فاتقوا الله -عبادَ الله-، وحافظوا على الأماناتِ والواجبات، واحذروا المحرَّمات؛ قال الله -تعالى-: ( وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَاداتِهِم قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ) [المعارج:32-35]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين، وبقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه من الغفور الرحيم. انا عرضنا الامانة على السموات. الخطبة الثانية: الحمد لله ذي الجلال والإكرام، والعزّةِ التي لا تُضام، أحمد ربي وأشكره على آلائه العِظام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فاتقوا الله حقَّ تقواه، وأطيعوه بفعل ما أمَر واجتناب ما نهى عنه وزَجر، تفوزوا بجنته ورضاه. قال الله -تعالى-: ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) [النساء:58]، وهذه الآية المباركة عمّت جميعَ الأماناتِ.
وآخرُ الحديث يدل على أن الأمانةَ هي الإيمان، وهي الدين وواجباته؛ فالتوحيد -وهو عبادة الله وعدمُ إشراكِ أحدٍ معه في العبادة- أمانةٌ، والصلاة أمانة، والزكاة أمانة، والصيام أمانة، والحج أمانة، وصلة الرحم أمانة، والأمرُ بالمعروف أمانة، والنهيُ عن المنكر أمانة، والمال أمانة؛ فلا تستعن به على المعصية، والعين أمانة؛ فلا تنظر بها إلى ما حرّم الله، واليدُ أمانة، والفرج أمانةٌ، والبطن أمانة؛ فلا تأكل ما لا يحلّ لك، والأولادُ عندك أمانة؛ فلا تُضيّع تربيتَهم الصالحة، والزوجات عند الرجال أمانة؛ فلا تُضيّع حقوقهن، وحقوق الأزواج على النساء أمانةٌ، وحقوق العباد الماديَة والمعنوية أمانة؛ فلا تُنتقَص. وقد وعد الله على أداء الأمانات والقيامِ بحقوقها أعظمَ الثواب؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " اكفلوا بستٍّ أكفل لكم بالجنة "، قلت: ما هن يا رسول الله؟ قال: " الصلاة والزكاةُ والأمانة والفرجُ والبطن واللسان " رواه الطبراني، قال المنذري: " بإسناد لا بأس به "، وفي الحديث: " أوَّلُ ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخرُ ما تفقِدون من دينكم الصلاةُ ". والتفريطُ في الأمانات والتضييعُ لواجباتِ الدين يورثُ الخللَ والفسادَ في أحوال الناس، ويُحيل الحياة مُرّةَ المذاق، ويقطَع أواصرَ المجتمع، ويعرّض المصالح الخاصة والعامة للخطر والهدر، ويُفسد المفاهيمَ والموازين، ويؤذِن بخرابِ الكون، قال -صلى الله عليه وسلم وقد سُئل: متى الساعة؟- قال: " إذا ضُيِّعتِ الأمانة فانتظر الساعة ".
الأمانة -يا عباد الله- هي التكاليفُ الشرعية، هي حقوقُ الله وحقوق العباد؛ فمن أدَّاها فله الثواب، ومن ضيَّعها فعليه العقاب؛ فقد روى أحمد والبيهقي وابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: " الصلاةُ أمانة، والوضوءُ أمانة، والوزن أمانةٌ، والكيل أمانة " وأشياء عدّدها، " وأشدُّ ذلك الودائع "، وقال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: " والغسل من الجنابة أمانة ". فمن اتَّصفَ بكمَال الأمانة فقد استكمَل الدينَ، ومن فقد صفةَ الأمانة فقد نبذ الدينَ، كما روى الطبراني من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لا إيمانَ لمن لا أمانةَ له "، وروى الإمام أحمد والبزار والطبراني من حديث أنَس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لا إيمانَ لمن لا أمانةَ له، ولا دينَ لمن لا عهدَ له "، ولهذا كانت الأمانة صفةَ المرسلين والمقرَّبين وعباد الله الصالحين، قال -تعالى- عن نوح وهود وصالحٍ وغيرهم -عليهم الصلاة والسلام-: ( إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) [الشعراء:107، 108].
ذات صلة ما هي الأمانة مفهوم الأمانة في الإسلام أنواع الأمانة تعرّف الأمانة عند أهل العلم بأنَّها إرجاع الحقِّ إلى أهله، وهي بهذا المعنى ضدُّ الخيانة، وهي خُلُقٌ ثابتٌ في نفس المرء، يمتنع به عن ما ليس من حقِّه، مع قدرته على أخذه أو العدوان عليه. الأمانة - الشيخ محمد متولي الشعراوي - YouTube. [١] وتدخل الأمانة في كلِّ شيء؛ من عقيدة أو سلوك أو خلق، وتدخل في التعاملات المالية، وفي حفظ السرِّ، وحفظ أخبار الخلق، وتدخل الأمانة في التعامل ما بين الخلق والخالق، وفيما بين الخلق بعضهم ببعض، وفيما يأتي بيان ذلك: [٢] الأمانة مع الله أوّل الأمانة تكون مع الله -تعالى- بالإيمان به -جلَّ وعلا-، وتوحيده، وطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه، وعبادته، والسير على الهداية التي ارتضاها الله -تعالى- لنا، والدعوة إلى دين الله -تعالى- بالحسنى. [٣] بالإضافة إلى التَّمسُّك بكتاب الله -تعالى- قراءةً وتدبُّرا وتلاوةً، والحكم به والجهاد في الدعوة إليه، [٤] وقد عرض الله -تعالى- هذه الأمانة على السماوات والأرض والجبال، فاعتذرن عنها؛ لعجزهم عنها، ثم حملها الإنسان، فمن قام بها فقد أدَّى الأمانة، ومن قصّر بها استحقَّ العذاب. قال الله -تعالى-: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً* لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾.
