فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم (22) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم (23) محمد
وقال القرطبي رحمه الله بعد قول بكر المزني أنها نزلت في الحرورية والخوارج: وفيه بُعْد، والأظهر أنه إنما عُني بها المنافقين [3]. معنى التولية والفساد في الأرض: ﴿ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾ [محمد: 22]: اختُلف في معنى التولية والفساد في الأرض على معنيين: فقيل: من الولاية، وقيل: من الإعراض عن الشيء، وقد ذكر الألوسي رحمه الله المعنيين فقال: فهل عسيتم إن توليتم أمورَ الناس وتأمَّرتم عليهم، فهو من الولاية، وفسَّر بعضُهم التولِّيَ بالإعراض عن الإسلام؛ أي: فهل عسيتم إن أعرضتم عن الإسلام أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض بالتغاور والتناهب وقطع الأرحام بمقاتلة بعض الأقارب بعضًا ووَأْد البنات [4]. وقال ابن عجيبة رحمه الله: لعلكم إن أعرضتم عن دين الله وسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض، بالتغاوُر والتناهُب، وقطع الأرحام بمقاتلة بعض الأقارب بعضًا، ثم ذكر تولَّيتم بمعنى الولاية، فقال: فهل عسيتم إن توليتم أمور الناس وتأمَّرتم عليهم أن تُفسدوا في الأرض، تَفاخرًا على الملك، وتهالكًا على الدنيا، فإن أحوالكم شاهدةٌ بذلك من خراب الدين والحرص على الدنيا [5].
وقد قال عبد الله بن أبي: عَلاَم نقتل أنفسنا ها هنا؟ وربما قال في كلامه: وكيف نقاتل قريشاً وهم من قومنا ، وكان لا يرى على أهل يثرب أن يقاتلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ويرى الاقتصار على أنهم آووه. والخطاب موجّه إلى الذين في قلوبهم مرض على الالتفات. والاستفهام مستعمل في التكذيب لما سيعتذرون به لانخزالهم ولذلك جيء فيه ب { هل} الدالة على التحقيق لأنّها في الاستفهام بمنزلة ( قد ( في الخبر ، فالمعنى: أفيتحقق إن توليتم أنكم تفسدون في الأرض وتقطعون أرحامكم وأنتم تزعمون أنكم توليتم إبقاء على أنفسكم وعلى ذوي قرابة أنسابكم على نحو قوله تعالى: { قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا} [ البقرة: 246] وهذا توبيخ كقوله تعالى: { ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم} [ البقرة: 85]. والمعنى: أنكم تقعون فيما زعمتم التّفادي منه وذلك بتأييد الكفر وإحداث العداوة بينكم وبين قومكم من الأنصار. فالتولّي هنا هو الرجوع عن الوجهة التي خرجوا لها كما في قوله تعالى: { فلما كتب عليهم القتال تولّوا إلا قليلاً منهم} [ البقرة: 246] وقوله: { أفرأيت الذي تولّى} [ النجم: 33] وقوله: { فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى} [ طه: 60].
سورة محمد الآية رقم 22: إعراب الدعاس إعراب الآية 22 من سورة محمد - إعراب القرآن الكريم - سورة محمد: عدد الآيات 38 - - الصفحة 509 - الجزء 26.
تأملات في آيات بينات ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [سورة محمد: 22، 23]. ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾ [محمد: 22]. من المخاطَب في الآية؟ قال ابن الجوزي رحمه الله: في المخاطب بهذا أربعة أقوال: أحدها: المنافقون، وهو الظاهر، والثاني: منافقو اليهود، قاله مقاتل، والثالث: الخوارج، قاله بكر بن عبدالله المزني، والرابع: قريش، حكاه جماعةٌ، منهم الماوردي [1]. قال ابن عاشور: مقتضى تناسُق النَّظْم أن هذا مفرَّع على قوله: ﴿ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ﴾ [محمد: 21]، فتكون إتمامًا لما في الآية السابقة من الإنباء بما سيكون من المنافقين يوم أُحُد، وتجاوَزَ بعضُهم ذلك فأخذ يدَّعي أنها نزلت في الحرورية، ومنهم من جعلها فيما يحدث بين بني أمية وبني هاشم على عادة أهل الشيع والأهواء من تحميل كتاب الله ما لا يتحمَّله، ومن قصْرِ عمُوماته على بعض ما يُراد منها [2].
