والإمام أحمد نفسه لم يدون مذهبه الفقهي، وإنما جمع تلاميذه فقهه، ومنهم ولده الأكبر صالح، وأبو بكر الأثرم، وحرب. وجاء بعدهم أبو بكر الخلال الذي كتب فقه الإمام أحمد من جميع المصادر المتاحة، ويعد بحق جامع الفقه الحنبلي. ويمتاز الحنابلة بأنهم فتحوا باب الاجتهاد، فنما فقههم، وخاصة على أيدي علماء كبار انتسبوا للمذهب، ومنهم ابن قدامة صاحب كتاب «المغني» أوسع مراجع الفقه الحنبلي، و ابن تيمية الإمام المشهور الذي جمعت فتاواه في 35 جزءا. المذاهب الفقهية الأربعة. وقد شاع عن هذا المذهب التشدد، وهذا إن صح بعض الشيء في العبادات، فالأمر بخلاف ذلك في المعاملات. يقول الدكتور محمد سلام مدكور في كتابه «المدخل للفقه الإسلامي» ص 156: «هذا المذهب فيه تيسير ورحمة بالناس في المعاملات، لأنه يرى أن المسألة إذا لم يكن فيها نص ولا أثر ولا مقايسة لواحد منها، ترك الأمر على أصل الإباحة». وقد جاء هذا المذهب الحنبلي، بعد المذاهب الثلاثة: الحنفي والمالكي والشافعي، فلم يكتب له الانتشار مثلها، حتى ظهر محمد بن عبد الوهاب بدعوته التي قامت على أساسها الدولة السعودية، فلقي هذا المذهب اهتماما بالغا ساعد على إشاعة العلم به وبرجاله * ونجيب الآن عن السؤال الذي طرحناه في البداية: لماذا هؤلاء الأربعة وحدهم، مع أن المجتهدين أضعاف أضعاف هذا العدد؟ لقد استبان لنا أن هؤلاء الأربعة وجدوا من العناية والحفظ لآرائهم ما لم يتيسر لسواهم، فالليث بن سعد في مصر، مثلا، لم يحفظ تلاميذه فقهه.
وفي العهد النبوي كان القرآن الكريم ينزل على النبي، صلى الله عليه وسلم، وكثير من آياته يتعلق بأحداث ومشكلات كانت قائمة وقت التنزيل. وكان الرسول، عليه الصلاة والسلام، يعلم الناس الشرائع والأحكام، ويجيب عن أسئلة السائلين. وكان علماء الصحابة يحفظون ذلك عنه، ويتدارسونه بينهم، ويعلمونه الآخرين. ولما انتقل صلى الله عليه وسلم، إلى الرفيق الأعلى، وتولى الحكم بعده الخلفاء الراشدون ، امتدت الفتوح الإسلامية إلى فارس والشام ومصر وأفريقية، وبدأت تظهر مشكلات جديدة تتعلق بالبلدان والشعوب التي انضمت لدولة الإسلام. وكثيرا ما كان الخليفة يستدعي المشهورين بالتفقه في الدين ويعرض عليهم المشكلة، فإذا اتفقوا على رأي كان هذا «إجماعا» لا تسوغ مخالفته. تحميل كتاب المذاهب الفقهية الأربعة أئمتها أطوارها أصولها آثارها pdf - مكتبة نور. وممن اشتهر بالفقه في هذه الحقبة: عمر بن الخطاب ، و علي بن أبي طالب ، و زيد بن ثابت ، و عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن مسعود، والسيدة عائشة بنت أبي بكر ، رضي الله عنهم أجمعين. وبعد عهد الصحابة جاء عهد التابعين ومن بعدهم. وبرز اتجاهان فقهيان، أحدهما يعتمد أساسا على الأحاديث النبوية ويأخذ بالرأي قليلا، وانتشر هذا الاتجاه في الحجاز. والاتجاه الآخر يعتمد على الرأي في المقام الأول، ويحتاط كثيرا في قبول الأحاديث، وانتشر هذا الاتجاه في العراق.
وقد انحسرت هذه الموجة بكوارثها التي نتجت عنها ولله الحمد. ثم جاءت من بعد ذلك موجة لا تقل سوءاً، ولكنها أكثر نعومة، فهي تشير إلى فضل المذاهب الإسلامية، ولكنها تحصر ذلك في زمانهم، أي أنها ما عادت تصلح لهذا الزمان، وخرجت دعوات مشبوهة لفقه جديد من خلال تجديد الفقه الإسلامي، والغريب أن هذه الدعوات كانت من أناس لا علاقة لهم بالعلم الشرعي أصلاً. وكان من أبرز نتائجها: الدعوة إلى مساواة الذكر والأنثى بالميراث، وتخلص الزوجة من ولاية زوجها، وإلغاء الحدود بدعوى تعارضها مع الإنسانية، وإعطاء مفهوم جديد لعورة الرجل والمرأة يكشف أكثر مما يستر، ويعطي مفهوماً جديداً للصلاة والصيام والزكاة... الخ. فالنتيجة النهائية لهذه الدعوة الناعمة هي هدم الدين من أساسه. أهم الكتب الفقهية الرئيسية في المذاهب الأربعة - إسلام ويب - مركز الفتوى. فالدعوة الأولى كانت تحمل في جنباتها الطعن على الأئمة، مما يهدم النموذج والقدوة في حياة الناس، أما الدعوة الثانية فهدفها هدم الدين من أساسه بإظهار دين غربي جديد معاصر بلا حدود.
