السؤال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال تعالى: طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى [طه:1-3] ما معنى هذه الآيات؟ جزاكم الله خيرا، والسؤال لأخينا عبد الله محمد علي عتش. الجواب: على ظاهرها، طه [طه:1] هذه من الحروف المقطعة، مثل الم [البقرة:1] ومثل حم عسق [الشورى:1-2] ومثل: ص [ص:1] و ق [ق:1] هذه حروف مقطعة، الأكثر من أهل العلم أنهم يقولون فيها: الله أعلم بمعانيها ، والله جعلها فواتح لكثير من السور، للدلالة على أن القرآن مؤلف من هذه الحروف التي يعرفها الناس. أما قوله: مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى [طه:2-3] هذا واضح، الله ما أنزل القرآن ليشقى الرسول ﷺ ويتعب، ولكن أنزله تذكرة، للتذكرة والعمل والاستفادة، الله أنزل كتابه العظيم تذكرةً للمؤمنين، ولنبيه ﷺ؛ حتى يعملوا به ويستقيموا عليه، وفيه الراحة والطمأنينة، وفيه السعادة العاجلة والآجلة، وليس فيه الشقاء بل فيه الراحة والطمأنينة وفيه التقرب إلى الله، والأنس بمناجاته وذكره ، وليس منزلًا ليشقى به النبي ﷺ أو العبد لا، بل ليستريح به وليتنعم به وليستفيد منه وليعمل به، وليفوز بالجنة والسعادة بعمله به واستقامته عليه.
الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم في سورة طه (1) ﴿ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ﴾ قال الله تعالى: ﴿ طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى ﴾ [طه: 1 - 4]. أولًا: سبب نزولها: قال البغوي: لما رأى المشركون اجتهاده في العبادة، قالوا: ما أنزل عليك القرآن يا محمد إلا لشقائك، فنزلت: ﴿ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ﴾ [طه: 2]؛ أي: لتتعنَّى وتتعب. ثانيًا: تضمنت الآية بحسب ما ورد في سبب نزولها تعيير المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم بتركه لدين آبائه، وزعموا أن ذلك سبب شقائه أو عابوا عليه كثرة تعبده لربه، وما علموا أن ذلك بسبب شوقه للقائه. ثالثًا: رد الله تعالى على أولئك العائبين على سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بأحكم رد وأبلغه، وخفَّف عن نبيه صلى الله عليه وسلم بما يجعله يواصل فيما هو بصدده من الدعوة إلى ربه أو القيام بحق عبوديته، وذلك من خلال ما يأتي: 1- قال تعالى: ﴿ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ﴾ [طه: 2]، قال ابن عاشور رحمه الله تعالى: افتتحت السورة بملاطفة النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله لم يرد من إرساله وإنزال القرآن عليه أن يشقى بذلك؛ أي: تصيبه المشقة ويشده التعب، ولكن أراد أن يذكر بالقرآن من يخاف وعيده.
الله المسيطر المطلق على الكون {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} ولعل هذه الآية تُفصِّل امتداد هذه السلطة المطلقة وسعتها وعمقها، فإذا كان الله يملك كل الموجودات الحية والجامدة في السماوات والأرض وفيما بينهما، وفي أعماق الثرى، فإن ذلك يعني سيطرته المطلقة على ذلك كله، ويفرض على الخلق الذين حمّلهم المسؤولية، أن يعيشوا الخضوع لسيطرته فيطيعوه في ما أمرهم به، وينتهوا عمّا نهاهم عنه. {وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} وهكذا يتمثل حضور سلطته الإلهية المطلقة في كل موقع من مواقع وجود خلقه، بحيث يشرف عليه إشرافاً مباشراً من دون أن يغيب عنه شيء من أمورهم، في ما يفعلون ويتكلمون، فليس هناك شيء أقرب إليه من شيء، لأن الأشياء تتساوى لديه في جميع شؤونها. وهذا ما يجعل مسألة الجهر بالقول أو الإسرار به، واحدة في علمه، لأنه يعلم السر وأخفى ويسمع وساوس الصدور، ولا يفوته شيء من كلام عباده مهما كان خفياً في مواقع السر العميقة الهامسة. {اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ} فهو وحده الإله الذي يملك الأمر كله، فلا أمر في حركة الوجود إلا أمره، وهو الذي يملك الكون كله، فليس هناك أحد إلاّ هو مملوك ومربوب ومخلوق له.. وتلك هي النتيجة الطبيعية لما تقدمت به الآيات السابقة من شمول القدرة والملك، والربوبية المطلقة.