وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ". عن ابن عمر رضى الله عنها: قال "قلما كان رسول الله صلى الله علية وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لاصحابه" اللهم اقسم لنا من خشيتك ماتبلغنا به جنتك ومن اليقين ماتهون به علينا مصائب الدنيا اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا مااحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثارنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادنا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لايرحمنا". اخرجة الترميذي وقال حديث حسن ،وغيره. اللهم متعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقواتنا، ما أبقيتنا، أو أحييتنا واجعله الوارث منا} ما معنى قوله: واجعله الوارث منا؟ نحن نرددها في كل قنوت، قد لا يكون أحد تفطن إلى معناها. معنى قولك: واجعله الوارث منا، أي: يا رب إذا ضعفت قواي، وتناقصت من المرض، ومن الكبر والعجز أو غير ذلك؛ فاجعل سمعي وبصري وقوتي في جسمي، هي آخر ما يفقد مني، ومتعني بها إلى أن أموت، فأنـزلها منـزلة الوارث، وذلك لأن الوارث هو: من يبقى بعد موت مورثه. فكذلك جعل هذه القوة التي هي السمع والبصر، بمنـزلة الوارث. وقوى الإنسان كلها تضعف، ويبقى السمع والبصر محفوظاً كأنه يرث الإنسان أي: يبقى معه إلى آخر عمره، فقوله:{واجعله الوارث منا} أي: اجعلها بمنـزلة الوارث الذي يبقى بعد زوال غيره.
وقيل: الضمير للتمتع الذي دل عليه، ومتِّعنا، ومعناه: اجعل تمتعنا بها باقيًا عنَّا مورُوثًا لمن بعدنا، أو محفوظًا لنا إلى يوم الحاجة. وهو المفعول الأول، "والوارث" مفعول ثان، و"منَّا" صلة له. وقيل: الضمير لما سبق من الأسماع، والأبصار، والقوة، وإفراده، وتذكيره على تأويل المذكور، كما في قول رؤبة: فِيهِ خُطوطٌ مِنْ سَوادٍ وبَلَقْ *** كأَنها فِي الجِسْمِ تَوْليعُ البَهَق والمعني بوراثتها؛ لزومها له عند موته لزوم الوارث له]. وفي (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 5/ 1727): [(وَاجْعَلْهُ) أَيْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا؛ يَعْنِي اجْعَلْ مَا مُتِّعْنَا بِهِ، (الْوَارِثَ) أَيِ الْبَاقِيَ (مِنَّا) بِأَنْ يَبْقَى مَا مَتَّعْتَنَا بِهِ إِلَى الْمَوْتِ. قَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ الزَّمَخْشَرِيّ ُ: أَعَادَ الضَّمِيرَ إِلَى الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ أَيِ اجْعَلِ الْجَعْلَ أَوْ جَعَلًا الْوَارِثَ مِنْ عَشِيرَتِنَا، فَمِنَّا مَفْعُولٌ ثَانٍ لِجَعَلَ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الضَّمِيرُ لِلْمَصْدَرِ أَيِ اجْعَلِ الْجَعْلَ، وَالْوَارِثُ هُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ، وَمِنَّا فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي؛ أَيِ اجْعَلِ الْوَارِثَ مِنْ نَسْلِنَا لَا كَلَالَةً خَارِجَةً عَنَّا.
*قال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للسير عند إيراده لقوله - عليه الصلاة والسلام - متعني بسمعي وبصري، واجعلهما الوارث مني)عنى أبا بكر وعمر ، لأنه رآهما، فقال هما من الدين بمنزلة السمع والبصر). فورثا خلافة النبوة. ورواه الحاكم 3 / 69 وصححه من حديث عبد الله بن حنطب بلفظه " هذان السمع والبصر يعني أبا بكر وعمر " وأخرجه الخطيب 8 / 459، 460 من حديث جابر بن عبد الله بلفظ " أبو بكر وعمر من هذا الدين كمنزلة السمع والبصر من الرأس " وسنده حسن وله شاهد من حديث عمرو بن العاص وآخر من حديث حذيفة بن اليمان ذكرهما الهيثمي في " المجمع " 9 / 52، 53، ونسب الأول للطبراني في " الكبير " والثاني للطبراني في " الأوسط ". وورد مثله في سبل الهدى والرشاد: قال القوساني استشكل العلماء هذا الحديث فقالوا: كيف يكون سمعه وبصره يرثانه بعده دون سائر أعضائه ؟ فتأولوه على أنه أراد بذلك الدعاء لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، بدليل أنهما من الدين بمنزلة السمع والبصر من الرأس، فكأنه دعا بأنه تمتع بهما في حياته، وأن يرثا خلافة النبوة بعد وفاته.