ولا يجب على الناس أن يقلدوا أحدا، ومن قال: إنه يجب تقليد الأئمة الأربعة فقد غلط، إذْ لا يجب تقليدهم، ولكن يستعان بكلامهم وكلام غيرهم من أئمة العلم، وينظر في كتبهم رحمهم الله، وما ذكروا من أدلة، ويستفيد من ذلك طالب العلم الموفق، أما القاصر فإنه ليس أهلا لأن يجتهد، وإنما عليه أن يسأل أهل الفقه، ويتفقه في الدين، ويعمل بما يرشدونه إليه، حتى يتأهل ويفهم الطريق التي سلكها العلماء، ويعرف الأحاديث الصحيحة والضعيفة، والوسائل لذلك في مصطلح الحديث، ومعرفة أصول الفقه، وما قرره العلماء في ذلك، حتى يستفيد من هذه الأشياء، ويستطيع الترجيح فيما تنازع فيه الناس. وعلى طالب العلم أن يسعى بالهمة العالية في طلب العلم، ويجتهد ويتبصّر، ويسلك مسالك أهل العلم. فهذه هي طرق العلم في دراسة الحديث وأصوله، والفقه وأصوله، واللغة العربية وقواعدها، والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي. فيستعين بهذه الأمور على ترجيح الراجح في مسائل الخلاف، مع الترحم على أهل العلم، ومع السير على منهجهم الطيب، والاستعانة بكلامهم وكتبهم الطيبة، وما أوضحوه من أدلة وبراهين في تأييد ما ذهبوا إليه، وتزييف ما ردوه. وبذلك يوفق طالب العلم لمعرفة الحق إذا أخلص لله، وبذل وسعه في طلب الحق، ولم يتكبر.
المذاهب الأربعة المذاهب الأربعة هي عبارة عن آراء الفقهاء والعلماء في المسائل التي واجهت المجتمع الإسلامي سواء في الحياة أو الدين، فمن المعروف أن الإسلام لم يترك شيء في حياتنا إلا وقد تعرض لها من خلال أحكامه الثابتة، إلا أنه من اتساع نطاق انتشار الإسلام كان من الضروري مراعاة الشعوب الداخلة في الإسلام، ومراعاة الأمور الحياتية التي نشأوا فيها لذلك كانت المذاهب الاربعة عبارة عن أراء جديدة و اجتهادية لأحكام الإسلام.
و الحاصل: أن قوله تعالى: هن لباس لكم و أنتم لباس لهن، و إن كان علة أو حكمة لإحلال أصل الرفث إلا أن الغرض في الآية ليس متوجها إليه بل الغرض فيها بيان حكمة جواز الرفث ليلة الصيام و هو مجموع قوله: هن لباس لكم إلى قوله: و عفا عنكم، و هذه الحكمة مقصورة على الحكم الناسخ و لا يعم المنسوخ قطعا.
وروى اطبري بسنده عن معاذ بن جبل: قال: كانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا تركوا الطعام والشراب وإتيان النساء، فكان رجل من الأنصار يُدعى أبا صرمة يعمل في أرضٍ له قال: فلما كان عند فطره نام فأصبح صائماً قد جهد، فلما رآه النبي (ص) قال ما لي أرى بك جهداً؟ فأخبر بما كان من أمره وأختان رجل نفسه في شأن النساء فأنزل ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نِسَآئِكُمْ﴾ إلى آخر الآية ( 10). وروى الطبري أيضاً بسنده عن ابن عباس: أن رجلاً قد سمَّاه من أصحاب رسول الله (ص) من الأنصار جاء ليلةً وهو صائم فقالت له امرأته: لا تنم حتى نصنع لك طعاماً فنام فجاءت فقالت: نمت والله فقال: لا والله ، فقالت: بلى والله ، فلم يأكل تلك الليلة وأصبح صائماً فغُشي عليه فأنزلت الرخصة فيه ( 11).
