وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أولا- يجب أن تعرف أنَّ هذه المسألة لا تنحصر بزياد بن أبيه فقط، وإنما هناك العديد ممّن ولّاهم أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم تكن عاقبتهم إلى خير، كمقصلة بن هبيرة والمنذر بن الجارود والقعقاع بن شور والنعمان بن العجلان ويزيد بن حجية، فقد أغراهم المال فاغتروا به، وهربوا بما كسبوا إلى معاوية. ثانيا - لا يخفى عليكم أنَّ الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) كانوا مأمورين بالتعامل مع الناس بحسب ظواهرهم وبحسب المصالح العامّة الخارجية، كما هو الحال في إرسال رسول الله (صلى الله عليه وآله) خالد بن الوليد على قيادة الجيش، أو إرسال الوليد الفاسق لجمع الصدقات، أو تأمير عمرو بن العاص. ثالثا- كان زياد بن أبيه بحسب ظاهر أيام امير المؤمنين (عليه السلام) رجلاً إدارياً مخلصاً في عمله ونصيحته، حتى أنّه عندما أولاه أمير المؤمنين (عليه السلام) بلادَ فارس أرسل إليه معاوية كتاباً يستميله إليه تارة، ويهدّده أخرى، فقام زياد في الناس خطيباً وقال: (العجب من ابن آكلة الأكباد ورأس النفاق، يتهددني وبيني وبينه ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وزوج سيدة نساء العالمين وأبو السبطين وصاحب الولاء والمنزلة والإخاء في مائة ألف من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان.
زياد بن أبيه | الخطبة البتراء كاملة ( فيديو) | حمدي جابر - YouTube
قوله ( عليه السلام) الواغل هو الذي يهجم على الشرب ليشرب معهم و ليس منهم فلا يزال مدفعا محاجزا و النوط المذبذب هو ما يناط برحل الراكب من قعب أو قدح أو ما أشبه ذلك فهو أبدا يتقلقل إذا حث ظهره و استعجل سيره.
أما والله لو تخطّى هؤلاء أجمعين إلي لوجدني أحمر مخشاً ضرابا بالسيف.. ).
وإذا علمنا أن ولاية البصرة كانت تشمل فيما تشمل إقليم فارس وأنه يتبعها إدارياً، نعرف سبب تولي زياد على فارس عندما حدثت فيه الفتنة، فإنَّ الإمام (عليه السلام) استشار ابن عباس، الوالي على البصرة والتي تتبعها فارس، في الرجل المناسب الذي تستقيم فارس له، ويخمد الفتنة، فأشار عليه بتعيين زياد، لما رآه منه من كفاءة إدارية وفصاحة رأي، فقام الإمام (عليه السلام) وحفظ لابن عباس وظيفته الإدارية واستقلاله الاعتباري بالقرار عندما ولّى زياد على فارس. رابعا- من الممكن أن يكون أحد الوجوه في تولية أمثال زياد هو إقامة الحجّة عليهم وعلى الناس، ورفع شبهة أنّ الإمام لا يأتي إلا بمن حوله من الناس ومن هم من جماعته. مدونة أحمد الجويلي التعليمية: تحليل وشرح نص خطبة زياد بن ابيه بالبصرة. وفي المقابل، فهو عليه السلام يعمل على مراقبتهم ومحاسبتهم باستمرار واقرارهم على عملهم ما داموا يقومون به على الوجه الصحيح والاعلان عن البراءة منهم ومن عملهم فور وقوع الخيانة منهم. خامسا- محاولة المقايسة بين أفعال زياد في زمن معاوية بأفعاله في زمن علي (عليه السلام) ومحاولة تخطئة علي (عليه السلام) بالنظر إلى المستقبل فهذا هو الجور والحيف والمعاقبة على جريمة لم ترتكب بعد. وهذا لا يعني أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان لا يعرف عاقبة زياد، بل أن ظاهر بعض الروايات الإشارة إلى ما يكون عليه مستقبلاً، ولكن ذلك لا يمنع من تحصيل المصلحة للمسلمين ان كانت موجودة ولا تلازم بينها وبين عاقبته المستقبلية.