كما أن كبار المسؤولين في الشركة، كالرئيس التنفيذي والمدير المالي، مسؤولون بشكل شخصي ومباشر عن صحة المعلومات الواردة في القوائم المالية، وعليهم التوقيع على جميع القوائم المالية وتحمل مسؤولية أي خلل فيها. هناك كذلك عقوبات جنائية ضد التلاعب بالبيانات وتحريف السجلات أو إخفائها مع عقوبة تصل إلى السجن 20 عاماً. "مسك" تعلن عدم تمكنها من نشر نتائجها المالية للفترة المنتهية في 30 يونيو 2021 في الوقت المحدد. وللتغلب على المخاوف التي عادة تعتري موظفي الشركة ممن لديهم معلومات عن أي ممارسات خاطئة، فقد ضمن القانون لهؤلاء الموظفين درجة كافية من الحماية وعدم الطرد في حال قيامهم بالإبلاغ. أما الجهة المسؤولة عن تطبيق هذا القانون في الولايات المتحدة والإشراف عليه فهي هيئة الأسواق والأوراق المالية، التي تقابلها لدينا في المملكة هيئة السوق المالية. وعلى الرغم من جميع هذه الجهود، تظل هناك تجاوزات بين الحين والآخر، وتبقى المسؤولية على المستثمر والمحلل للقيام بما يلزم لمحاولة اكتشاف أي ممارسات مشبوهة والابتعاد عن الشركات التي تمارس مثل هذه التجاوزات. عندما تنمو الذمم المدينة من فصل لآخر بنسب أعلى من نمو الإيرادات، فهذا يدل على أن الشركة تحاول رفع حجم مبيعاتها أو مواصلة نموها بأي طريقة، فقد تكون تساهلت كثيرا في شروط ملاءة المشتري أو أنها تمارس ما يعرف بظاهرة حشو قنوات التسويق، أي الدفع بسلعها وخدماتها في حلوق المشترين حتى وإن لم يكن للمشترين نية في الشراء.
ثم علينا كمستثمرين ومحللين القيام ببعض الطرق الاستقصائية لاكتشاف علامات التحذير والابتعاد عن الشركات ذات الممارسات المشبوهة، ومن جهة أخرى ممارسة الضغط الإعلامي على تلك الشركات.
من المفترض أن تنمو الحسابات المدينة بنسبة وتناسب مع الإيرادات، فإن ارتفعت المبيعات بنسبة 10 في المائة فمن المفترض أن تنمو الحسابات المدينة بنسبة قريبة من ذلك، إلا إن قامت الشركة بتغيير أسلوب البيع لديها، الأمر الذي يستوجب الانتباه في كل الأحوال. عقوبة رادعة لـ عدم تسليم إقرار الذمة المالية .. تفاصيل. أما إذا كان لدى الشركة أكثر من شركة تابعة فيجب الانتباه إلى أن بعض الشركات تقوم بتأسيس كيان مستقل كشركة تابعة، تسمى أحياناً شركة أغراض خاصة، الهدف منها إخفاء "عيوب" الشركة الأم، وبالذات المديونية، هذا على الرغم من أن الآلية ذاتها سليمة وتُستخدم لتقليص المخاطر عن الشركة الأم عندما تكون هناك فرصة للدخول في مشاريع عالية المخاطرة. كمثال على استخدام هذه الآلية، قامت إحدى الشركات السعودية قبيل طرح أسهمها للاكتتاب بالتخلص مما لديها من أصول رديئة ونشاطات متعثرة بقذفها في شركة تابعة وإبقاء الشركة الأم بصورة نظيفة تمهيداً لطرحها للاكتتاب العام. وعندما يصل التلاعب إلى درجة حادة، تستخدم مثل هذه الشركات الخاصة لإخفاء أوجه القصور والتعثر عن الشركة الأم، وتكون مرتعا لجميع أصناف الممارسات الخاطئة. من طرق اكتشاف التلاعب ينظر إلى حركة التدفقات النقدية ومقارنتها بالأرباح التشغيلية، لأنه في نهاية الأمر لا بد أن يكون هناك تدفق نقدي من أعمال الشركة مساو لما ينشر من أرباح، ومن المفترض أن لا يستمر التباين لفترة طويلة.
