فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ( 50) ففروا- أيها الناس- من عقاب الله إلى رحمته بالإيمان به وبرسوله, واتباع أمره والعمل بطاعته, إني لكم نذير بيِّن الإنذار. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر, فزع إلى الصلاة, وهذا فرار إلى الله. ص212 - كتاب تفسير الألوسي روح المعاني - سورة المؤمنون الآيات إلى - المكتبة الشاملة. وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ( 51) ولا تجعلوا مع الله معبودًا آخر, إني لكم من الله نذير بيِّن الإنذار. كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ( 52) كما كذبت قريش نبيَّها محمدًا صلى الله عليه وسلم، وقالوا: هو شاعر أو ساحر أو مجنون, فعلت الأمم المكذبة رسلها من قبل قريش, فأحلَّ الله بهم نقمته. أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ( 53) أتواصى الأولون والآخرون بالتكذيب بالرسول حين قالوا ذلك جميعًا؟ بل هم قوم طغاة تشابهت قلوبهم وأعمالهم بالكفر والطغيان, فقال متأخروهم ذلك, كما قاله متقدموهم. فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ( 54) فأعرضْ – أيها الرسول- عن المشركين حتى يأتيك فيهم أمر الله, فما أنت بملوم من أحد, فقد بلَّغت ما أُرسلت به.
فالظاهر من قولهم: إن هذه السورة مكية أنها نزلت قبل الهجرة بل قد صرح الجلال المذكور بأنها إلا ما استثني منها مما سمعته مكية على الاصطلاح الأول دون الثاني ولا يحرم مثله بذلك إلا عن وقوف فما ذكر مجرد تجويز أمر لا يساعد على ثبوته صريح نقل بل النقل الصريح مساعد على خلافه وهو المرجع فيما نحن فيه. فقد قال القاضي أبو بكر في الانتصار: إنما يرجع في معرفة المكي والمدني لحفظ الصحابة والتابعين، وكونهما قد يعرفان بالقياس على ما ذكره الجعبري وغيره مع عدم جدواه ليس بشيء.