(1) كلما مرت الأيام - والمقصود تم - لا بد وأن ألاطف من تكرّم عليّ بالمتابعة - متابعيني كلمة ثقيلة دم - أقول لا بد من أن ألاطف الأحبة في تويتر باستفهام تقريري مثل: الرزق بيد من؟! ، فتنهال الإجابات، ويبدو على أغلبها اللهفة إلى فرج! أحيانا أتورط بسطحي يرد بعنف: بالله عليك عاد هذا سؤال يا الضبعان؟! (2) ولأن الاستفهام عامة يكون في طلب معرفة مالا تعرفه، فإن الاستفهام العميق يتمثل في طلب معرفة ما تعرفه.. سؤال يزيد «الخفقان»، ويعقد اللسان، ويربك العقل، وربما يأتي بدمعة ساخنة..! من ناحية أخرى: ما جمال الطفولة لولا الأسئلة، سيما المحرجة منها! (3) العالِم يشك.. إذ أن أول الشك: سؤال، وأول الدنيا سؤال، وأول الآخرة سؤال. (4) هذا وقد اختزلت اللغة طلب المعونة بـ: سؤال! والسؤال مقدمة كل أمر: العلم، المعرفة، التعارف، الشراء، العلاقات، والحب. ماهية الأيام التي خلق الله فيها السموات والأرض - إسلام ويب - مركز الفتوى. العلاقات دون أسئلة تجف! والحب كله أسئلة، أسئلة بلا إجابات، أو أسئلة كالإجابات، وعلامة استفهام تكاد تذوب! ولعلك تلحظ أنه لا سؤال في لحظات المصائب، ودركات المعائب.. بينما الفرح كله أسئلة! (5) ويسألونك عن الأفئدة المنكسرة، والأجساد المنهكة، والأرواح المصابة بالخيبات، فقل ألفيتها تهرب من الأسئلة، وتخافها، وتتحاشاها، وتشعر أنها كالجبال!
وبهذا يكون قد اتضح لنا أنه لا تعارض فيما جاء في سورة فصلت وما جاء في غيرها من القرآن الكريم من الحديث عن خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ولا غيرها وأن هذه الأيام ليست كأيامنا العادية، لأن أيامنا ناشئة من دورة هذه الأرض حول نفسها أمام الشمس، وهذا كان قبل خلق السموات والأرض كما وضح ذلك المفسرون قديماً وحديثاً، وأنه لا علاقة لخلق السموات والأرض بالأيام الثمانية التي ورد ذكرها في سورة الحاقة. والله أعلم.
وهذه مجرد تقديرات علمية مستندة إلى دراسة الصخور وتقدير عمر الأرض بواسطتها، ونحن في دراسة القرآن الكريم لا نلجأ إلى تلك التقديرات على أنها حقائق نهائية، فهي في أصلها ليست كذلك، وما هي إلا نظريات قابلة للتعديل، فنحن لا نحمل القرآن عليها، إنما نجد أنها قد تكون صحيحة إذا رأينا بينها وبين النص القرآني تقارباً، ووجدنا أنها تصلح تفسيراً للنص القرآني بغير تمحل، فنأخذ من هذا أن هذه النظرية أو تلك أقرب إلى الصحة لأنها أقرب إلى مدلول النص القرآني. مرت الايام والمقصود تمرين نموذجي. ويقول ابن عطية في تفسيره المحرر الوجيز: "في ستة أيام" حكى الطبري عن مجاهد أن اليوم كألف سنة، وهذا كله والساعة اليسيرة سواء في قدرة الله تعالى، وأما وجه الحكمة في ذلك فمما انفرد الله عز وجل بعلمه كسائر أحوال الشرائع... وأما ثمانية أيام فلم ترد في كتاب الله عز وجل -إلا مرة واحدة- في سورة الحاقة ولا علاقة لها بهذا الموضوع، وإنما جاءت في سياق هلاك عاد "قوم هود" الذين أهلكهم الله بالريح العاتية لما رفضوا الدعوة وكذبوا نبيه هوداً عليه السلام. قال تعالى: وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ* سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ [الحاقة:6-7].
وكل ما يقال عنها لا يستند إلى أصل مستيقن... ويقول في تفسير سورة يونس: وعلى كل حال فالأيام الستة غيب من غيب الله الذي لا مصدر لإدراكه إلا هذا المصدر، فعلينا أن نقف عنده ولا نتعداه، والمقصود بذكرها هو الإشارة إلى حكمة التقدير والتدبير والنظام الذي يسير به الكون من بدئه إلى منتهاه. ويقول في سورة هود: الله خلق السموات والأرض في هذا الأمد لتكون صالحة مجهزة لحياة هذا الجنس البشري.... كلمات اغنية مرت الأيام عبدالرب ادريس - موسوعة عين. ثم يقول في سورة الفرقان: وأيام الله التي خلق فيها السموات والأرض غير أيامنا الأرضية قطعاً، فإنما أيامنا هذه ظل للنظام الشمسي، ومقياس لدورة فلكية وجدت بعد خلق السموات والأرض، وهي مقيسة بقدر دورة الأرض حول نفسها أمام الشمس.