ثم قال عياضٌ: (قد يُجمعُ بين هذا بأن يُقال: اختصَّ بَعثُ نوحٍ لأهلِ الأرضِ، كما قال في الحديثِ: ((كافَّةً)) [538] أخرجه البخاري (438) عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة، وأعطيت الشفاعة)). وأخرجه مسلم (523) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فضلت على الأنبياء بست أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بى النبيون)). كنبيِّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَكونُ إدريسُ لقَومِه كموسى وهودٍ وصالحٍ ولوطٍ وغيرِهم، وقد استَدَلَّ بَعضُهم على هذا بقَولِه تعالى: وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ وقد قيل: إنَّ إلياسَ هو إدريسُ، وقد قرئ: «سلامٌ على إدرَاسِينَ» وكذلك إن قيل: إنَّ إدريسَ هو إلياسُ، وإنَّه كان نبيًّا من بني إسرائيلَ، كما جاء في بعضِ الأخبارِ مع يُوشَعَ بنِ نُونٍ، وإذا كان هذا فقد سقط الاعتراضُ.
ثالثاً- أهمية القوة النفسية وتماسك الأعصاب: أحد أسرار عظمة سيدنا نوح عليه السلام هي صبره وقدرته على الحفاظ على أعصابه متماسكة أو ما قد نسميه القوة النفسية بلغتنا المعاصرة. فلاحظ طول المدة التي لم يتوقف خلالها عن دعوة قومه رغم مرور ما يزيد على تسعة قرون! ولاحظ ردة فعل قومه حين كانوا يستغشون ثيابهم ويصمون أسماعهم عن حديثه. بل وكانوا يسخرون منه كلما مروا عليه وهو يصنع الفلك. هذه الإصرار والعزم على الاستمرار درس عظيم لكل قائد في التحمل وعدم اليأس أمام الصعاب المختلفة. فمهمة القائد هي أن يظل صامداً ويبث الروح الإيجابية ويشحذ معنويات وعزائم فريقه لتحقيق الأهداف المنشودة. عمل نوح عليه السلام كامله فيديو. رابعا- ضرورة الرد على الحملات الإعلامية السلبية أحياناً: رغم أن التجاهل وعدم الالتفات إلى الرسائل السلبية والحملات المعادية هو الحل الأنجع فيكثير من الحالات قتل الشائعات وعدم نشرها بالتجاوب والتفاعل معها، إلا أن هنالك حالات تتطلب الرد ووضع حد لهذه الحملات التي أصبحت نوعاً من أنواع الحروب الإعلامية والقوة الناعمة. خاصة إذا ما ارتبطت بالحالة المعنوية لدى الفريق والذي قد يتأثر بشكل أكبر من كثير من القائد. ونجد ذلك في سخرية نوح عليه السلام من قومه الذين كانا يسخرون منه وهو يصنع الفلك ولا يعرفون المصير الذي ينتظرهم كما في قوله عزوجل: (وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ).
ارسل الله عز وجل الأنبياء والرسل إلى البشر لهدايتهم وتعريفهم أمور دينهم ودنياهم، وقد كان لكل نبي منهم مهنة يعمل بها، فقد اختلفت مهن الانبياء فمهم من كان يعمل في رعاية الأغنام ومن كان يعمل حداد ونجار وتاجرا وسوف نذكر لكم كل نبي والمهنة التي عمل بها، وقد بعث الله عز وجل لكل أمة نبي منهم، إلى أن ارسل خاتم الأنبياء والرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. مهن الانبياء مهن الانبياء هناك العديد من الأنبياء الذين ذكر عنهم القران الكريم واخبرنا عن حياتهم تفصيلا والمهن التي عملوا بها والتي كانت تعينهم على الدعوة إلى الله تعالى، وكلا منهم كان له مهنة يعمل بها، وقد ذكر لنا المصطفي عليه السلام أن لا قيمة للإنسان بدون العمل، حيث أن السعي لطلب الرزق من متطلبات الحياة لإعمار الأرض وشكر الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصا. انبياء عملوا برعاية الغنم هناك العديد من الانبياء الذين عملوا في رعاية الغنم، لما لها من حكمة، حيث أن الله عز وجل يدربهم على ما سيكلفهم به، فرعاية الأغنام بالعمل الذي يحتاج إلى الصبر، وتحتاج إلى شفقة ورحمة، ولين عند التعامل معها، وهذا يدل على تواضعهم والكسب من عمله، ومن مهن الانبياء ما يلي: محمد صلي الله عليه وسلم: جميعنا نعلم أن نبي الله محمد عمل في صغره راعي أغنام مع عمه أبي طالب، وقد روي عنه انه أخبر الصحابة انه كان يعل برعي غنم العديد من أهل مكة، وقد قال صلى الله عليه وسلم "ما بعث الله نبيا إلا رعي الغنم، فقال أصحابه وأنت؟ قال: نعم كنت أرعاها على قراريط أهل مكة".
