغــــة الأربعاء 25 سبتمبر 2019 - 12:38 بتوقيت طهران إذاعة طهران- على خطى النهج: الحلقة 23 مستمعينا الأكارم في كل مكان! من دواعي سرورنا أن نجدّد اللقاء بكم مع ينابيع الفصاحة ومناهل البلاغة وموارد البيان البديع من خلال برنامجكم علي خطي النهج حيث نتفيّء ظلال نهج البلاغة وما يحفل به من بديع الكلام وجميل العبارة و روعة المضامين والمعاني ، ندعوكم لأن تكونوا برفقتنا... مستمعينا الأفاضل! التورية وتسمّي أيضاً بالتوجيه والإيهام والتخييل والمغالطة ، ويراد بها إيراد الكلام محتمِلاً لوجهين مختلفين ؛ أحدهما قريب ، والآخر بعيد ؛ فالسامع يسبق فهمُه إلي القريب مع أن المراد هو ذلك البعيد ، فهو يحتاج إلي قراءتين: الأولي سطحيّة والأخري عميقة تُستجلَي منها الدلالة عن طريق التأويل معتمِداً السياق الذي يرجّح المعني الثاني لا الأوّل. ص92 - كتاب من قضايا البلاغة والنقد عند عبد القادر الجرجاني - أ التقديم في الاستفهام بالهمزة - المكتبة الشاملة. ومن ذلك قولُه سلام الله عليه من خطبة له يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض: " فَسَوّى مِنْهُ سَبْعَ سَماواتٍ جَعَلَ سُفْلاهُنَّ مَوْجا مَكْفوفا وَ عُلْياهُنَّ سَقْفا مَحْفوظا، وَ سَمُكا مَرْفوعا. بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُها، وَ لا دِسارٍ يَنْتَظِمُها، ثُمَّ زَيَّنَها بِزينَهٍ الْكَواكِبِ، وَ ضِياءِ الثَّواقِبِ، وَ اءَجْرى فِيها سِراجا مُسْتَطِيرا، وَ قَمَرا مُنيرا، فى فَلَكٍ دائِرٍ، وَ سَقْفٍ سائِرٍ، وَ رَقِيمٍ مائِرٍ.
التورية في علم البديع تعتبر التورية فرع من فروع علم البديع الذي يختص بدراسة المحسنات البديعية ويستخدم بغرض إيصال معنى معين بطريقة مبتكرة وقد اعتمد الكثير من الشعراء على التورية في كتابة نصوصهم ومن أبرز الأمثلة عن التورية الآتي: ولا برحت مصر أحق بيوسف من الشام لكن الحظوظ تقسم عند قراءة النص للمرة الأولى يتجه ذهننا تلقائيًا إلى النبي يوسف رضي الله عنه وأرضاه وهذا هو المعنى القريب الغير مقصود بينما يقصد الشاعر هنا المعنى البعيد وهو صلاح الدين الأيوبي حيث كان يُعرف حينها باسم يوسف. أقول وقد شبوا إلى الحرب غارةً … دعوني فإني آكل العيش بالجبن. أمثلة التورية في البلاغة. جاءت التورية هنا في كلمة الجبن فالمعنى القريب الذي يذهب له ذهننا عند قراءة هذه الكلمة هو الجبن الذي يؤكل، أما المعنى البعيد فهو الخوف وهو المعنى المراد. وهفا بالفؤاد في سلسبيل … ظمأ للسواد من عين شمس التورية هنا تظهر في كلمة سواد والمعنى القريب لها هو سواد العين أما المعنى البعيد فهو ضواحي مدينة عين شمس التي ذكرها الشاعر بعد كلمة سواد. أمثلة على التورية في القرآن وردت التورية في الكثير من الآيات القرآنية ومن ضمن هذه الآيات قوله تعالى في سورة الأنعام: قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ}.
والمعنى الآخر البعيد هو اللَّهْو واللّعب والافتنان بالطعام والشراب، وهذا هو المعنى المراد. وفي سوابق هذه التورية ما يلائم المعنيين، فهي بقوّة المجرّدة. المثال السادس: قول بدر الدين الذهبي: *رِفْقاً بخِلٍّ نَاصِحٍ* أَبْلَيْتَهُ صَدّاً وهَجْراً* *وَافَاكَ سَائِلُ دَمْعِهِ * فَرَدَدْتَهُ فِي الْحَالِ نَهْراً* كلمة "نهراً لها معنيان: الأول القريب هو النَّهْرُ واحد الأنهار. والمعنى الآخر البعيد وهو المراد: هو الزَّجر، ويشير إلى قول الله تعالى: وأمّا السائل فلا تنهر. وفيه أيضاً تورية بكلمة "سائل" من سال يسيل، ومن سأل يسأل، إذ الدمع الذي يسيل يتضمَّن سؤال الوصال.