[٥] الأمانة في الأموال والأعراض يقول الله -تعالى-: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ ، [٦] وتكون الأمانة في الأموال بأن يُؤدّى إلى صاحبه، سواء أكان مال وديعة، أو أجرة عامل، أو حقّاً لوارث، أو مهراً لزوجة، أو مال دَين في رقبته، أو مالاً مرهوناً عنده. [٧] وقد عدَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- خيانة الأمانة من علامات النفاق، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وعَدَ أخْلَفَ، وإذا اؤْتُمِنَ خانَ). [٨] والأمانة في الأعراض تكون في السّتر على المذنب، وكفِّ النَّظر إلى محارم البيوت، وعدم تتبّع عورات الخلق وزلَّاتهم، وحفظ المجالس، وتكون في عِفَّة اللسان عن الذمِّ، والشتم، والغيبة، والنميمة، وعن قذف المحصنات، وسائر آفات اللسان. أنواع الأمانة - موضوع. [٩] الأمانة في الجهاد يحمل المجاهد أمانة يُؤديها أثناء الجهاد والقتال، فحتى في ساعة الشِّدَّة والحرب هناك أمانة على المجاهد أن يلتزم بها، ومنها ما يأتي: [١٠] عدم الغدر أو الخيانة أو الغلول لقوله -صلى الله عيله وسلم- في وصيته للمجاهدين: (اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا).
ومن أعظم الأمانات الوظائفُ والأعمال والمناصبُ وحقوقها؛ فمن أدَّى ما يجب لله -تعالى- عليه فيها وحقَّق بها مصالحَ المسلمين التي أنيطَت بها والتي وُجدت لأجلها - فقد نصح لنفسِه وعمل خيراً لآخرته، ومن قصّرَ في واجباتِ وحقوق الوظائف والمناصب ولم يؤدِّ ما أُنيط بها من منافع العباد أو أخذَ بها رشوةً أو اختلس بها مالاً للمسلمين - فقد غشّ نفسَه وقدّم لها زادا يرديها، وغدر بنفسه وظلمها. وفي صحيح مسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " إذا جمعَ الله الأوَّلين والآخرين يوم القيامة يُرفَع لكل غادر لواء ويقال: هذه غَدرة فلان بن فلان ". ومن أعظَم الأمانات الودائعُ والحقوق التي أمنك الناس عليها؛ فقد روى أحمد والبيهقي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: " القتلُ في سبيل الله يكفّر الذنوبَ كلّها إلا الأمانة "، قال: " يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له: أدِّ أمانتك، فيقول: أي ربِّ، كيف وقد ذهبتِ الدنيا! انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال. فيقال: انطلقوا به إلى الهاوية، فيُنطلَق به إلى الهاوية، وتُمثّل له الأمانة كهيئتها يوم دُفعت إليه، فيراها فيعرفها، فيهوي في أثرها حتى يدركها، فيحملها على منكبيه حتى إذا ظنَّ أنه خارج اخْلولت عن منكبيه، فهو يهوي في أثرها أبدَ الآبدين ".
وفي حديث أبي ذر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " أدِّ الأمانةَ إلى من ائتمنك، ولا تخُن من خانك "، وفي الحديث الآخر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: " يُنصَب الصراط على متن جهنَّم، ويكون على جنبتيه -أي: في جانبيه- الأمانة والرحم "؛ فمن ضيَّع الأمانةَ أو ضيَّع صلةَ الرحم فإنهما لا يتركانِه يجوز الصراط. عباد الله: إن الله أمركم بالصلاة والسلام على مصطفاه من خلقه وخليله من عباده نبينا وسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- فقال: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56]. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد...
8 مليار دولار. وتشير خريطة التوزيع النسبي لتوظيفات البنوك لما لديها من أصول في العام الماضي، إلى توجه نسبة 36. طريقة فتح محفظة استثمارية في البنوك | المرسال. 5% إلى شراء أذون وسندات الخزانة المصرية، وأقل من 36% إلى القروض التي استحوذت الحكومة على جانب كبير منها، وتوجهت نسبة 19% من الأصول لأن تكون بمثابة أرصدة لدى البنوك الأخرى داخل البلاد، ونسبة 2% لتكون أرصدة لدى البنوك خارج البلاد، وأقل من 2% إلى أسهم في شركات وأقل من 1% إلى النقدية لمواجهة طلبات السحب من عملاء فروع البنوك. 108 فروع إضافية خلال العام الماضي ويشير التوزيع السابق إلى أن تمويل الحكومة من قبل البنوك بشراء أدوات الدين لسد عجز الموازنة وإقراض الجهات الحكومية، تفوق في نسبته على ما حصلت عليه شركات القطاع الخاص وأفراده من قروض، كما أدت مشكلة نقص العملات الأجنبية إلى سحب جانب كبير من أرصدتها بالخارج، وفي نفس الوقت زيادة التزاماتها تجاه البنوك الخارجية، كما توضح نسبة الأصول التي توجهت لتأسيس شركات أو المساهمة في شركات ضعف الدور الاستثماري للبنوك، الذي كان من الممكن أن يضيف إنتاج السلع والخدمات ويوفر فرص عمل. ففي حين بلغت قيمة أسهم مشاركات البنوك في شركات القطاع الخاص وقطاع الأعمال العام معا أقل من 153 مليار جنيه، كانت قيمة استثماراتها في أدوات الدين الحكومي المحلي 3.
المصدر: الجزيرة مباشر