ولكن نوح لم يبال بتهديدهم فواصل دعوته لهم حتى إذا ضاق ذرعاً باستكبارهم ، واستهزائهم لجأ إلى ربه بهذه الشكوى: ( قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً ، فلم يزدهم دعائي إلا فراراً ، وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً ، ثم إني دعوتهم جهاراً ، ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً ، فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً ، يرسل السماء عليكم مدراراً ، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً) نوح/5-12. فلما أيس نوح عليه السلام من إيمان قومه ، وهددوه بالقتل وآذوه ومن آمن معه فما كان منه إلا أن دعا عليهم بقوله: ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً إنك أن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً) نوح/26 -27. وقد استجاب الله دعاء نوح عليه السلام وقضى بهلاك قوم نوح بالغرق وأمره أن يصنع سفينة النجاة ليركب فيها والمؤمنون معه: ( وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون) هود/36-37.
[1]) انظر: مختار الصحاح، للشيخ الأمام محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، طبعة دار المعارف، القاهرة – 1990، ص 41 [2]) انظر: مختار الصحاح: المرجع السابق – ص 451 – 452 [3]) انظر: د/ جابر جاد نصار: أصول وفنون البحث العلمي، دار النهضة العربية، القاهرة – 2002 – ص 12. ما هو البحث العلمي. [4]) انظر: د/ أحمد عبد الكريم سلامة: الأصول المنهجية لإعداد البحوث العلمية – الطبعة الأولى – ص 13, [5]) انظر: د/ أحمد عبد الكريم سلامة: المرجع السابق – ص 14. [6]) انظر: د/ جابر جاد نصار: المرجع السابق، ص 14، كذلك انظر: د/ زين بدر فراج: أصول البحث القانوني – دار النهضة العربية – 2000، ص 19. [7]) انظر: د/ صلاح الدين فوزي: المنهجية في إعداد الرسائل والأبحاث القانونية، دار النهضة العربية – 2000 – ص 2.
ويجدر القول بأن الدراسات السابقة لها تأثير قوي على الباحث العلمي في إقناعه حول أهمية العمل الدؤوب على الكتابة البحثية وكذلك تساهم في توضيح ماهية المنهج السليم الذي لا بد على الباحث العلمي اتباعه في جمع المعلومات اللازمة للبحث العلمي. استخدام الباحث العلمي لمنهجية غير مناسبة في تجميع البيانات والمعلومات. ماهية البحث العلمي وأهدافه - المنارة للاستشارات. لا شك أن الباحث العلمي المبتدئ هو الذي قد يقع في هذا الخطأ؛ وذلك لأن معرفة التصميم والأداة التي لا بد على الباحث العلمي اتباعها من أجل تجميع المعلومات تتطلب من الباحث العلمي جهدًا كبيرًا في التحري عن ماهية المنهجية الأكثر دقةً وصحة في جمع المعلومات والبيانات ومن ثم الوصول إلى النتائج العلمية الصحيحة. ومن هنا يجدر القول بأنه لا بد على الباحث العلمي عند عدم التمييز حول ماهية المنهجية الواجب عليه اتباعها من أجل كتابة بحث علمي دقيق، أن يأخذ باستشارة المشرف الأكاديمي خاصته والاطلاع على الدراسات والأبحاث العلمية السابقة التي تتناول ذات متغيرات موضوع البحث العلمي خاصته. ابتعاد الباحث العلمي عن التفكير النقدي.