الفكرة هنا أن ما تتحصل عليه الشركة من إيرادات لا بد أن يظهر عاجلاً أم آجلاً بشكل نقدي، بعد أن يتم خصم جميع المصروفات النقدية منه، غير أن ما يحصل أحياناً أن تنشر الشركة أرباحا تشغيلية متواصلة لعدة فصول بينما هناك تدفقات نقدية تشغيلية سلبية أو متراجعة. كذلك يجب الانتباه من الشركات التي تكثر فيها المخصصات والاستقطاعات والتكاليف غير التشغيلية، لأنها عادة تستخدم كوسيلة للتخلص الهادئ من تجاوزات تمت في وقت سابق. عقوبه عدم رفع القوايم الماليه للشركات. علاوة على ذلك، تقوم بعض الشركات غير النزيهة بالمبالغة في قيمة بعض أصولها بما في ذلك قيمة المخزون، وذلك بهدف تحسين قائمة المركز المالي وخفض المصروفات المؤثرة على الربحية. على سبيل المثال، رفع قيمة المخزون يرفع من حجم أصول الشركة، وفي الوقت نفسه يخفض من تكلفة البضاعة المبيعة، فترتفع الأرباح. ختاماً، قضية التلاعب بالقوائم المالية حقيقة واقعة، تضيع معالمها بين الممارسات المعقولة والضرورية أحيانا، وبين ما هو مضلل وكاذب، وليس في اليد من حلول غير مطالبة هيئة السوق المالية بوضع ضوابط صارمة، مشابهة لما يعمل به دوليا، والتأكيد على أهمية المراجعة الداخلية والاستقلالية الكاملة للمراجع الخارجي، إلى جانب التطبيق الدقيق لإجراءات حوكمة الشركات وتغليظ العقوبات بحق المخالفين.
التلاعب بالقوائم المالية للشركات المساهمة آفة تعصف ببعض الشركات المدرجة في الأسواق المالية من حين الى آخر. آفة تعصف بأموال المستثمرين والمدخرين على مختلف تصنيفاتهم، آفة تعصف بسمعة السوق المالية، وبسمعة الجهات الرقابية، وربما أدت الى هزات مالية تنعكس على الشركات المدرجة كلها. ومع كل فضيحة مالية تبرز على السطح، يتساءل الجميع، من يتحمل المسؤولية؟. توشيبا المالية اعلنت قبل ايام قوائمها التي تأخرت بأكثر من اربعة أشهر نتيجة تلاعبات محاسبية تصب مجملها في تحقيق ايرادات غير مستحقة وتأجيل مصاريف ومدفوعات مستحقة، وجاءت الخسائر بعد التنظيف والتعديل بأكثر من ملياري دولار أمريكي. التلاعب بالقوائم المالية للشركات. تلاعب توشيبا بالقوائم المالية أثر على أكثر من اربعمائة الف مساهم في الشركة في اليابان والعالم. وما زال السؤال المطروح، من يتحمل المسؤولية تجاه ممارسة التلاعب المالي؟ الحقيقة ان ممارسة بهذا السوء انعكاس لسلوك جماعي سيئ، سلوك يحفزه وينميه الأمان من العقوبة. مجلس الإدارة يتحمل جزءا من المسؤولية لعدم فرضة نظام محكم للحوكمة يضمن سلامة التقارير المالية وسلامة القيد المحاسبي وسلامة أقسام الرقابة على الأنظمة المالية التي يكون مخرجها النهائي القوائم المالية النهائية المتاحة للمستثمرين.