ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى
مراد باخريصة
الخطبة الأولى:
كان الحديث في خطبة مضت عن عبادة الصالحين والإشراك بهم مع الله وبيان أن الشرك قديماً وحديثاً سببه الغلو في الصالحين وجعلهم أرباباً مع الله يدعونهم مثل ما يدعون الله ويلجؤون إليهم كما يلجئون لله ظناً منهم أن هذا ليس بشرك ونسوا أن حجة المشركين الأوائل هي أن من يدعونهم ويعبدونهم هم أشخاص صالحون وأولياء لله. ما نعبدهم إلا لِيُقَرِّبُونَا إلى الله زلفى .. للشيخ صالح ال الشيخ حفظه الله - YouTube. واليوم نريد أن نقف مع شبهة أخرى يحتجون بها ويعللون عبرها عبادتهم لهؤلاء الصالحين وهي شبهة (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى). لقد صور الشيطان للذين وقعوا في فخ الإشراك بالله وقال لهم: إنكم أناس مخطئون ومذنبون ومقصرون كثيراً في حق الله والحل أن تلتجئوا لأناس صالحين متقين من الأولياء لله فتجعلونهم وسائط بينكم وبين الله يتوسطون لكم عند الله ويقربونكم منه لأن الله يحبهم ولهم عنده مكانة عظيمة ومنزلة عالية. فدخلت هذه الشبهة في قلوبهم واستحسنتها عقولهم واقتنعوا بها وقالوا: إننا ممتلئون بالذنوب وملطخون بالخطايا وعندنا من التقصير الشيء الكثير، ولن يقربنا من الله إلا أوليائه المتقون وعباده الصالحون فأخذوا يستغيثون بهم مع الله ويدعونهم من دون الله ليقربوهم من الله وليكونوا شفعاء لهم عند الله.
ما نعبدهم إلا لِيُقَرِّبُونَا إلى الله زلفى .. للشيخ صالح ال الشيخ حفظه الله - Youtube
الفائدة الخامسة: قال القصّاب رحمه الله: هذه الآية دليل على أن المؤمن هداه الله إلى إيمانه. وهو حجة على المعتزلة في أشياء: فمنها:
1ـ مايزعمون: أن الله ـ جل جلاله ـ ليس له في فعل العبد صنع بمعونة ولا غيرها ، وقد أخبر ـ نصا ها هنا ـ أن الكافر محتاج إلى هداية الله إياه ـ والمؤمن به اهتدى. 2 ـ ما يلزمهم في ادعاء العدل ـ الذي لا يعقلونه ـ من مطالبة الكافر بالإيمان ، وعقوبته على الكفر ، وليس يقدر على ما أمر به إلا بهداية آمره ، كما ترى. 3ـ يزعمون: أن إخراج أهل الكبائر من النار لا يجوز على الله ، من جهة أنه خُلْف ( الخُلْف بضم الخاء وسكون اللام من الخلف في الوعد) ، وقد قال ـ نصا ها هنا ـ: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}الزمر3 وقد هدى من الكفار من لا يحصى. أفليس بينا ـ لمن تدبره ـ أن الموعد بالعقوبة ، إذا تركت له فهو من تاركه كرم ، لا خلف وأن من قال: لا يهديه من الكفار ، والكذابين ، إما أن يكون خصوصا في قوم بأعيانهم ، حتم أن لا يهديهم ؛ لما سبق في قضائه من شقوتهم ، أو يكون بمعنى لا يهديهم طريق الجنة ، إذا ماتوا على كفرهم وكذبهم ؛ كما قال: { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً}النساء48 ، فهو لمن مات على شركه.
( قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الأعراف: 188]، وقال: ( قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا) [الجن: 21]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..
الخطبة الثانية:
هذا هو الواقع اليوم وللأسف تجد بعض المسلمين لم يفهم لا إله إلا الله حق الفهم، ولم يعرف حقيقة التوحيد حق المعرفة تجده يقول: لا إله إلا الله ثم يعبد الصالحين والأولياء مع الله ويتخذهم شفعاء له عند الله. تجده يقول لا إله إلا الله وهو يتحاكم إلى غير شرع الله، ويتمنى أن تأتيه حكومة يعلم علم اليقين أنها لن تحكمه بشرع الله فأين لا إله إلا الله؟! تجده يقول لا إله إلا الله، وهو ينتمي إلى مناهج اشتراكية أو علمانية تناقض لا إله إلا الله، ثم يظن أن هذا لا علاقة له بالمساس بدينه وعقيدته. بل سمعنا من المسلمين اليوم من يفضل الاهتمام بجانب الطرقات وإصلاح المجاري – أكرمكم الله – ويعتبر هذا أولى وأهم من محاربة الشرك والقضاء عليه وهدم القباب والأضرحة التي تُعبَد مع الله.