ومنشأ نزول هذه الآية انَّ عدداً من الصحابة لم يصبروا وفيهم عمر بن الخطاب عاشر زوجته بعد حلول وقت فرض الصيام ليلاً, ومن جهة اخرى فإن أحد الصحابة لم يتهيأ له تناول الطعام قبل النوم حيث ذهبت زوجته لمعالجة الطعام فنام قبل إحضاره فالتزم بالامساك عن الطعام, وكان فيمن يحفر الخندق صباحاً مع المسلمين فأصابته مشقه لشدة الجوع والظمأ الذي انتابه نتيجة عدم تناوله المفطر ليلاً فكان يُغشى عليه, فلهذا وذاك نزلت الآية المباركة لتنسخ الحكم بوجوب الصوم بعد العشاء الآخرة وتفرضه من حين طلوع الفجر. تفسير عَلِمَ اللّهُ أَنّكمْ كُنتُمْ تخْتَانُونَ أَنفُسكمْ - .. :: منتدى تاروت الثقافي :: ... فمنشأ النزول انَّ عدداً كانوا يختانون أنفسهم فيعاشروا زوجاتهم في ليالى الصيام وانَّ أخرين كان يفوتهم الإفطار قبل العشاء أو قبل النوم فيشق عليهم الصبر إلى غروب اليوم الثاني. وما ذكرناه في سبب نزول قوله ﴿عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾ قد ذكره أكثر مفسري العامة فقد روي - ذلك كما أفاد العيني في عمدة القاري- عن مجاهد وعطاء وعكرمة والسدي وقتادة وغيرهم في سبب نزول هذه الآية في عمر بن الخطاب" ( 3). وفي جامع البيان للطبرى بسنده عن مجاهد في قوله تعالى ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نِسَآئِكُمْ﴾ قال: كان الرجل من أصحاب محمد (ص) يصوم الصيام بالنهار، فإذا أمسى أكل وشرب وجامع، فإذا رقد حرم ذلك كله عليه إلى مثلها من القابلة، وكان منهم رجال يختانون أنفسهم وكان عمر بن الخطاب ممن اختان نفسه فعفا الله عنهم، وأحل لهم بعد الرقاد وقبله في الليل كله" ( 4).
ومنشأ نزول هذه الآية انَّ عدداً من الصحابة لم يصبروا وفيهم عمر بن الخطاب عاشر زوجته بعد حلول وقت فرض الصيام ليلاً, ومن جهة اخرى فإن أحد الصحابة لم يتهيأ له تناول الطعام قبل النوم حيث ذهبت زوجته لمعالجة الطعام فنام قبل إحضاره فالتزم بالامساك عن الطعام, وكان فيمن يحفر الخندق صباحاً مع المسلمين فأصابته مشقه لشدة الجوع والظمأ الذي انتابه نتيجة عدم تناوله المفطر ليلاً فكان يُغشى عليه, فلهذا وذاك نزلت الآية المباركة لتنسخ الحكم بوجوب الصوم بعد العشاء الآخرة وتفرضه من حين طلوع الفجر. فمنشأ النزول انَّ عدداً كانوا يختانون أنفسهم فيعاشروا زوجاتهم في ليالى الصيام وانَّ أخرين كان يفوتهم الإفطار قبل العشاء أو قبل النوم فيشق عليهم الصبر إلى غروب اليوم الثاني. وما ذكرناه في سبب نزول قوله ﴿عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾ قد ذكره أكثر مفسري العامة فقد روي - ذلك كما أفاد العيني في عمدة القاري- عن مجاهد وعطاء وعكرمة والسدي وقتادة وغيرهم في سبب نزول هذه الآية في عمر بن الخطاب" (3). تفسير عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ - إسلام ويب - مركز الفتوى. وفي جامع البيان للطبرى بسنده عن مجاهد في قوله تعالى ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نِسَآئِكُمْ﴾ قال: كان الرجل من أصحاب محمد (ص) يصوم الصيام بالنهار، فإذا أمسى أكل وشرب وجامع، فإذا رقد حرم ذلك كله عليه إلى مثلها من القابلة، وكان منهم رجال يختانون أنفسهم وكان عمر بن الخطاب ممن اختان نفسه فعفا الله عنهم، وأحل لهم بعد الرقاد وقبله في الليل كله"(4).
وفي ضوء هذا، كان الصوم في النهار أسلوباً واقعياً عملياً، لأنه لا يشل الحاجة الغريزية في الإنسان تماماً، بل يترك لها المجال لتشبع جوعها في الليل. وبهذا جاءت الفقرة القرآنية في قوله تعالى:] هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ [ للإيحاء بشدّة العلاقة التي تربط الرّجل والمرأة ببعضهما البعض، ما يوجب قلة الصبر عن الامتناع والاجتناب عن الحاجة الجنسية لأحدهما تجاه الآخر. وقد كنى عن الجماع بالرفث، لأنَّ الرفث هو الإفصاح بما يجب أن يكنى عنه، ولا يخلو الجماع من ذلك، كما في الكشاف[5]. ] عَلِمَ اللّه أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ [ أي: تنقصونها حظّها من اللذة بامتناعكم عن الجماع في الليل، وخيانة النفس تكون في ظلمها بمنعها عمّا ترتاح إليه، أو تكون بمعنى ممارسة المعصية تمرّداً على التحريم الذي كان مفروضاً في ليالي الشهر بالإضافة إلى نهاراته، فلا تؤدون الأمانة الإلهية بالامتناع عن الجماع،] فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ [ تخفيفاً لما اشتدّ عليكم، بإباحته لكم أو بالغفران لكم] فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ [ بالليل لتحصلوا على حاجتكم الجنسية من دون تحريم ولا حرج. والأمر هنا بمعنى الإباحة لا الوجوب، لأنه وارد بعد التحريم مما يكون قرينة على أنَّ المراد به رفع التحريم لا الوجوب. ]