ابو معاذ المسلم 16-12-2020 08:54 PM النفخ في الصور يوم القيامة محمد طاهر عبدالظاهر المراد بالصور: قال الله تعالى: ﴿ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ﴾ [1]. والمراد بالصُّور: القَرْن الذي ينفخ فيه. لما روي عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما عن النَّبي صلى الله عليه وسلَّم في قَوله عَزَّ وجَلَّ: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ﴾ [2]، قال النَّبِي صلى الله عليه وسلم: ((هُوَ قَرْنٌ يُنْفَخُ فِيه))[3]. يقول الجوهريُّ: والصُّور: هو جمع صورة، كما في بسرة جمعها بسر، أي: ينفخ في صور الموتى الأرواح[4]. وقرأ الحسن: "يوم ينفخ في الصُّوَر"[5]. وما ذكر خطأ من وجوه: الأول: أنَّ القراءة التي نُسبتْ إلى الحسن البصري رحمه الله تعالى لا تصحُّ نِسبتها إلى الأئمَّة الذين يحتجُّ بقراءتهم. الثاني: أن ( صورة) تجمع على ( صُوَر)، ولا تجمع على ( صُوْر) كما ادَّعوا، قال تعالى: ﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾ [6]، ولم يُعرف عن أحد من القرَّاء أنه قرأها: ﴿ فَأَحْسَنَ صُوْرَكُمْ ﴾. رقدة اهل القبور قبل النفخ في الصور. الثالث: أنَّ الكلمات التي ذُكرتْ ليست بجموع، وإنما هي أسماء جموع، يفرق بينها وبين واحدتها بالتاء. الرابع: أنَّ هذا القول خلاف ما عليه أهلُ السنَّة والجماعة؛ فالذي عليه أهل السنة والجماعة أن الصُّور بُوقٌ ينفخ فيه.
عدد النفخات اختلف العلماء في عدد النّفخات التي تكون في الصّور يوم القيامة، فمن العلماء من رأى بأنّها نفختان، ومنهم من رأى بأنّها ثلاث نفخات، وهذه النفّخات هي: نفخة الفزع، قال تعالى: (ويوم ينفخ في الصّور ففزع من في السّموات والأرض إلاّ من شاء الله وكلّهم أتوه داخرين)، فهذه النّفخة هي أولى النّفخات في الصّور، وتأتي هذه النّفخة بعد ظهور علامات السّاعة الكبرى، حيث يأمر الله تعالى إسرافيل أن يبدأ بها، وتفزع كلّ الخلائق من هذه النّفخة، وقد استثنى الله تعالى عدداً من عباده من هذه النفخة وقيل هم الأنبياء والشّهداء. نفخة الصّعق، وهذه النّفخة يعتبرها بعض العلماء هي نفخة الفزع، بينما يرى آخرون أنّها تختلف عنها، وفي هذه النّفخة تصعق جميع الخلائق حتّى يأذن الله تعالى بأن ينفخ الملك في الصّور نفخة البعث. نفخة البعث والقيام، فبعد أن تكونت الخلائق عند نفخة الصّعق يقوم الملك بالنّفخ فيه نفخ البعث والقيام، حيث تردّ الأرواح إلى أجسادها وتنبت من الأرض كما ينبت البقل، ثمّ يساق الخلق جميعاً و يحشرون إلى أرض المحشر بعدما تتبدّل الأرض غير الأرض والسّموات، فينتظرون العرض والحساب أمام الله تعالى فإمّا جنّة أو نار.
وروي بلفظ: ((وأوَّلُ من ينشَقُّ عنه القبرُ)) أخرجه مسلم (2278) من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. النفخ في الصور. وبلفظ: ((فأكونُ أوَّلَ من بُعِثَ)) أخرجه البخاري (3414)، ومسلم (2373) مطولًا من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. يَعني به: يَحيا بَعدَ مَوتِه، وهو الذي عَبَّرَ عنه في الرِّوايةِ الأخرى بـ ((أُفيقُ)) ، وإن كان المَعروفُ أنَّ الإفاقةَ إنَّما هيَ من الغَشيةِ، والبَعثُ من المَوتِ، لكِنَّهما لتَقارُبِ مَعناهما أطلِقَ أحَدُهما مَكانَ الآخَرِ، ويُحتَمَلُ أن يُرادَ بالبَعثِ الإفاقةُ، على ما يَأتي بَعدَ هذا إن شاءَ اللهُ تعالى. وقَولُه: ((فإذا موسى... )) هذا من موسى تَعَلُّقُ فَزَعٍ لهَولِ المَطلَعِ، وكَأنَّه مُتَحَرِّمٌ بذلك المَحَلِّ الشَّريفِ، ومُتَمَسِّكٌ بالفَضلِ المُنيفِ.