لا شيء يُتعب الكاتبَ والشاعرَ والأديبَ كاختيار العنوان الذي يدلُّ على مضمون كتابه، ومحتوى تأليفه، وبنات أفكاره، فتجد الواحد منهم يكتبُ عشراتِ الصفحات في اليوم والليلة، باستمرار وبكل سهولة، لكن إذا انتهى من عمله، وقام تعبُه على ساقه، وجدته يقف حائرًا في اختيار اسم الكتاب كما وقف حمار الشيخ في العقبة قديمًا، وبعد تفكير عميق قد يدوم أيَّامًا، يعثر على عنوانه فيَطرب له ويطمئنُّ، ويُنفق ليله في سعادة منقطعة النظير وكأنه أتى شيئًا لم تَستطع الأوائل والأواخر الإتيانَ بمثله. ومنهم من يُتعبه التفكير في الحصول على عنوان مناسب فيلجأ إلى مَن يَثِق فيه من أهل الخبرة والصنعة، كما وقع للشاعر "أبو شبكة"؛ فقد قدَّم مجموعة شعريةً له للأستاذ بطرس البستاني قبل طبعِها ومعها مجموعةٌ من العناوين ليختار لها عنوانًا مناسبًا، لكنه لم يفعل، فقد شطب عليها كلها واختار له عنوانًا من اختياره كتبه على غلاف المجموعة: " أفاعي الفِردوس "، فسعد به واعتمده لمجموعته المشهورة الآن بين القرَّاء. وهذا محمد شكري سيِّئ الذكْر، يسأله صحفيٌّ عن عناوين كتبه فيقول: عنوان " الخبز الحافي " اقترحه الطاهر بن جلون، أما أنا فقد وضعت لها عنوان " من أجل الخبز وحده " متمثلًا عكس ما قاله المسيح: ليس بالخبز وحده يَحيا الإنسان؛ لأني لم أكن أعيش إلا بالخبز الذي أعياني كثيرًا البحث عنه بمرارة ومذلَّة كل يوم، من الصباح حتى المساء، طوال سنوات الصِّبا.
رواية ذهب مع الريح الغريب في تلك الرواية أن مؤلفتها مارغريت ميتشل لم تكتب أي رواية أخرى على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته الرواية والتي جسدت بها الكاتبة الأمريكية مررت الحروب، وماتحدثه من خراب في المجتمعات وشبهة ذلك بالريح الشديدة التي تدمر كل ما تمر به، تأثرت مارغريت ميتشل بالحروب الأهلية التي عاشتها الولايات المتحدة الأمريكية، وكل ينتج عنها من قتل وفقر وشاهدت ذلك في كل من حولها من أصدقاء وأقارب الرواية مؤثرة بشكل كبير. رواية أوليفر تويست قصة أوليفر تويست الممتعة التي يعشقها الكبار والصغار، والتي تدور حول ذلك الطفل الصغير الذي وجد وحيداً بدون هوية، يتيم بدون أهل، وبسبب سوء الظروف التي مر بها، أنضم لمجموعة من اللصوص، وأصبح من المشردين ولكن قادته الظروف في يوم من الأيام إلى منزل بعض الأشخاص ألتمس بهم الطيبة، وبدأ صرعه النفسي بين الخير والشر وتدور الأحداث في سياق ممتع ومؤثر، مؤلف الكتاب تشارلز ديكنز.
