بقلم | محمد جمال | الخميس 28 مارس 2019 - 05:49 م واقعة رفض أبليس لسيدنا أدم عليه السلام كانت من الوقائع المهمة التي تضمنتها دفتا كتاب الله عز وجل ومؤشر علي طرد أبليس من رحمة الله كما جاء في قوله تعالي " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لاَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاّ إِبْلِيسَ أَبَىَ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) البقرة الآية 34. فالله تعالي أمر الملائكة كلهم بالسجود لآدم ، وهذا أكرام عظيم من الله تعالي لآدم حين شرفه باربع تشريفات وهي: الإولي ، خلقــه له بيديه والثانية ، نفخ فيه من روحه والثالثة ، أمر ملائكته بالسجود اليه ، والرابعة ،علمه أسمــاء كل شيء. مصدقا لقوله:" فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ "الحجر:29. فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه. الأمر تكرر كذلك في سورة الاعراف حيث قال تعالى:" وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)) الشاهـــد هنا إن ابليس من فساد نفسه قاس نفسه بآدم كنل قال الأم حسن البصري قاس ابليس وهو اول من قاس.
14342- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم) ، يقول: خلقنا آدم، ثم صورنا الذرية في الأرحام. 14343- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم) ، قال: خلق الله آدم من طين =" ثم صورناكم "، في بطون أمهاتكم خلقًا من بعد خلق: علقة، ثم مضغة، ثم عظامًا, ثم كسا العظام لحمًا, ثم أنشأناه خلقًا آخر. (45) 14344- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة قال: خلق الله آدم، ثم صوّر ذريته من بعده. 14345- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمر بن هارون, عن نصر بن مُشارس, عن الضحاك: (خلقناكم ثم صورناكم) ، قال: ذريته. فسجدوا الا ابليس ابى. (46) 14346- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان, عن الضحاك, قوله: (ولقد خلقناكم) ، يعني آدم = (ثم صورناكم), يعني: ذريته. * * * وقال آخرون: بل معنى ذلك: " ولقد خلقناكم "، في أصلاب آبائكم =" ثم صورناكم "، في بطون أمهاتكم. * ذكر من قال ذلك: 14347- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن شريك, عن سماك, عن عكرمة: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم) ، قال: خلقناكم في أصلاب الرجال, وصوّرناكم في أرحام النساء.
(52) ---------------------- الهوامش: (45) الأثر: 14343 - (( بشر بن معاذ العقدي)) ، مضى مرارًا ، وهذا إسناد يدور في التفسير دورانًا ، ولكنه جاء هنا في المخطوطة والمطبوعة: (( بشر بن آدم)) ، وهو خطأ. لا شك في ذلك. (46) الأثر: 14345 - (( عمر بن هارون بن يزيد البلخي)) ، متكلم فيه وجرح ، مضى برقم: 12389. و (( نصر بن مشاري)) أو (( نصر بن مشيرس)) ، هو (( أبو مصلح الخراساني)) مشهور بكنيته ، وكذلك مضى في الأثر رقم: 12389. وكان في المطبوعة: (( مشاوش)) ، وفي المخطوطة: (( مشاوس)) والصواب ما أثبته. (47) انظر هذا من خطاب العرب فيما سلف 2: 38 ، 39 ثم ص: 164 ، 165 ، ومواضع أخرى بعد ذلك في فهرس مباحث العربية والنحو وغيرها. (48) انظر القول في (( ثم)) فيما سلف ص: 233. فسجدوا الا ابليس كان من الجن. (49) كان في هذه الجملة في المخطوطة تكرار ، ووضع الناسخ في الهامش ( كذا) ، والصواب ما في المطبوعة. (50) لم أعرف قائله. (51) في المخطوطة: (( وإن كان يعبر فنرنها في الكلام)) ، فلم استبن لقراءتها وجهًا أرضاه ، فتركت ما في المطبوعة على حاله ، لأنه مستقيم المعنى إن شاء الله. (52) انظر ما سلف 1: 501 - 512.
· وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إِنَّ عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْرِ فَيَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَيَفْتِنُونَ النَّاسَ فَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً " رواه مسلم برقم 5031 ، وأحمد برقم 1427. فإبليس عليه لعنة الله ما زال حياً ، وسيموت في الوقت المعلوم الذي أنظره الله إليه ، وهو على الراجح من قول أهل العلم: يوم النفخة الأولى. والله تعالى أعلم.
قال القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية: " قال ابن عباس: أراد به النفخة الأولى. أي حين تموت الخلائق. وقيل: الوقت المعلوم الذي استأثر الله بعلمه ويجهله إبليس فيموت إبليس ثم يُبعَث ؛ قال الله تعالى: ( كل من عليها فان) " تفسير القرطبي ( 10 / 27). وروى الطبري في تفسيره عن السُدِّي: " ( قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم): فلم يُنْظِرهُ إلى يوم البعث ولكن أنظره إلى يوم الوقت المعلوم ، وهو يوم ينفخ في الصور النفخة الأولى فصعق من في السموات ومن في الأرض فمات " ( 8 / 132). قال الإمام الشوكاني في تفسير هذه الآيات: ".. لماذا لم يسجد إبليس لآدم؟ | مركز الهدى للدراسات الإسلامية. ( إلى يوم الوقت المعلوم): الذى قَدَّرَهُ الله لفناء الخلائق وهو عند النفخة الآخرة ، وقيل هو النفخة الأولى. قيل إنما طلب إبليس الإنظار إلى يوم البعث ليتخلص من الموت لأنه إذا أنظر إلى يوم البعث لم يمت قبل البعث وعند مجىء البعث لا يموت فحينئذ يتخلص من الموت فأجيب بما يبطل مراده وينقض عليه مقصده وهو الإنظار إلى يوم الوقت المعلوم وهو الذى يعلمه الله ولا يعلمه غيره " فتح القدير ( 4 / 446). فهذا يدل على أن إبليس - لعنه الله - ما يزال حياً ، وأنه ما يزال يُفسد في الأرض ويُضِّل الناس عن سبيل الله.
* ذكر من قال ذلك: 14354- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عمن ذكره قال: (خلقناكم ثم صورناكم) ، قال: خلق الله الإنسان في الرحم, ثم صوّره، فشقَّ سمعه وبصره وأصابعه. امتناع ابليس عن السجود لآدم في القرآن الكريم. * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: تأويله: (ولقد خلقناكم) ، ولقد خلقنا آدم = (ثم صورناكم) ، بتصويرنا آدم, كما قد بينا فيما مضى من خطاب العرب الرجلَ بالأفعال تضيفها إليه, والمعنيُّ في ذلك سلفه, (47) وكما قال جل ثناؤه لمن بين أظهر المؤمنين من اليهود على عهد رسول الله: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ ، [سورة البقرة: 63]. وما أشبه ذلك من الخطاب الموجَّه إلى الحيّ الموجود، والمراد به السلف المعدوم, فكذلك ذلك في قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم) ، معناه: ولقد خلقنا أباكم آدم ثم صوَّرناه. وإنما قلنا هذا القول أولى الأقوال في ذلك بالصواب, لأن الذي يتلو ذلك قوله: (ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) ، ومعلوم أن الله تبارك وتعالى قد أمر الملائكة بالسجود لآدم، قبل أن يصوِّر ذريته في بطون أمهاتهم, بل قبل أن يخلُق أمهاتهم. و " ثم " في كلام العرب لا تأتي إلا بإيذان انقطاع ما بعدها عما قبلها, (48) وذلك كقول القائل: " قمت ثم قعدت ", لا يكون " القعود " إذ عطف به بـ" ثم " على قوله: " قمت " إلا بعد القيام, (49) وكذلك ذلك في جميع الكلام.