* وقول العامة إذا رأوْا إنساناً يعالج أمراً لا جدوى منه: "يَنْفُخُ في قِرْبة مَخْرُومَة". أحشفا وسوء كيلة؟. الأمثلة من الفصيح: (1) قول المتنبّي يصف الذي يَعِيب الشعر الرائع بسبب خَلَلٍ ذوقيّ لَدَيّه، يَجْعَلُهُ يرى الجميل قبيحاً، والكامل ناقصاً، والحسن سيِّئاً: *وَمَنْ يَكُ ذَا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ * يَجِدْ مُرّاً بِهِ الْمَاءَ الزُّلالَ* هذا الكلام الذي يدلُّ معناه الأصلي على أنَّ المريض الذي يُفْرِزُ فَمُهُ مُفْرَزاتٍ مُرَّةً، يَجدُ الماءَ الزُّلال مُرّاً في فمه، وليس ذلك من مرارة الماء، بل من الأشياء المرَّة الَّتي يُفْرِزُها فَمُه. لكنَّ المتنّبي استعار هذا الكلام على طوله للدلالة به على حال من ليس لديه ملكة إدْراك الشعر الرائع النفيس، فهو بسبب ذلك يَعِيبُ الحسَنَ الجيّد منه، ويَنْتَقِدُه بغير فهم، ولا حُسْنِ تَذَوُّق. (2) قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لاَ يُلْدَغُ المؤمن من جُحْرٍ مرَّتَيْن" هذه العبارة النبوية تُسْتَعْمَل على سبيل "الاستعارة التمثيليّة" للتحذير من تكرار العمل الذي جَرَّ مُصِيبة في نفسٍ أو مالٍ، أو أفضى إلى أمْرٍ غير محمود. (3) إذا رأى الناس اجتماع جمهورٍ غفيرٍ على عالمٍ أو واعظٍ أو زعيم، أو كثرةَ إقبالهم على سوقٍ من أسواق التجارة، تمثّل قائلهم بقول الشاعر: *"والْمَوْرِدُ الْعَذْبُ كَثيرُ الزِّحَام"* هذا القول يُسْتَخْدَمُ على سبيل "الاستعارة التمثيليّة" مراداً به غير معناه الأصلي الذي قاله الشاعر للدلالة به عليه.
تاريخ النشر: 25. 03. 2022 | 06:59 دمشق في توقيت غير بريء جاءت زيارة بشار الأسد إلى دولة الإمارات العربية المتحدة يوم الجمعة في 18/3/2022، فهذا اليوم هو عنوان الثورة السورية المجيدة التي قامت ضدّه وضدّ نظامه، وهو تاريخٌ كُتِبَ وما يزال يُكتب بدماء السوريين، وتجاوزه إهانة كبيرة لتضحياتهم ومعاناتهم وآلامهم. تعبّرُ الزيارةُ من طرف بشار عن عقدة نفسية من هذه الثورة، تلاحقه وتفتك به، فهو يهدف للانتقام من رموزها كما انتقم منهم بأرواحهم وأجسادهم وأملاكهم ووطنهم. لم ينس بشار ولن ينسى كيف خلع السوريون عن أنفسهم رداء الخوف وهبّوا في وجهه ووجه أبيه بأثر رجعي، تعبيراً عن فقدان الصبر وطفح الكيل، وعن الندم الشديد على الصمت خلال العقود السابقة. أمّا الإهانة الكبرى فهي تلك التي تقترفها حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، ليس فقط بحقّ الشعب السوري المكلوم، بل وبحق كل الشعوب العربية وبحق الإنسانية جمعاء. فهل من الشرف في شيء استقبال قاتلٍ مجرمٍ دنّس أرض سوريا بكل موبقات الأرض، واستجلب الاحتلالات والميليشيات الطائفية والإرهابية من كل الأصقاع لمحاربة شعبه؟! غريب أمر هؤلاء الحكام الذين لا يرون إلا مصالح آنيّة ضيقة لا يمكن أن تبني حاضراً ولا مستقبلاً، لكن يبدو أنّ المثل ما ترك شيئاً إلا وقاله، فالطيور على أشكالها تقعُ، وكذلك الحكّام.
يحكى أن أعرابيا، دخل السوق، ليبتاع بعضا من التمر، وصل الى بائع التمر، وساومه على السعر، فاتفقا، وأخذ نوعا من التمر الردي، يطلق عليه اسم الحشف، أو الحشفة، و«الحَشَفُ»: هو التَّمر الرَّدِيءُ، الذي ليس له طعما ولا نوى لشِدَّة رداءته. لكن بائع التمر بخس الشاري بالوزن، أي غشه وقلل من الوزن، فقال الأعرابي الشاري: أحشفاً وسوء كيلة؟. أي هو تمر درئ، وفوق ذلك تنقص من الوزن، وتبخسني حقي؟ وذهبت مقولة الأعرابي مثالا، يطلق للرجل، الذي يَجمع بين خَصْلتَيْن ذميمتَيْن. و«الحَشَفُ»: هو التَّمر الرَّدِيءُ، الذي ليس له نوى لشِدَّة رداءته. و"كيلة": مأخوذة من الكَيْل، وهو الوزن، وهي اسم هيئة، كجِلْسة، وقِعْدة، وإنما انتصبتْ كلمة "حشف" على تقدير فِعْل محذوف، فيكون تقدير الكلام: أتجمع عليَّ حشفًا، وسوءَ كيلة؟! ومعنى المثل: أتبيعني أو أتعطيني تمرًا رديئًا لا نوى له، وتضمُّ إليه سوءَ كيلة؟! وتقرأ كيلة بكسر الكاف، ونصب أخرها على المعية. بعضهم ينطق كيلة بفتح الكاف، فيقولون: أَحَشَفاً وسوء كَيْلَة، وهذا غير صحيح، والصواب: سوء كِيْلَة ـ بكسر الكاف، لأنها اسم هيئة للكَيْل. يقال: إنه لَحَسَنُ الكِيْلَة على وزن (فِعْلَة) بكسر الفاء، مثل: الجِلْسَة.