وهو * وهــن يمشــين بنـا هميسـا * قال: وهو صوت نقل أخفاف الإبل. أ هـ. وقال في أول المادة: الهمس: الخفي من الصوت والوطء والأكل. وفي التنزيل: " فلا تسمع إلا همسا ". وفي التهذيب: يعني به والله أعلم: خفق الأقدام على الأرض. وقال الفراء: يقال إنه نقل الأقدام إلى المحشر. ويقال: الصوت الخفي. وروي عن ابن عباس تمثل فأنشده * وهــن يمشــين بنـا هميسـا *
[ ص: 100] قوله تعالى: يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا. قوله يومئذ أي: يوم إذ نسفت الجبال يتبعون الداعي. والداعي: هو الملك الذي يدعوهم إلى الحضور للحساب. قال بعض أهل العلم: يناديهم أيتها العظام النخرة ، والأوصال المتفرقة ، واللحوم المتمزقة ، قومي إلى ربك للحساب ، والجزاء ، فيسمعون الصوت ويتبعونه. ومعنى لا عوج له: أي: لا يحيدون عنه ، ولا يميلون يمينا ، ولا شمالا. إسلام ويب - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - سورة طه - قوله تعالى يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا- الجزء رقم3. وقيل: لا عوج لدعاء الملك عن أحد ، أي: لا يعدل بدعائه عن أحد ، بل يدعوهم جميعا. وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من اتباعهم للداعي للحساب ، وعدم عدولهم عنه بينه في غير هذا الموضع ، وزاد أنهم يسرعون إليه كقوله تعالى فتول عنهم يوم يدعو الداعي إلى شيء نكر خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر مهطعين إلى الداعي يقول الكافرون هذا يوم عسر [ 54 \ 6 - 8] ، والإهطاع: الإسراع: وقوله تعالى: واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج [ 50 \ 41 - 42] ، وقوله تعالى: يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده الآية [ 17 \ 52] إلى غير ذلك من الآيات. وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: وخشعت الأصوات للرحمن أي: خفضت وخفتت ، وسكنت هيبة لله ، وإجلالا وخوفا فلا تسمع في ذلك اليوم صوتا عاليا ، بل لا تسمع إلا همسا أي: صوتا خفيا خافتا من شدة الخوف.
وَقَوْله { وَخَشَعَتْ الْأَصْوَات للرَّحْمَن} يَقُول تَعَالَى ذكْره: وَسَكَنَتْ أَصْوَات الْخَلَائق للرَّحْمَن فَوَصَفَ الْأَصْوَات بالْخُشُوع. ' وَقَوْله: { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا} يَقُول: إنَّهُ وَطْء الْأَقْدَام إلَى الْمَحْشَر. وَأَصْله: الصَّوْت الْخَفيّ, يُقَال هَمَسَ فُلَان إلَى فُلَان بحَديثه إذَا أَسَرَّهُ إلَيْه وَأَخْفَاهُ; وَمنْهُ قَوْل الرَّاجز: وَهُنَّ يَمْشينَ بنَا هَميسًا إنْ يَصْدُق الطَّيْر نَنكْ لَميسَا يَعْني بالْهَمْس: صَوْت أَخفَاف الْإبل في سَيْرهَا. وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل. ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ: 18364 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب, قَالَ: ثنا عَليّ بْن عَابس, عَنْ عَطَاء, عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر, عَنْ ابْن عَبَّاس { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا} قَالَ: وَطْء الْأَقْدَام. وخشعت الاصوات للرحمن فلاتسمع الا همسا. * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد, قَالَ: ثني أَبي, قَالَ: ثني عَمّي, قَالَ: ثني أَبي, عَنْ أَبيه, عَنْ ابْن عَبَّاس, قَوْله { وَخَشَعَتْ الْأَصْوَات للرَّحْمَن فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا} يَعْني: هَمْس الْأَقْدَام, وَهُوَ الْوَطْء. * - حَدَّثَني عَليّ, قَالَ: ثنا عَبْد اللَّه, قَالَ: ثني مُعَاويَة, عَنْ عَليّ, عَنْ ابْن عَبَّاس { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا} يَقُول: الصَّوْت الْخَفيّ.
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى: { يَوْمئذٍ يَتَّبعُونَ الدَّاعي}. يَقُول تَعَالَى ذكْره: يَوْمئذٍ يَتَّبع النَّاس صَوْت دَاعي اللَّه الَّذي يَدْعُوهُمْ إلَى مَوْقف الْقيَامَة, فَيَحْشرهُمْ إلَيْه { لَا عوَج لَهُ} يَقُول: لَا عوَج لَهُمْ عَنْهُ وَلَا انْحرَاف, وَلَكنَّهُمْ سرَاعًا إلَيْه يَنْحَشرُونَ. وَقيلَ: لَا عوَج لَهُ, وَالْمَعْنَى: لَا عوَج لَهُمْ عَنْهُ, لأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام مَا ذَكَرْنَا منْ أَنَّهُ لَا يَعْوَجُّونَ لَهُ وَلَا عَنْهُ. وَلَكنَّهُمْ يَؤُمُّونَهُ وَيَأْتُونَهُ, كَمَا يُقَال في الْكَلَام: دَعَاني فُلَان دَعْوَة لَا عوَج لي عَنْهَا: أَيْ لَا أَعْوَجّ عَنْهَا. ' وَقَوْله { وَخَشَعَتْ الْأَصْوَات للرَّحْمَن} يَقُول تَعَالَى ذكْره: وَسَكَنَتْ أَصْوَات الْخَلَائق للرَّحْمَن فَوَصَفَ الْأَصْوَات بالْخُشُوع. وخشعت الاصوات للرحمن. وَالْمَعْنَى لأَهْلهَا إنَّهُمْ خَضَعَ جَميعهمْ لرَبّهمْ, فَلَا تَسْمَع لنَاطقٍ منْهُمْ مَنْطقًا إلَّا مَنْ أَذنَ لَهُ الرَّحْمَن, كَمَا: 18363 - حَدَّثَني عَليّ, قَالَ: ثنا أَبُو صَالح, قَالَ: ثني مُعَاويَة, عَنْ عَليّ, عَنْ ابْن عَبَّاس, قَوْله: { وَخَشَعَتْ الْأَصْوَات للرَّحْمَن} يَقُول: سَكَنَتْ.
تفسير آخر: يوم القيامة ينتشر الناس فيدعوهم الداعي: هلموا الى أرض المحشر فلا يميلون عن صوته يمنة ولا يسرة وهو معنى لا عوج له. وقوله تعالى: { وخشعت الأصوات للرحمن} أي ذلت وسكنت { فلا تسمع إلا همسا} وهو صوت خفي كأصوات خفاف الإبل إذا مشت وقوله تعالى: { يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا} أي يخبر تعالى انهم يوم جمعهم للمحشر لفصل القضاء لا تنفع شفاعة أحد أحدا إلا من أذن له الرحمن في الشفاعة ، ورضى له قولا أي وكان المشفوع فيه من أهل التوحيد يؤمن أن لا إله إلا الله. اللهم اجعلنا ممن تنفع الشفاعة لهم برحمتك و بحق القرآن