من المعلوم أن أداء الفرائض هو أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه، وحسب مؤدي الفرائض على تمامها، فضلاً عن أنه موعود بالفلاح، فوزًا بالجنة ونجاةً من النار. فمؤدي الفرائض كاملة محبٌ لله، ومؤديها وبعدها النوافل محبوب من الله، فللمتقرِّب إلى الله بالنوافل إذًا خصوصية وميزة تجعله أعلى مرتبةً من مؤدي الفرائض فقط؛ ذلك لأن الفرائض مطلوبة من العبد أصلاً، وهو مكلف بها وآثم بتركها والتفريط فيها. فهناك صنفان من الفائزين الناجين: الصنف الأول: المحب لله، فهو دائمًا مؤدٍ لفرائض الله، وقَّافٌ عند حدوده. والصنف الثاني: المحبوب من الله، وهو المتقرب بعد الفرائض بالنوافل. وهذا ما قصده ابن القيم بقوله: "التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، فإنها موصلة إلى درجة المحبوبية بعد المحبة". فالمحبون المتقربون بالفرائض، والمحبوبون المتقربون بالنوافل بعد الفرائض، هم أولياء الله وأصفياؤه وخيرته من الخلق. الاسباب الجالبة لمحبة ه. وفي هؤلاء وأولئك، تنزلت الآيات ووردت الأحاديث. ونخلص إلى أن أولياء الله المقربين، من تقربوا إلى الله بأداء الفرائض، ومن تقربوا إلى الله تعالى بعد أداء الفرائض بالنوافل، وهؤلاء أهل درجات السابقين المقربين. ثم يوجز الكاتب النوافل في الصلاة والصيام وصدقة التطوع والتطوع في الحج والعمرة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمد لله الذي نصرَ عبادَه بصالح الدعوات، أحمدُه -سبحانه- وأشكرُه رازق المكرمات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ربُّ البريَّات، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه المُؤيَّدُ بالمُعجِزات، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين. المحبة.. أقسامها.. والأسباب الجالبة والموجبة لمحبة الله - إسلام ويب - مركز الفتوى. فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70، 71]. وها هنا -إخوة الإسلام- أربعةُ أنواعٍ من المحبَّة يجبُ التفريقُ بينها: أحدها: محبَّةُ الله، ولا تكفِي وحدَها في النجاة من عذابِ الله والفوزِ بثوابِِه؛ فإن المُشرِكين وعُبَّاد الصليب واليهود وغيرهم يُحبُّون الله. الثاني: محبَّةُ ما يُحبُّ الله، وهذه هي التي تُدخِلُ في الإسلام وتُخرِجُ من الكفر، وأحبُّ الناس إلى الله أقومُهم بهذه المحبَّة وأشدُّهم فيها.
ولهذا السبب قام الدكتور عبد العزيز كامل بدراسة وشرح الأسباب العشرة التي عدّها الإمام شمس الدين ابن قيم الجوزية في كتابه "مدراج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين"، وذكر أنها تستوجب محبة الله للعبد، وهاك بيانها: السبب الأول: "قراءة القرآن بالتدبّر والتفهم لمعانيه وما أُريد به، كتدبّر الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه". من الأسباب الجالبة لمحبة الله عز وجل، قراءة القرآن بخشوع وتدبر وتفهم، ولا عجب أن يكون القرب من كتاب الله من أعظم القرَب الموجبة لمحبة الله، فإذا كان الله تعالى قد شاء بحكمته أن يكون إيماننا به من الإيمان بالغيب، فإنه سبحانه قد شاء أيضًا أن يكون خطابه لنا وحديثه إلينا من أمر الشهادة، فنرى كلامه مسطورًا ونسمعه مقروءًا ويتكرر وقعه بلفظه ومعناه على القلوب والأفئدة، فالقرآن هو الدال على الله وعلى محابّ الله، فمن القرآن نعرف صفات الله، وأسماءه، وما يليق به، وما يتنزه عنه، وما أمر به، وما نهى عنه، من الشرائع المفصلة الموصلة إلى محبته ورضاه. والتدبر وسيلة المعرفة ودلالة المحبة، وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته. الأسباب العشره الجالبه لمحبة الله. السبب الثاني: "التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض".
"شرح الأسباب العشرة الموجبة لمحبة الله كما عدّها الإمام ابن القيم رحمه الله"، هو الكتاب الذي ألفه عبد العزيز مصطفى كامل في شرح لأسباب ذكرها الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه: (مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين)، التي تعد سببا في تحصيل محبة الله تعالى. يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «الأسباب الجالبة للمحبة، والموجبة لها وهي عشرة: أحدها: قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد به، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه، ليتفهم مراد صاحبه منه. الثاني: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، فإنها توصله إلى درجة المحبوبية بعد المحبة. الثالث: دوام ذكره على كل حال باللسان والقلب، والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من هذا الذكر. شرح الأسباب العشرة الموجبة لمحبة الله تعالى كما عدّها الإمام ابن القيم رحمه الله |. الرابع: إيثار محابّه على محابّك عند غلبات الهوى، والتسنُّم إلى محابّه وإن صعب المرتقى. الخامس: مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتها ومعرفتها وتقلُّبه في رياض هذه المعرفة. فمن عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبه لا محالة. السادس: مشاهدة بره وإحسانه وآلائه، ونعمه الباطنة والظاهرة، فإنها داعية إلى محبته. السابع: وهو من أعجبها، انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى، وليس في التعبير عن هذا المعنى غير الأسماء والعبارات.
