يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) ( يا قومنا أجيبوا داعي الله) فيه دلالة على أنه تعالى أرسل محمدا صلوات الله وسلامه عليه إلى الثقلين الإنس والجن حيث دعاهم إلى الله ، وقرأ عليهم السورة التي فيها خطاب الفريقين ، وتكليفهم ووعدهم ووعيدهم ، وهي سورة الرحمن; ولهذا قال ( أجيبوا داعي الله وآمنوا به) وقوله: ( يغفر لكم من ذنوبكم) قيل: إن " من " هاهنا زائدة وفيه نظر; لأن زيادتها في الإثبات قليل ، وقيل: إنها على بابها للتبعيض ، ( ويجركم من عذاب أليم) أي: ويقيكم من عذابه الأليم. وقد استدل بهذه الآية من ذهب من العلماء إلى أن الجن المؤمنين لا يدخلون الجنة ، وإنما جزاء صالحيهم أن يجاروا من عذاب النار يوم القيامة; ولهذا قالوا هذا في هذا المقام ، وهو مقام تبجح ومبالغة فلو كان لهم جزاء على الإيمان أعلى من هذا لأوشك أن يذكروه. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي قال: حدثت عن جرير ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال: لا يدخل مؤمنو الجن الجنة; لأنهم من ذرية إبليس ، ولا تدخل ذرية إبليس الجنة. التفريغ النصي - تفسير سورة الأحقاف_ (8) - للشيخ أبوبكر الجزائري. والحق أن مؤمنهم كمؤمني الإنس يدخلون الجنة ، كما هو مذهب جماعة من السلف ، وقد استدل بعضهم لهذا بقوله: ( لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان) [ الرحمن: 74] ، وفي هذا الاستدلال نظر ، وأحسن منه قوله تعالى: ( ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان) [ الرحمن: 46 ، 47] ، فقد امتن تعالى على الثقلين بأن جعل جزاء محسنهم الجنة ، وقد قابلت الجن هذه الآية بالشكر القولي أبلغ من الإنس ، فقالوا: " ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب ، فلك الحمد " فلم يكن تعالى ليمتن عليهم بجزاء لا يحصل لهم ، وأيضا فإنه إذا كان يجازي كافرهم بالنار - وهو مقام عدل - فلأن يجازي مؤمنهم بالجنة - وهو مقام فضل - بطريق الأولى والأحرى.
يا قومنا اجيبوا داعي الله - YouTube
وهذا إبراهيم بن علي النيسابوري تلميذ الإمام أحمد ظل ستين سنة يسرد الصوم فمات وهو صائم، فقال قبل الموت لابنه: قرب لنا القدح يا بني! ثم قال له: يا بني! هل غربت الشمس قال: لا، قال: تنح عني إذاً، ثم تلا قول الله تبارك وتعالى: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ [الصافات:61] ثم مات. يا قومنا أجيبوا داعي الله (سلسلة خطب) - YouTube. و عروة بن الزبير أحد فقهاء المدينة السبعة ظل يصوم يوماً ويفطر يوماً أربعين سنة، ومات وهو صائم. فيا أهل الصيام! كيف حالكم مع الله تبارك وتعالى في هذا الشهر العظيم الذي ميزه الله تبارك وتعالى بخصائص دون باقي الشهور؟! الخير باد فيك والإحسان والذكر والقرآن يا رمضان والليل فيك نسائم هفهافة حنت لطيب عبيرها الرهبان فضل قراءة القرآن في رمضان شهر رمضان شهر الكرم والجود شهر رمضان شهر التراويح وقيام الليل نماذج من قصص التابعين في قيام الليل ذكر بعض انتصارات المسلمين في شهر رمضان المبارك يا إخوتاه! هذا الشهر رفع الله فيه أهل السنة والجماعة برفعته لإمامهم، لما ابتلي الإمام أحمد في العشر الأواخر من رمضان وصبر خرج من المحنة ذهباً أحمر خالصاً، فقالوا لـ بشر: ألا تقوم لترى ما فيه أحمد ؟ فيقول بشر: حفظ الله أحمد من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن يساره، أتريدون مني أن أقوم مقام الأنبياء وورثة الأنبياء!
