وهذا إبراهيم -عليه السلام- يصف لنا الدواء عندما قال لقومه: ﴿ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ. إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ (الأنعام: 78، 79). فعندما حاجوه وخوفوه من آلهتهم الضالة المزعومة أنها سوف تفعل به وتفعل، فعند ذلك كان الدواء والعلاج. ﴿ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ. وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ﴾ (الأنعام: 80، 81). فقولوا لي بربكم: ﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بالأمن إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ (الأنعام: 81). لاشك، بل لا يشك في ذلك عاقل. وقال فرعون ذروني اقتل موسى وليدع ربه. ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ (الأنعام: 82). فيا أيها المسلم الحبيب، لنستعرض سويا صوراً ونماذج أقامها الله -تعالى- بين أيدينا، لكي نتعلم من خلالها أن تحمل مسئولية هذا الدين واجبة على كل مسلم، فنحن لا نعجز أن نتمثل بصورة من هذه الصور التي صورها الله لنا، وكانت صوراً مشاهدة من واقع الحياة، فهي نماذج عملية واقعية، وليست بنماذج خيالية.
يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ (الأحقاف29-31). فهل تراهم أيها الحبيب انتظروا لكي يأذن لهم في الدعوة لدين الله وتبليغ ما سمعوه من -النبي صلى الله عليه وسلم -أم أن الشعور بالمسئولية عن دين الله تحرك في داخلهم، فأدوا الواجب الذي عليهم لقومهم، وكأنهم سمعوا أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: (بلغوا عني ولو آية) (رواه البخاري ومسلم)، فقاموا بالامتثال بمجرد أن استمعوا إلى الأيات التي تلاها النبي -صلى الله عليه وسلم- فلسان حالهم يقول: نحن لهذا الدين، نحن نتحمل مسئولية هذا الدين، فأدوا ذلك الواجب الذي عليهم. أفتعجز أيها الحبيب أن تكون كهؤلاء، أكانت لديهم مقومات مفقودة عندك، أم هو التقصير والخمول وموات القلوب؟ الصورة الرابعة: هذا الطائر الذي أنقذ الله به أمة، إنه الهدهد. وقال فرعون ذروني اقتل موسى تحميل. فبعد عودة هذا الهدهد من غيابه طرح هذه القضية على سليمان -عليه السلام- تلك القضية أقلقت الهدهد وأفزعته، فأصيب بالهلع والفزع عندما رأى هذه المملكة تتوجه في عبادتها لغير الله -تعالى-، فقال لسليمان -عليه السلام-: ﴿ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ.
فمن طبائع الفساد والإفساد أنه يشمل جميع شؤون الدين والدنيا والآخرة؛ فهو غير مقتصر على تخريب دين الناس في الدنيا والزَّج بهم في جحيم البرزخ ويوم القيامة؛ بل إنه يضيف إلى هذا السوء المتناسل فساداً وإفساداً لمصالح الخلق الدنيوية في النواحي الاقتصادية والبيئية والثقافية والاجتماعية والعسكرية والسياسية والتقنية والإعلامية وفي كلِّ أمر من أمور العامة؛ فَهُم قومٌ يصدق عليهم وصف الـمُنبَتِّ الذي لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع، وصدق الله القائل في وصف المفسد: {وَإذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْـحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 205]. ومن طبائعهم الخبيثة المنبثقة عن الكِبْر والكذب ادِّعاء الإصلاح وحصره بهم فقط كما في قول الله تعالى عنهم: {إنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: ١١] إذ ينفونه ضمناً عن غيرهم من المؤمنين المصلحين، ولذا نقض الله قولهم مباشرة وحكم عليهم بقوله: {أَلا إنَّهُمْ هُمُ الْـمُفْسِدُونَ} [البقرة: 12] فإنه لا فساد أعظم من الكفر، والصَّدِّ عن سبيل الله، وخداع أولياء الله، وموالاة المحاربين لله ورسوله، ثمَّ الزَّعم عقب ذلك بأن هذه الجرائم إصلاح مقتصر عليهم، وأن نقيضها مِن فِعْل المؤمنين فسادٌ وإفسادٌ، وأغرب من زعمهم الآفن هذا وجود من يصدِّقهم من الغَفَلَة وغيرهم.
القائلون بعدم وجود فرق بين توحيد الألوهية والربوبية قال بعض العلماء إن توحيد الربوبية هو نفسه توحيد الألوهية والعكس كذلك، فلا فرق بينهم، واستدلوا بعدة أدلة منها ما يأتي: [٩] لم يُنقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضوان الله عليهم هذا التقسيم.
