[ ص: 134] ( ياأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون ( 9) وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ( 10)) قوله - عز وجل -: ( ياأيها الذين آمنوا لا تلهكم) ، لا تشغلكم ( أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله) ، قال المفسرون يعني الصلوات الخمس ، نظيره قوله: " لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله " ( النور - 37 ( ومن يفعل ذلك) ، أي من شغله ماله وولده عن ذكر الله ( فأولئك هم الخاسرون). ( وأنفقوا من ما رزقناكم) ، قال ابن عباس: يريد زكاة الأموال ، ( من قبل أن يأتي أحدكم الموت) ، فيسأل الرجعة ، ( فيقول رب لولا أخرتني) ، هلا أخرتني أمهلتني. وقيل: " لا " صلة فيكون الكلام بمعنى التمني ، أي: لو أخرتني ، ( إلى أجل قريب فأصدق) ، فأتصدق وأزكي مالي ، ( وأكن من الصالحين) ، أي من المؤمنين. نظيره قوله تعالى: " ومن صلح من آبائهم " ( الرعد - 23) ( غافر - 8) ، هذا قول مقاتل وجماعة. وقالوا: نزلت الآية في المنافقين. يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. وقيل: [ نزلت] الآية في المؤمنين. والمراد بالصلاح هنا: الحج. وروى الضحاك ، وعطية عن ابن عباس قال: ما من أحد يموت وكان له مال لم يؤد زكاته وأطاق الحج فلم يحج إلا سأل الرجعة عند الموت.
2- حرمة تأخير الحج مع القدرة على أدائه تسويفًا وتماطلاً مع الإيمان بفرضيته. 3- وجوب الزكاة والترغيب في الصدقات الخاصة؛ كصدقة الجهاد، والعامة على الفقراء والمساكين. 4- تقرير عقيدة البعث والجزاء [2]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الولد ثمَرة القلب، وإنه مجبَنة، مبخَلة، محزَنة)) [3] ؛ أي: قد يكون الولد (الذكر أو الأنثى) سببًا في جبْن الوالد في تقاعُسِه عن الجهاد مثلاً، أو سببًا في بخله في الإنفاق، أو سببًا في حزنه. تفسير: (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله). [1] مختصر تفسير ابن كثير - رحمه الله تعالى؛ الصابوني (3 / 506). [2] أيسر التفاسير؛ الجزائري (2 / 1636). [3] رواه أبو يعلى - رحمه الله تعالى - في مسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ص. ج رقم: 7160. مرحباً بالضيف
وموضع الشاهد فيه هنا قوله "فألهيتها" وأصله من اللهو، وهو ما لهوت به ولعبت به وشغلك. من هوى وطرب ونحوهما، يقال: لهوت بالشيء ألهو به لهوا، وتلهيت به إذا لعبت وتشاغلت، وغفلت به عن غيره. وتقول: ألهاني فلان عن كذا: أي شغلني وأنساني، وكأن الهمزة فيه للسلب.
قال: فأنت يا رسول الله العزيز وهو الذليل، ثم قال: ارفق به يا رسول الله فوالله لقد جاء الله بك وإنا لننظم له الخرز لنتوجه، فإنه ليرى أن قد سلبته ملكًا، فسار رسول الله ﷺ بالناس حتى أمسوا وليلته حتى أصبحوا وصدر يومه حتى اشتد الضحى، ثم نزل بالناس ليشغلهم عما كان من الحديث، فلم يأمن الناس أن وجدوا مس الأرض فناموا، ونزلت سورة المنافقين. وروى الحافظ أبو بكر البيهقي عن عمرو بن دينار سمعت جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- يقول: كنا مع رسول الله ﷺ في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فقال رسول الله ﷺ: ما بال دعوى الجاهلية؟! إسلام ويب - تفسير البغوي - سورة المنافقون - تفسير قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله "- الجزء رقم8. ، دعوها فإنها منتنة ، وقال عبد الله بن أبي بن سلول: وقد فعلوها، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، قال جابر -رضي الله تعالى عنه: وكان الأنصار بالمدينة أكثر من المهاجرين حين قدم رسول الله ﷺ، ثم كثر المهاجرون بعد ذلك فقال عمر -رضي الله تعالى عنه: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي ﷺ: دعه لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه [1] ورواه الإمام أحمد، ورواه البخاري ومسلم. وذكر عكرمة وابن زيد وغيرهما أن الناس لما قفلوا راجعين إلى المدينة وقف عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول هذا على المدينة، واستل سيفه فجعل الناس يمرون عليه، فلما جاء أبوه عبد الله بن أبي قال له ابنه: وراءك، فقال: ما لك ويلك؟ فقال: والله لا تجوز من هاهنا حتى يأذن لك رسول الله ﷺ، فإنه العزيز وأنت الذليل، فلما جاء رسول الله ﷺ وكان إنما يسير ساقة فشكا إليه عبد الله بن أبي ابنه، فقال ابنه عبد الله: والله يا رسول الله لا يدخلها حتى تأذن له، فأذن له رسول الله ﷺ، فقال: أما إذا أذن لك رسول الله ﷺ فجُزْ الآن.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله (لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ) يقول: لا توجب لكم أموالكم (وَلا أَوْلادُكُمْ) اللهو (عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) وهو من ألهيته عن كذا وكذا، فلها هو يلهو لهوًا؛ ومنه قول امرئ القيس: وَمِثْلـكِ حُـبْلَى قـد طَـرَقَتُ وَمُرْضِعٍ فألْهَيْتُهَــا عَــنْ ذِي تَمَـائمَ مُحْـوِلِ (2) وقيل: عُنِي بذكر الله جلّ ثناؤه في هذا الموضع: الصلوات الخمس. يا ايها الذين امنوا لا تلهكم اموالكم ولا. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أَبي سنان، عن ثابت، عن الضحاك ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) قال: الصلوات الخمس. وقوله: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) يقول: ومن يلهه ماله وأولاده عن ذكر الله (فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) يقول: هم المغبونون حظوظهم من كرامة الله ورحمته تبارك وتعالى. ------------------------ الهوامش: (2) البيت لامرئ القيس. وقد سبق استشهاد المؤلف به في الجزء (17: 114) وشرحنا هناك شرحا مفصلا، فراجعه.