فذهب الشافعي و أبو حنيفة رحمه الله إلى هذه النظرية، وخالفهم في ذلك مالك ، وهو الحق، وقد ورد أنهم في الجنة يأكلون ويشربون، ولماذا لا يدخلون الجنة؟ والقرآن بين هذا في آيات كثيرة، كقوله تعالى: وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا [الأنعام:132] والدرجات تكون في الجنة، فالله تعالى لما ذكر الإنس والجن في آيات الأنعام قال: وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا [الأنعام:132]. إذاً: فاعتقادنا السليم الصحيح أن إخواننا من الجن المؤمنين الصالحين أولياء الله يحاسبون كما نحاسب ويبعثون كما نبعث، ثم بعد ذلك يدخلون الجنة ويعيشون في نعيمها كالإنس، ولا فرق بينهم وبين الإنس، وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا [الأنعام:132]. وهؤلاء الجن لما وفدوا على الرسول صلى الله عليه وسلم شكوا إليه الحاجة، فبين لهم أن يأكلوا العظام والروث والبعر، وأرشد أمته إلى أن من أكل عظماً لا يوسخه بوسخ ولا يرميه في المزبلة، والبعر والروث ما يستنجي به ولا يمسح به الأذى أيضاً؛ لأنه طعام إخواننا من الجن، ومعنى هذا أنهم عاجزون عن العيش والبناء، فلا يستطيعون أن ينشئوا مزرعة ولا أن يبنوا داراً، يعيشون هكذا كالحيوانات، وسبحان خالقهم خالق الإنس والجن.
قلت: من العلماء من حمله على الوجوب ثم إنه نسخ. قال ابن عباس: نسخت هذه الآية بقوله: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة} الآية. وقال السدي: نسخت بقوله: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى} الآية ومنهم من حمل هذا الأمر على الندب. قال مجاهد: إن أبا أيوب الأنصاري شهد بدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتخلف عن غزوة غزاها المسلمون بعده فقيل له في ذلك، فقال: سمعت الله يقول: {انفروا خفافًا وثقالًا} ولا أجدني إلا خفيفًا أو ثقيلًا وقال الزهري: خرج سعيد بن المسيب وقد ذهبت إحدى عينيه فقيل له: إنك عليل صاحب ضر فقال: استنفر الله الخفيف والثقيل فإن لم يمكني الحرب كثرت السواد أو حفظت المتاع. انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا باموالكم. وقال صفوان بن عمرو: كنت واليًا على حمص فلقيت شيخًا قد سقط حاجباه على عينيه من أهل دمشق على راحلته يريد الغزو فقلت يا عم أنت معذور عند الله، فرفع حاجبيه وقال: يا ابن أخي استنفرنا الله خفافًا وثقالًا إلا أنه من يحبه يبتليه والصحيح. هو القول الأول أنها منسوخة وأن الجهاد من فروض الكفايات ويدل عليه أن هذه الآيات نزلت في غزوة تبوك وأن النبي صلى الله عليه وسلم خلف في المدينة في تلك الغزوة النساء وبعض الرجال فدل ذلك على أن الجهاد من فروض الكفايات ليس على الأعيان والله أعلم.