الخطبة الأولى (أَهْلِ الْجَنَّةِ وأَدْنَاهم مَنْزلَة) الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. نعيم اهل الجنة. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد أيها المسلمون روي الامام البخاري ومسلم في صحيحيهما ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً الْجَنَّةَ رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ حَبْوًا فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى. فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ – قَالَ – فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا أَوْ إِنَّ لَكَ عَشَرَةَ أَمْثَالِ الدُّنْيَا – قَالَ – فَيَقُولُ أَتَسْخَرُ بِي – أَوْ أَتَضْحَكُ بِي – وَأَنْتَ الْمَلِكُ » قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ.
قَالَ فَكَانَ يُقَالُ ذَاكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً. إخوة الإسلام إن الحديث عن الجنة ونعيمها في القرآن والسنة عجيب ومشوق ، وله أسلوب فريد وأخاذ، وأساليب القرآن والسنة في ذلك كثيرة ومتنوعة وعجيبة، ومن ذلك أن المتأمل يجد أن حديث القرآن والسنة عن الجنة ونعيمها في أغلبه يتكلم ويصف ما نراه أنه الأقل في نظرنا في الدنيا ،ويصف أدنى النعيم في الجنة ، وذلك حتى يحار العقل ، ولا يقف عن تصور النعيم الأعلى ، ولذلك وردت أحاديث كثيرة في نعيم أدنى أهل الجنة منزلة، فماذا ستتخيل من نعيم أعلى أهل الجنة منزلة إذا عرفت أن أدناهم -وما فيهم دني- رجل يقول له ربه: (فَيَقُولُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا. أَوْ إِنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا » رواه البخاري ومسلم ، وتأمل معي في قوله صلى الله عليه وسلم: « مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا » رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم:« وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبُ » رواه البخاري ،فإذا كان هذا موضع السوط ومقدار قاب قوسين (يعني قرابة متر أو أقل) فكيف بجنة عرضها السموات والأرض ؟!
كذلك يكون بين أهل الجنة لقاءات تزاور، قال الله تعالى عنها: " وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ " [الطور: 25-27] ومن كان له قرين في الدنيا يحاول أن يغويه ويضله من أهل الكفر أو الفسق ثم يمن الله عليه بالثبات على الهداية، يتذكر وهو في الجنة ذلك القرين. قال الله تعالى: " فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ " [الصافات: 50-53] فيطلع ذلك المؤمن على أهل النار " قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ " [الصافات: 54، 55] فلما يراه على تلك الحال يتذكر نعمة الله تعالى عليه بالثبات على الهداية، قال الله تعالى بعدها: " لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ " [الصافات: 61]. وما زلنا وإياكم في دار عمل، وما زالت أرواحنا في أجسادنا، وهذه بعض مما ذكره الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله من نعيم الجنات، فنسأل الله سبحانه وتعالى الذي رزقنا الإسلام من غير أن نسأله ألا يحرمنا الجنة وقد سألناه إياها.
وأما الحديث الثالث: فقد أخرجه أحمد في مسنده ، و ابن حبان في صحيحه، وقال الحافظ الضياء المقدسي: وهذا عندي على شرط مسلم. وقال ابن القيم: إسناد صحيح على شرط الصحيح. " نعيم أهل الجنة " - الكلم الطيب. وأما قولك: (وأيضا ما موقفي من بعض الاجتهادات المستهجنة في تفسير كتاب الله؟! ) فالشأن هو في طبيعة الاستهجان هذا، هل هو مبني على أصول شرعية؟ أم غير ذلك؟ فالبلاء كله: في الاستهجان النابع من الأهواء والأذواق والانطباعات الشخصية دون أساس علمي، فهذا النوع من الاستهجان لا دواء له، إلا بإلجام النفس بإرادة الحق والتماس الصواب، والإعراض عن أهواء النفوس وأذواقها، وسلوك المنهجية العلمية الصحيحة في قبول التفاسير وردها. والله أعلم.
نعيم الجنة ـ 10 دقائق في الجنة🌹تنسيك كل هموم الدنيا🌹 ستتمنى ألا ينتهي الفيديو paradise jannah - YouTube
اهـ وأما ذكر نعيم أهل الجنة بالنكاح فليس فيه ما يتقزز منه ولا ما يدعو للخيبة، فان أصحاب الفطر السليمة يحبون الشهوات من النساء، كما قال الله تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ {آل عمران:14}. ذكر بعض نعيم الجنة الذي لا يوجد مثله في الدنيا - إسلام ويب - مركز الفتوى. وإنما يعاب في المجتمع المسلم البحث عن الشهوات بطريقة محرمة تنتشر فيها الأخلاق السيئة، ولا يعيب الاهتمام بالنكاح المشروع إلا المنحرفون من رهبان النصارى، وقد ثبت في القرآن ذكر جزاء أهل الجنة بالنساء المطهرة والحور العين، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 203845 ، والفتاوى الملحقة بها. وقد أجبناك في سؤال سابق لك عن تفسير قوله تعالى: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ {يس:55}، وذلك في الفتوى رقم: 293299. وأما عن صحة الأحاديث التي ذكرتها في سؤالك: فالحديث الأول: قد أخرجه ابن ماجه في سننه، وقال عنه الألباني و الأرنؤوط: ضعيف جدا. وأما الحديث الثاني: فهو منكر كما بيناه في الفتوى رقم: 169831.