قال: ومن يعلمها ؟ قال: مَن عَلَّمَه الله. وسأله رجل عن مسألة استودعه إياها أهل المغرب ، فقال: ما أدري ما ابتلينا بهذه المسألة ببلدنا ، ولا سمعنا أحدا من أشياخنا تكلّم فيها ، ولكن تَعُود فلما كان من الغد جاء وقد حَمل ثقله على بغله يقوده ، فقال: مسألتي! فقال: ما أدرى ما هي ، فقال الرجل: يا أبا عبد الله تركتُ خلفي مَن يقول: ليس على وجه الأرض أعْلم منك ، فقال مالك غير مُستوحش: إذا رَجعتَ فأخبرهم أني لا أحسن! وسأله آخر فلم يُجِبه ، فقال له: يا أبا عبد الله أجِبْني ، فقال: ويحك! تُرِيد أن تجعلني حُجَّة بينك وبين الله ، فأحتاج أنا أولاً أن أنظر كيف خلاصي ثم أخلِّصُك! وسُئل عن ثمان وأربعين مسألة ، فقال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري. المرة هذه غير : توقع لفتوى الشيخ الشبيلي لمعادن على أساس مالي . - هوامير البورصة السعودية. وسُئل من العراق عن أربعين مسألة ، فما أجاب منها إلاَّ في خمس! وقال: قال ابن عجلان: إذا أخطأ العالم لا أدري أُصِيبَتْ مَقَاتِله. ويروي هذا الكلام عن ابن عباس. وقال: سمعت ابن هرمز يقول: ينبغي أن يُورِث العالم جلساءه قول لا أدري ، وكان يقول في أكثر ما يُسأل عنه: لا أدري. قال عمر بن يزيد: فقلت لِمَالِك في ذلك ، فقال: يَرْجِع أهل الشام إلى شامهم ، وأهل العراق إلى عراقهم ، وأهل مصر إلى مصرهم ، ثم لعلي أرجع عما أرجع أُفْتيهم به!
نحن نجتهد على أساس ما سيكون كتوقع فقط وليس كفتوى.
قال: نعم ، فأبلغ من وراءك أني لا أدري! وقال عبد الله: كنت أسمع أبي كثيرا يُسأل عن المسائل فيقول: لا أدري ، ويقف ، إذا كانت مسألة فيها اختلاف ، وكثيرا ما كان يقول: سَلْ غيري. فإن قيل له: مَن نَسأل ؟ قال: سَلُوا العُلَماء! ولا يكاد يُسَمِّي رَجلا بِعَينه. قال: وسمعت أبي يقول: كان ابن عيينة لا يُفْتِي في الطلاق ، ويقول: مَن يُحْسِن هذا ؟ نَقَل هذا ابن القيم ثم عقد فَصْلا في تَوَرّع السلف عن الفتيا: قال فيه: وكان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرّع في الفتوى ، ويودّ كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره ، فإذا رأى أنها قد تَعَيَّنَتْ عليه بذل اجتهاده في معرفة حُكْمها من الكتاب والسنة ، أو قول الخلفاء الراشدين ، ثم أَفْتَى. وقال الشاطبي عن الإمام مالك: وسأل رجل مَالِكًا عن مسألة وذَكَر أنه أُرْسِل فيها من مسيرة ستة أشهر من المغرب ، فقال له: أخبر الذي أرسلك أنه لا عِلم لي بها! قال: ومن يعلمها ؟ قال: مَن عَلَّمَه الله. وسأله رجل عن مسألة استودعه إياها أهل المغرب ، فقال: ما أدري ما ابتلينا بهذه المسألة ببلدنا ، ولا سمعنا أحدا من أشياخنا تكلّم فيها ، ولكن تَعُود فلما كان من الغد جاء وقد حَمل ثقله على بغله يقوده ، فقال: مسألتي!