ونحن مذ تركنا الجهاد نمت فينا الخلافات وتعددت التكتلات والفرق ولا خلاص من هذه الحالة إلا بالجهاد، فالجهاد للمؤمن أسمى غاية وأعلى مثل يمكنه أن يضحى له بنفسه، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ماترك قوم الجهاد إلا ذلوا..... نعم.. إن الجهاد أربح تجارة. والله سبحانه وتعالى يدعونا إلى هذه التجارة الرابحة بقوله: يَاأَيهَا الذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (الصف: 10-11). بمعنى أن الله سبحانه يقول: إنني أدعوكم أيها المؤمنون إلى أربح تجارة وأعظمها حيث تفوزون بحياة خالدة عزيزة سعيدة في الجنة فضلاً عن نجاتكم من نار جهنم. نعم، الجهاد الذي هو إنارة كل موضع في الأرض وإبلاغ أنوار اسم سيد المرسلين إلى أشد الأماكن ظلاماً، وإنارة العالم كله بنور القرآن المبين.. 8#. الصفحة 194 - انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم -ماهر المعيقلي- مكررة 10 مرات - YouTube. هذا الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة. وسيظل المؤمنون في مستوى المسؤولية لأداء مهمة الأمة الوسط وحقها بين الدول والشعوب. ولأن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين أدركوا هذا السر فقد كانوا يراجعون الرسول صلى الله عليه وسلم ويسألونه المزيد من طرق الخير.
واختاره الطبري. وأنت إذا أمعنت النظر في هذا القول، تبين لك أنه حصر للآية ضمن نطاق معين، هو نطاق عهد الرسالةº وضمن زمان معين، هو زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وموجَّه لأشخاص معينين، هم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. وإذا استحضرنا في هذا السياق القاعدة التفسيرية القائلة: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، تبين لنا مدى قرب هذا القول من الصواب أو بعده عنه. القول الثاني: أن الخطاب في الآية ليس على عمومه، وإنما خاص بأهل العلم، الذي فرَّغوا أنفسهم لطلب العلم وتعليم الآخرين، وتكون مهمة هؤلاء تعليم المجاهدين بعد عودتهم ما فاتهم من تحصيل للعلم، أثناء فترة نفرهم وجهادهم. تفسير آية "انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا ......"مسابقة الجهاد في سبيل الله. وهذا القول مال إليه القرطبي ، ونصره ابن عاشور بقوة، ووهَّن قول من قال بخلافه. ووجَّه أصحاب هذا القول معنى الآية، فقالوا: إن الجهاد ليس فرض عين على كل مكلف، وإنما هو فرض على الكفايةº إذ لو نفر كل المكلفين للجهاد، لضاع مَن وراءهم من الأهل والأولاد، وإذا كان الأمر كذلك، فالمطلوب أن يخرج فريق من المؤمنين للجهاد والدعوة في سبيل الله، ويقيم فريق آخر يتفقهون في دين الله، ويحفظون من ورائهم الأنفس والأعراض والأموال، حتى إذا عاد المجاهدون من جهادهم، علَّمهم المقيمون ما تعلموه من أحكام الشرع.
فلا يقتضي الأمر في الآية - وفق هذا القول - وجوب النفير على كل مسلم، فالعاجز والمريض ونحوهما لا يشملهما الخطاب. وإنما يجري العمل في كل جهاد على حسب ما يقتضيه الحال، وما يقتضيه المقام. تفسير: (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون). والمعنى - وفق هذا القول - وجوب النفير لمن كان من أصحاب النفير، وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ( وإذا استنفرتم فانفروا) رواه البخاري و مسلم. القول الثالث: أن الآية منسوخة، وهو مروي عن ابن عباس وهو قول محمد بن كعب ، و عطاء. والناسخ عند من قال بهذا القول، قوله تعالى: { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة} قال القرطبي معقبًا على هذا القول: \" والصحيح أنها ليست بمنسوخة \". أما المعنى العام لقوله تعالى: { وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} فالمفسرون في معنى الآية على قولين: الأول: أن يقال: ما كان المؤمنون لينفروا جميعًا، ويتركوا رسول الله وحدهº فالله سبحانه ينهى بهذه الآية المؤمنين به، أن يخرجوا في غزو وجهاد وغير ذلك من أمورهم، ويَدَعَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحيداً. ولكن عليهم إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لجهاد، أن ينفر معه طائفة من كل قبيلة من قبائل العرب، كما قال الله جل ثناؤه: { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة} وهذا القول هو أحد الأقوال المروية عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى الآية، وهو قول الضحاك و قتادة.
الروابط المفضلة الروابط المفضلة