روى البخاري ومسلم من حديث أبِي هُريرة رضي الله عنه قال: « بيْنما يهوديٌّ يعْرض سلعته أُعطي بها شيئًا كرهه، فقال: لا والَّذي اصطفى موسى على البشَر، فسمِعه رجُل من الأنصار فقام فلطم وجْهَه، وقال: تقول: والَّذي اصطفى موسى على البشَر والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بين أظهُرِنا؟ فذهب إليه، فقال: أبا القاسم، إنَّ لي ذمَّة وعهدًا، فما بالُ فلان لطم وجهي؟! فقال: لِمَ لطمتَ وجهه؟ فذكره، فغضب النبيّ صلى الله عليه وسلم حتَّى رُئِي في وجهه، ثمَّ قال: لا تفضّلوا بين أنبياء الله، فإنَّه ينفخ في الصّور فيصْعق مَن في السَّموات ومَن في الأرض إلاَّ مَن شاء الله، ثمَّ يُنفخ فيه أخرى فأكون أوَّل مَن بعث، فإذا موسى آخذٌ بالعرْش، فلا أدْري أحوسب بصعْقته يوم الطور، أم بُعِث قبلي؟! » [4]. النفخ في الصور - طريق الإسلام. ومن آثار الإيمان بهذا الحدَث الغيبي العظيم: أوَّلاً: أنَّ المؤمن ينبغي له أن يكون على استِعداد للقاء ربّه، وألا يكون في غفلة، فإنَّ أمامه أهوالاً وأمورًا عظيمة، فهناك الموت وسكَراتُه، والقبر وظلماتُه، والنَّفخ في الصّور، والبعث بعد الموْت، وعرصات يوم القيامة، والصّراط والميزان، وغير ذلك من الأهوال، قال تعالى: { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ.
وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: " الشغف "، شغف الحب ، و " الشعف "، شعف الدابة حين تذعر. 19162 - حدثني بذلك الحارث, عن القاسم, أنه قال: يروى ذلك عن أبي عوانة, عن مغيرة عنه. ، قال الحارث: قال القاسم, يذهب إبراهيم إلى أن أصل " الشَّعَف "، هو الذعر. قد شغفها حبا سورة يوسف. قال: وكذلك هو كما قال إبراهيم في الأصل, إلا أن العرب ربما استعارت الكلمة فوضعتها في غير موضعها; قال امرؤ القيس: أَتَقْتُلُنِــي وَقَــدْ شَــعَفْتُ فُؤَادَهَـا كَمَـا شَـعَفَ المَهْنُـوءَة الرَّجُلُ الطَّالِي (70) قال: و " شعف المرأة " من الحبّ, و " شعف المهنوءة " من الذعر, فشبه لوعة الحب وجَوَاه بذلك. وقال ابن زيد في ذلك ما: - 19163 - حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: (قد شغفها حبًّا) قال: إن " الشغف " و " الشعف "، مختلفان, و " الشعف "، في البغض ، و " الشغف " في الحب. وهذا الذي قاله ابن زيد لا معنى له, لأن " الشعف " في كلام العرب بمعنى عموم الحب، أشهر من أن يجهله ذو علم بكلامهم. قال أبو جعفر: والصواب في ذلك عندنا من القراءة: (قَدْ شَغَفَهَا) ، بالغين، لإجماع الحجة من القرأة عليه. وقوله: (إنا لنراها في ضلال مبين) ، قلن: إنا لنرى امرأة العزيز في مراودتها فتاها عن نفسه، وغلبة حبه عليها، لفي خطأ من الفعل، وجَوْر عن قصد السبيل ، " مبين "، لمن تأمله وعلمه أنه ضلال، وخطأ غير صواب ولا سداد.
* * * وقد اختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأته عامة قرأة الأمصار بالغين: (قَدْ شَغَفَهَا) ، على معنى ما وصفت من التأويل. * * * وقرأ ذلك أبو رجاء: " قَدْ شَعَفَهَا " بالعين. (69) 19158 - حدثنا الحسن بن محمد, قال: حدثنا أبو قطن, قال: حدثنا أبو الأشهب, عن أبي رجاء: " قَدْ شَعَفَهَا ". 19159 -.... قال: حدثنا خلف, قال: حدثنا هشيم, عن أبي الأشهب, أو عوف عن أبي رجاء: " قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا " ، بالعين. 19160 -.... قال: حدثنا خلف, قال: حدثنا محبوب, قال: قرأه عوف: " قَدْ شَعَفَهَا ". 19161 -.... قال: حدثنا عبد الوهاب, عن هارون, عن أسيد, عن الأعرج: " قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا " ، وقال: شَعَفَهَا إذا كان هو يحبها. * * * ووجَّه هؤلاء معنى الكلام إلى أنَّ الحبَّ قد عمَّها. * * * وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من الكوفيين يقول: هو من قول القائل: &; 16-67 &; " قد شُعفَ بها ", كأنه ذهب بها كل مَذهب، من " شَعَف الجبال ", وهي رؤوسها. * * * وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: " الشغف " ، شغف الحب ، و " الشعف " ، شعف الدابة حين تذعر. 19162 - حدثني بذلك الحارث, عن القاسم, أنه قال: يروى ذلك عن أبي عوانة, عن مغيرة عنه.