وهنا يجدُرُ بنا أن نعرِفَ الأسبابَ الجالِبَةَ لمحبَّةِ الله، ومنها: معرفةُ نعم الله على عباده التي لا تُعدُّ ولا تُحصَى، ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) [النحل: 18]، ( وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) [القصص: 77]. ومن الأسباب: معرفةُ الله تعالى بأسمائِه وصفاتِه وأفعالِه؛ فمن عرفَ اللهَ أحبَّه، ومن أحبَّ اللهَ أطاعَه، ومن أطاعَ الله أكرمَه، ومن أكرمَه الله أسكنَه في جِوارِه، ومن أسكنَه الله في جِوارِه فطُوبَى له. ومن أعظم الأسباب: التفكُّرُ في ملكوت السماوات والأرض وما خلقَ الله من شيءٍ من الآيات الدالَّة على عظمته وقُدرته وجلالِه وكمالِه وكِبريائِه ورأفتِه ورحمتِه ولُطفِه، إلى غير ذلك من أسماء الله الحُسنى وصفاتِه، فكلما قوِيَت معرفةُ العبد بالله قوِيَت محبَّتُه له ومحبَّتُه لطاعته. ومن الأسباب الجالِبة لمحبَّة الله -عز وجل-: مُعاملةُ الله بالصدقِ والإخلاص، ومُخالفةُ الهوى؛ فإن ذلك سببٌ لفضل الله على عبدِه وأن يمنحَه محبَّتَه. ومن أعظم ما تُستجلَبُ به المحبَّة: كثرةُ ذكرِ الله؛ فمن أحبَّ شيئًا أكثرَ من ذِكرِه، قال الله تعالى: ( أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].
اللهم إنه قد نزلَ بإخواننا في الشام ما أنت عليمٌ به وقادرٌ على كشفِه، اللهم ارفع عنهم البلاءَ والضرَّ الذي نزلَ بهم، اللهم وحِّد صفَّهم، واجمَع كلمتَهم، اللهم كُن لهم مُؤيِّدًا ونصيرًا وظهيرًا يا رب العالمين، اللهم وحِّد صفوفَهم، وسدِّد رميَهم، الله انصُرهم على عدوِّك وعدوِّهم يا رب العالمين. اللهم عليك بعدوِّهم، اللهم عليك بطاغية الشام وأعوانِه يا رب العالمين، اللهم فرِّق جمعَهم، وشتِّت شملَهم، واجعَل الدائِرَة عليهم يا قوي يا عزيز. اللهم مُنزِل الكتاب، مُجرِي السحاب، هازِم الأحزاب، اهزِم عدوَّهم وانصُرهم يا رب العالمين، اللهم اهزِم عدوَّهم في الشام وانصُر إخوانَنا في الشام على عدوِّهم يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير. اللهم إن إخواننا بالشام عُراةٌ فاكسُهم، وجِياعٌ فأطعِمهم، وحُفاةٌ فاحمِلهم، ومظلومون فانتصِر لهم، اللهم إنهم مظلومون فانتصِر لهم، اللهم إنهم مظلومون فانتصِر لهم، اللهم إنهم مظلومون فانتصِر لهم يا قوي يا عزيز يا جبار، إنك على كل شيء قدير. اللهم استجِب دعاءَنا، اللهم استجِب دعاءَنا، اللهم استجِب دعاءَنا.
ومنها: مُطالَعةُ القلب لأسمائه وصفاته، ومُشاهدتُها، ومعرفتُها، وتقلُّبُه في رياضِ هذه المعرفة ومبادِيها؛ فمن عرَفَ الله بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبَّه لا محالةً. ومنها: مُشاهدةُ بِرِّه وإحسانِه وآلائِه ونعمِه الباطِنَة والظاهِرَة؛ فإنها داعيةٌ إلى محبَّته، فلقَدرِ مُشاهَدة ذلك تكون قوَّةُ المحبَّة، فإن القلوبَ مجبولةٌ على حبِّ من أحسنَ إليها، وبُغضِ من أساءَ إليها، وليس للعبدِ قطُّ إحسانٌ إلا من الله، ولا إساءةٌ إلا من الشيطان. ومنها: انكِسارُ القلب بكُلِّيَّته بين يدَي الله -تعالى-، وليس في التعبيرِ عن هذا المعنى غيرُ الأسماءِ والعِبارات. ومنها: الخلوةُ به - سبحانه - وقتَ النُّزولِ الإلهيِّ في ثُلُث الليل الآخر، لمُنَاجَاته وتِلاوَةِ كلامِه، والوقوف بالقلبِ، والتأدُّبِ بأدبِ العبوديَّة بين يديه، ثم يختِمُ ذلك بالاستِغفارِ والتوبة. ومنها: مُجالسةُ المُحبِّين الصادقين، والتِقاطُ أطايِب ثمرات كلامهم، كما يُنتَقَى أطايِب الثمر، وعدم التكلُّم إلا إذا ترجَّحَت مصلحةُ الكلام، وعلمتَ أن فيه مزيدًا لحالك، ومنفعةً لغيرك. ومنها: مُباعدةُ كل سببٍ يحُولُ بين القلبِ وبين الله - عز وجل -. تلك المُباعَدةُ - يا عباد الله - هي التي تجعلُ من المُحبِّ لربِّه - كما قال بعضُ السلف -: " تجعلُ منها عبدًا ذاهبًا عن نفسِه، مُتَّصِلاً بذِكر ربِّه، قائمًا بأداء حقوقِه، ناظرًا إليه بقلبِه، قد أضاءَت قلبَه أنوارُ هيبَته، وصفا شِربُه من كأس وُدّشه، وتجلَّى له الجبَّارُ من أستار غيبِه.