قال ربيع: فانظر إلى هذا التخبُّط وهذا الاضطراب، وهذه الحَيْرَة في اختيار العنوان، وهذا مثال واحد فقِس عليه؛ لذلك قال نور الدين صمود في كتابه "هزل وجد": إذا كنتَ من الذين ألَّفوا، ولو كتابًا واحدًا في حياتهم، فإنك قد ترددتَ كثيرًا في اختيار العنوان الذي تضعه على غلافه، فالأمر بالفعل محيرٌ يدعو إلى التردُّد والحيرة [5]. صدقَ جُعلتُ فِداه، فحين انتهيت من كتابي الأول "أفكار على ضفاف الانكسار" بقيتُ أيامًا حائرًا، مترددًا، في اختيار الاسم اللائق به، المناسب للمضمون، فكتبت أكثر من ستة عناوين وشطبتُها كلها، ولم أرضَ عن واحد منها، إلى أن انتهيتُ إلى الاقتناع بهذا العنوان، الذي هو الآن بين يدي القراء، ورغم ذلك فلستُ مطمئنًّا إليه كل الاطمئنان، ووقعتُ في ما وقع فيه غيري من المغاربة، أقصد التطويل والسجعة "أفكار.. انكسار". وهناك عناوين بعض الكتب تبعث على الضحك، وتحملُكَ على الفكاهة، وتجعلك تقتني الكتاب من أجل ذلك؛ فالمرزباني مثلاً جمع رسالة سماها: "تفضيل الكلاب على كثير ممَّن لبس الثياب"، والجاحظ - هذا الأديب الفكاهي الشعبي الذي لا تخلو كتبه من نوادر وطُرف - له كتاب اسمه "البرصان والعُرجان والعُميان والحولان" فأنت حين ترى مثل هذا العنوان تَبتسِم تلقائيًّا، وتَقتني الكتاب لأن عليه اسم الجاحظ أولاً، ولأن عنوانه وموضوعه غير مسبوقين ثانيًا، كما وقع يوم اقتنيته.
2- الأسئلة ربما إذا أعدنا كتابة عنوان هذه التدوينة لجعلناه هكذا "لماذا لا يحقق موقعك عدداً كبيراً من الزيارات؟ " ، لطالما كان الإنسان بطبيعته يحب الأسئلة ويبحث عن الإجابات، لكن الفكرة أن تجعل السؤال يرتبط به ويهمه أكثر، فإذا كنت تكتب مقالاً عن التسويق فأي صاحب موقع يريد زيادة عدد الزيارات لموقعه، وإن كنت تكتب مقالاً لأصحاب المتاجر الإلكترونية فصاحب المتجر يريد زيادة عدد المبيعات وهكذا. يجب أن يرتبط السؤال بمن تكتب له وبما يؤرقه أو يحبه حتى تشجعه على قراءة المحتوى كاملاً، ألا تتفق معي؟! 3- طريقة اللغز ربما هي شبيهة بطريقة الأسئلة ولكنها تطرح السؤال بطريقة غير مباشرة تجعل القارئ شغوفاً لفتح مقالك وقراءته. إذا أحسنت كتابة عنوان المقال أو التدوينة بهذه الطريقة فستكون مفتاح الزيارات لموقعك، وذلك لأنها لا تكون بصيغة معينة أو بشكل معين وتحتاج للتدريب فترة حتى تتقنها، مثال على هذه الطريقة "10 طرق لكتابة تدوينة رائعة، التاسعة هي الأروع " ، فما الذي طرأ ببالك عند قراءة العنوان بادئ الأمر؟ ربما ستقرأ التدوينة لمعرفة لماذا التاسعة هي الأروع لما لا تكون الثامنة أو الخامسة. أسئلة كهذه ستدور ببال من يقرأ العنوان ستجعله يقرأ التدوينة أو المنشور في الحال.