اخبرتها مرة ان ماتفعله لايجوز وان لي حقا عليها فقالت لي اننا اتفقنا منذ البداية على هذا وان غيرت رأيي فهذه مشكلتي وقالت اننا سننفصل في النهاية ويجب ان اضع هذا في الحسبان وانها لاتزال شابة ومن حقها الزواج ثانية لااعرف كيف اتصرف معها سنة كاملة من الجفاء والبرود واللامبالاة!! إجابات السؤال
ريب أن هذا الزواج خير من تعريض الرجل للفتنة والوقوع في الحرام ، بل لا مقارنة بين الأمرين. والمقصود: أنه يجوز لك الزواج من ثانية ولو استقامت حياتك مع الأولى ، فكيف إذا كان الأمر على ما وصفت. وينبغي أن تسترضي والديك وتقنعهما بحاجتك للزواج ، وقدرتك على التغلب على مشكلة الأولاد ورعايتهم. ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد. والله أعلم.
وجاء اليوم الذي علمت فيه، وكانت لها صدمة، ودخلت في حالة من البكاء والقيء؛ حتى أنها لم تأكل لأيام إلا قليلًا، وحاولت أن أشرح لها الأسباب، وأني اخترت الثانية بمواصفات معينة؛ كي لا تكون بديلًا عنها، لكنها لا تقبل الفكرة، خصوصًا حين علمت أنني أرتاح في الكلام مع الأخرى أكثر منها، وكان هذا خطئي أنها عرفت ذلك، فأصبحت لا تتحمل الغيرة، خصوصًا أنها قالت: إنها تحبني جدًّا، ولا تستطيع أن تتخيلني مع أخرى أبدًا، وبدأت نفسيتها تهدأ قليلًا، وتغيرت معاملتي لها، وأصبحت أعاملها بلطف قدر ما أستطيع، رغم بعض المشاحنات بسبب الغيرة؛ لأن السر قد خرج ولم يعد يخنقني.
وإنما المرادُ أن يتركَها على اعوجاجِها في الأمور المباحة. وتأمَّل رعاك الله تَنْبِيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى حقيقة وهي: « وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه »؛ لأن أعلاها رأسها، وفيه لسانُها، وهو الذي يحصُل منه الأذى؛ قاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9/ 253). طلقت زوجتي بعد زواجي عليها الملائكة. وقد ذكر هذا لبيان الحكمة مِن الوصية بهنَّ في قوله: « استوصوا بالنساء خيرًا »؛ أي: أوصيكم بهنَّ خيرًا، فاقبلوا وصيتي، وتواصَوْا فيما بينكم بالإحسان إليهنَّ. وهنا يجب التنبُّه لأمر هامٍّ وهو: أن المرأة كالرجل، لا تخلو مِن أمور محبوبةٍ ومرضية، وهي كثيرة لمن طلبها، ومِن أمور مكروهة، فلا ينبغي للعاقل أن يرجحَ مقتضى الكراهة على مقتضى المحبة، بل يُوازن كما جاء الشرعُ الحنيفُ؛ فعن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: « لا يفرك مؤمنٌ مؤمنة، إن كَرِه منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخر »؛ رواه مسلم. وما ذكرتَه في رسالتك - أخي الكريم - من أسلوب مُتَّبَع مع زوجتك، يدُلُّ على أنك لم تراعِ ما خُلِقَتْ عليه المرأةُ عمومًا، وأنها في كثيرٍ مِن الأحيان لا يُفيد معها التأديب، أو ينجح عندها النُّصح، فكيف بالضرْب والعصبية؟! والحلُّ أن تبدأ حياتك من جديد، وفْقَ ما ذكرتُه لك من معطيات، وأن تجاهدَ نفسك بالتحلي بالصبر، وحُسن العِشرة، وترْك المخاشنة والتوبيخ والتعنيف، إلا في حقوقِ الله - عز وجل - والتغافُل عن كثيرٍ من الأخطاء، وعدم الوقوف لها على صغير الأمر وكبيره، وتنازَلْ عن بعض حقوقك، ولا تنشد الكمالَ؛ فإنه يؤدِّي إلى الطلاق.
ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَيَّنَ لنا أن المرأة مِن أصل الخلقة فيها عوجٌ شديدٌ في خلْقِها وفِكْرِها، فمَن أراد منها الاستقامة التامَّة آل الأمرُ إلى طلاقِها؛ كما في الصحيحين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: « استوصوا بالنِّساء، فإنَّ المرأةَ خُلِقَتْ مِن ضلعٍ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبتَ تُقيمه كسرته، وإن تركتَه لَم يزلْ أعوج، فاستوصوا بالنساء ». وفيهما عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « المرأةُ كالضلع، إن أقمتَها كسرْتَها، وإن استمتعتَ بها استمتعتَ بها وفيها عِوَجٌ »، وفي رواية عند مسلم: « إن المرأة خُلِقَتْ مِن ضلع لن تستقيمَ لك على طريقةٍ، فإن استمتعتَ بها استمتعتَ بها وبها عِوَجٌ، وإن ذهبتَ تُقيمها، كسرتها وكسْرُها طلاقُها ». فبَيَّنَ صلى الله عليه وسلم بأوجزَ عبارةٍ وأفصحها كيف يتمكَّن للرجل أن يسوسَ المرأة، فلا يبالِغ فتكسر، ولا يتركها فيزداد عِوَجُها، وبَيَّن الشارعُ الحكيمُ أنها إذا تعدتْ ما طبعتْ عليه مِن النقص إلى تعاطي المعصية أو ترْك الواجبات الشرعية، وجَب تقويمها بالنصح والإرشاد؛ قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6]، وقال صلى الله عليه وسلم: « كلكم راعٍ، وكلكم مسؤولٌ عن رعيته، الإمامُ راعٍ ومَسؤول عن رعيته، والرجلُ راعٍ في أهله وهو مسؤولٌ عن رعيته »؛ متَّفَق عليه.
وفقك الله لما يحب ويرضى، ويسَّرَ لك الزوجة التي تسعد بها ومعها في الدنيا والآخرة