السنن الخاصة تتعلّق بخضوع البشر لها باعتبارهم أفراداً وأمماً وجماعات خضوعاً يتعلّق بتصرفاتهم وأفعالهم وسلوكهم في الحياة، وما يكونون عليه من أحوال، وما يترتّب على ذلك من نتائج كالسعادة والشقاء، والعزّ والذل، والقوّة والضعف، والنصر والهزيمة، ونحوِ ذلك من الأمور الاجتماعية في الدنيا، وما يترتّب عليها من جزاءٍ في الآخرة، سواء كان عذاباً أو نعيماً، ومن ذلك قوله تعالى: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ *} [الاعراف:128] أي الخاتمة المحمودةُ، أو النهاية في الدنيا والآخرة لمن أتقى.
علاوة على ذلك فإن التوحيد هو طريق الجنة ، التي يكافئ الله عز وجل بها عبادة المخلصين والمتقين ، حيث يساعد التوحيد عباد الله المخلصين في الحفاظ على عقيدتهم. كما أن أهمية منزلة التوحيد ، للمسلم تكمن في أنه تبعث في نفسه الطمأنينة والرضا ، وذلك لأن التوحيد يجعل المرء يعتقد أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله عز وجل له ، وأن قدره كله خيره مهما كان ، وأن الله هو الملجأ والمنجي دائمًا. [2] فوائد التوحيد يعود التوحيد على المرء بمجموعة كبيرة من الفوائد ، والتي نذكرها فيما يلي: يساهم التوحيد في أن يحصل المرء الموحد على خير الدنيا ، وخير الآخرة معًا. يقي اكتمال التوحيد في قلب المرء من النار. قبول أعمال العباد سواء الأعمال الكبيرة ، أو الأعمال الصغيرة. سهولة الإقدام على فعل الخيرات. الحث على البعد عن المنكرات ، وتجنبها. تفريج كرب الدنيا والآخرة. يحث التوحيد المرء على الصبر على الابتلاءات والمصائب. يحرر التوحيد المرء الموحد من إتباع المخلوقات ، أو العمل من أجلهم ، أو الخوف منهم ، وذلك لأن التوحيد يعز المرء بكونه عبدًا لله عز وجل. ما الفرق بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية - الشيخ أ.د عبدالعزيز الفوزان - YouTube. التوفيق في كل مسعى والهداية. ينشرح صدر المرء الموحد بالتوحيد ، وتكفر سيئاته ، وتغفر ذنوبه.
ثالثاً: التدبير، فالله عز وجل منفرد بالتدبير، فهو الذي يدبر الخلق ويدبر السماوات والأرض كما قال الله سبحانه وتعالى: {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين}، وهذا التدبير شامل لا يحول دونه شيء ولا يعارضه شيء. والتدبير الذي يكون لبعض المخلوقات كتدبير الإنسان أمواله وغلمانه وخدمه وما أشبه ذلك هو تدبير ضيق محدود، ومقيد غير مطلق فظهر بذلك صدق صحة قولنا: إن توحيد الربوبية هو"إفراد الله بالخلق والملك، والتدبير".
أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.. الخطبة الثانية: الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسّلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد: عباد الله: لما كان توحيد الألوهية بالمنزلة التي سمعتم، وبالفضل الذي رأيتم, كان لزاماً على كل موحّد أن يحذر من كل ما يخدش توحيده ويقدح فيه، وألّا يصرف شيئاً من العبادات إلا لله -تبارك وتعالى-؛ فالعبادات بأنواعها سواء القلبية منها أو القولية أو العملية, حقٌّ خالص له لا يجوز أن تصرف لغيره، قال تعالى: ( أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ)[الإسراء: 23]. قال بعض أهل التفسير: " وقد تقرر أن العبادة لا تجوز إلا لله، وأنه هو المستحقّ لها، فكل ما يسمى في الشرع عبادة ويصدق عليه مسمّاها فإن الله يستحقه، ولا استحقاق لغيره فيها ". أيها المسلمون: وللشِّرك في توحيد الألوهية، وصرف العبادة لغير الله صور كثيرة، وأشكال عديدة؛ قلبية، وقولية، وعملية، ونذكر منها بعضاً على سبيل المثال لا الحصر: فمنها: شرك النية والإرادة والقصد، وهذا النوع من الشرك لا يفعله إلا منافق نفاقاً أكبر, يظهر الإسلام, ويبطن الكفر, كما قال تعالى: ( وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا)[البقرة: 14].